كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

عدا عليه بمعنى تعدى وتجاوز وهو مفعول مطلق لتسبوا من معناه لأنّ ال! سب عدوان أو مفعول له أو حال مؤكدة مثل بغير علم، وقرأ ابن كثير في رواية عنه عذوا بفتح العين وضم الدال وتشديد الواو على أنه حال. قوله: (وفيه دليل الخ) يعني إذا أذت إلى معصية راجحة على معصية ترك الطاعة وكانت سببا لها بخلاف الطاعة في موضع فيه معصية لا يمكن دفعها وكثيرا ما يشتبهان، ولذا لم يحضر ابن سيرين جنازة اجتمع فيها الرجال والنساء، وخالفه الحسن للفرق بينهما كما في الكشاف، وقد علم مما مرّ في تفسير قوله تعالى: {فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أسورة الأنعام، الآية: 68] ما هو الصحيح عند فقهائنا، كما أفاده شيخنا المقدسي في الرمز من أنه لا يترك ما يطلب لمقارنة بدعة كترك إجابة دعوة لما فيها من الملاهي، وصلاة جنازة لنائحة فإن قدر على المنع منع والا صبر، وهذا إذا لم يكن مقتدى به والا فلا يقعد لأنّ فيه شين الدين، وما روي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه ابتلى به كان قبل صيرورته إماما يقتدى به، وقال الإمام أبو منصور كيف نهانا الله عن سب من يستحق السب لئلا يسب من لا يستحقه وقد أمرنا بقتالهم، وإذا قاتلناهم قتلونا وقتل المؤمن بغير حق منكر وكذا أمر النبيّ لمجز بالتبليغ والتلاوة عليهم وان كان يكذبونه وأجاب بأنّ سب الآلهة مباج غير مفروض! ، وقتالهم فرض وكذا التبليغ وما كان مباحاً نهى عما يتولد منه ويحدث وما كان فرضا لا ينهي عما يتولد منه، وعلى هذا يقع الفرق لأبي حنيفة فيمن قطع يد قاطع قصاصاً فمات منه فانه يضمن الدية لأنّ استيفاء حقه مباج، فأخذ بالمتولد منه، والإمام إذا قطع يد السارق فمات لا يضمن، لأنه فرض! عليه فلم يؤخذ بالمتولد منه انتهى، ومنه تعلم أنّ قوله الطاعة ليس على إطلاقه. قوله:) من الخير والشر الخ) وقوله في الكشاف مثل ذلك التزيين زينا لكل أمّة من أمم الكفار سوء عملهم أي خليناهم، وشأنهم ولم نكفهم حتى حسن عندهم سوء عملهم، أو أمهلنا الشيطان حتى زين لهم، أو زيناه في زعمهم، وقولهم إنّ الله تعالى أمرنا بهذا وزينه لنا، يعني أن ظاهر الآية يقتضي أنه تعالى
زين للكافرين الكفر وعملهم القبيح، وتزيين القبيح قبيح، والله متعال عنه على أصول المعتزلة، فلذا أوّل الآية بوجوده رجح منها الوص! الثاني لمناسبته لوصف ايمفرة قبله، والمصنف رحمه الله تعالى ذكر وجها آخر وترك ما ذكره لعدم الحاجة إليه عندنا ولم يجعل التشبيه فيه من قبيل ضربته كذلك لخفائه قيل: ولأنه يأباه قوله لكل أثة، وفيه نظر والمشبه بالنصب عطف على اسم أن ويجوز رفعه. قوله:) مصدر في موقع الحال) أو حال مؤوّل باسم الفاعل أو منصوب بنزع الخافض أي أقسموا بجهد أيمانهم أي أوكدها، وقد مرّ الكلام عليه في المائدة والتحكم إظهار الحكومة وتكلفها باقتراج الآيات. قوله: الئن جاءتهم آية الخ (كإنزال الملائكة وغير ذلك، وفيه إشارة إلى أن ما جاءهم ليس بآية عندهم كما يدلّ عليه، وقوله:) واستحقار (فلا حاجة إلى التقييد بقوله من مقترحاتهم إلا أن يكون لبيان الواقع. قوله:) وليس شيء منها بقدرتي الخ) في الكشاف إنما الآيات عند الله وهو قادر عليها، ولكنه لا ينزلها إلا على موجب الحكمة أو إنما الآيات عند الله لا عندي فكيف أجيبكم إليها وآتيكم بها، والمصنف رحمه الله أشار إلى أن العندية بمعنى كونها مقدورة له تعالى، والمقصود من الحصر نفي القدرة عن نفسه ليبين أنه لا يمكنه أن يجيبهم بها، وزاد الزمخشري وجهاً آخر، وهو أن المراد أنّ الآيات منحصرة في المقدورية لا تتعداها إلى النزول بغير حكمة قيل: ولم يلتفت إليه المصنف لما قال النحرير إق فائدة الحصر يعني فكيف أجيبكم الخ لا تظهر على هذا الوجه ويمكن أن تظهر بأنه لا حكمة فيما يطلبونه فلا يمكن أن يجيبهم به، ويمكن أن يقال إن المصنف رأى تقارب الوجهين فجعلهما وجها واحداً وقد جنح إلى هذا من قال العندية من حيث القدرة، ومن حيثية الإتيان بالمشيئة إن اقتضته الحكمة، وقوله:) أنّ الآية المقترحة) إشارة إلى أنّ الضمير راجع للآية لا للآيات لأن عدم إيمانهم عند مجيء ما اتترحوه أبلغ في توبيخهم قيل ولو جعل الضمير للآيات لكان فيه مزيد مبالغة في بعدهم عن الإيمان وبلوغهم في العناد غاية الإمكان، ولا يخفى ما فيه إلا أن يلاحظ أنه باعتبار شمولها للمقترحة وغيرها فتأفل. قوله:) وما يدريكم (استفهام إنكار وهو في المعنى نفي وفي بعض الحواشي، ما استفهامية لا نافية والا يبقى

الصفحة 111