كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

واللزوم وهو مختار غيره، وفي الدرّ المصون أنّ هذا التقدير سبق الزمخشري إليه غيره من السلف كالكلبي وقوله: فعليها وباله لم يقدر فعليها عمى كما قدره الزمخشري لأنّ عمى لم يعهد تعديه بعلى بخلاف ما قدّره فإنه لا يحتاج إلى تكلف تأويل، وقيل إنه قدّر في إحداهما الفعل وفي الأخرى الاسم إشارة إلى جواز كل من المسلكين، والمراد بالعمى والبصر الهدى والضلال كما أشار إليه المصنف رحمه الله، ومن هذا عرفت أنّ الظرف المقدر متعلقه فعلاً يقع جواب الشرط مع الفاء أو بدونها كما يؤخذ من كلام الزجاج، وقد ردّه في المغني وليس بصواب كما ستراه. قوله: (والله سبحانه وتعالى هو الحفيظ (الحصر مستفاد من تقديم المسند إليه على ما عرف من مذهب الزمخشري من عدم اشتراط الخير الفعلي، وقوله وهذا الخ يعني قد جاءكم بصائر إلى
هنا كما صرّح به في الكشاف لا قوله: {وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ} فقط كما قيل وعلى هذا فقل مقدرة كما صرّح به شراح الكشاف، وأمّا ما قيل الورود على لسانه لا يقتضي هذا التقدير، فإنّ منشئ القصيدة على لسان غيره لا يضمر القول فتخيل فاسد، وإنما نظيره ما إذا وصف متكلم نفسه، ثم ذكر ما لا يصح إسناده إليه فإنه لا بد من تقدير الحكاية والا فسد كلامه، واختل نظامه، وقوله مثل ذلك قد مز شرحه. قوله:) وليقولوا الخ) قدر صرفنا ماضياً والزمخشرفي قدره مضارعا متأخرا قيل لقصد التخصيص، وفيه نظر واللام لام العاقبة وهي مجاز منقول من التعليل ولذا عطف عليه الغرض وجوّز أن يكون على الحقيقة أبو البقاء وغيره لأنّ نزول الآيات لا ضلال الأشقياء وهداية السعداء، قال تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً} [سورة البقرة، الآية: 26] وبجوز أن يكون التقدير لينكروا وليقولوا الخ، وقيل هذه اللام للأمر ويؤيده إنه قرئ بسكونها كأنه قيل، وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا هم ما يقولون، فإنهم لا احتفال بهم ولا اعتداد بقولهم وهو أمر معناه الوعيد والتهديد وعدم الاكتراث بقولهم، وفي الدرّ المصون فيه نظر لأنّ المعنى على ما قالوه وأيضا فإنّ قوله ولنبينه نص في أنّ اللام لام كي، وأما تسكين اللام في القراءة الشاذة فلا دليل فيها لاحت! مال إنها خففت لإجرائها مجرى كبد، وكونها معترضة ولنبينه متعلق بمقدر معطوف على ما قبله وان صححه لا يخرجه عن كونه خلاف الظاهر، وعبارة الزمخشرفي هنا، وليقولوا جوابه محذوف تقديره وليقولوا درست نصرّفها، ومراده بالجواب المتعلق، وهو اصطلاج منه وقع في مواضمع من كتابه قال المعرب سماه جوابا لأنه يقع جوابا للسائل الذي يقول أين متعلق هذا الجارّ، فلا يرد عليه ما قاله أبو حيان، ولكونه خلاف الظاهر عدل عنه المصنف رحمه الله. قوله: (درست من الدروس الخ) فيه قرا آت ثلاث متواترة وما عداها شاذة فقرأ ابن عامر درست كضربت، وابن كثير وأبو عمرو دارست كقاتلت، والباقون درست أنت كضربت، ومعنى الأولى قدمت وتكرّرت على الإسماع كقوله: {أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} [سورة الأنعام، الآية: 25] ومعنى الثانية دارست يا محمد غيرك ممن يعلم الأخبار الماضية، كقوله: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ} [سورة النحل، الآية: 103] الآية ومعنى الثا اصة حفظت، واتقنت بالدرس أخبار من مضى كقوله تعالى: {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [سورة الفرقان، الآية: هـ، وقرئ في الشواذ درست ماضياً مجهولاً، وفسرت بتليت
وعفيت أي الآيات، واعترض! على الثاني بأنّ درس بمعنى انمحى لازم لم يعرف متعديا في اللغة والاستعمال، ورذ بأنه ورد متعديا قال الزبيدي درس الشيء يدرس دروسا عفا ودرسته الريح، وقال النحرير: جاء درس لازما ومتعدياً لمعنيين وقرئ دزست مشددا معلوما وتشديده للتكثير أو للتعدية والتقدير درست غيرك الكتب، وقرئ مشدداً مجهولاً، وقرئ دورست على مجهول فاعل، ودارست بالتأنيث والضمير للآيات أو للجماعة، وقرئ درست بضم الراء والإسناد للآيات مبالغة في محره أو تلاوته لأنّ فعل المضموم للطبائع والغرائز، وقرأ أبيّ رضي الله عنه درس وفاعله ضمير النبيّ ع! ي! أو الكتاب إن كان بمعنى انمحى ودرسن بنون الإناث مخففا ومشدداً، وقرئ دارسات بمعنى قديمات أو بمعنى ذات درس أو دروس كعيشة راضية وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هي دارسات، وقراءة المفاعلة إمّا على أنه بمعنى أصل الفعل، أو تأويله بما مرّ تحققه في قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللهَ} [سررة البقرة، الآية: 9] . قوله: (اللام على أصله (قال الشريف قدس سرّه: أفعاله تعالى

الصفحة 109