كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

لهم وليى مقصود الآية، وقال الزمخشرقي على الكسر ثمّ الكلام عند يشعركم ثم أخبرهم بعلته، ووجه الفتح بستة أوجه فصلها صاحب الدرّ المصون. قوله: (فلا يؤمنون) إشارة إلى أنه ليس المراد بتقليب الإبصار حقيقته، وقوله: (بما أنزل من الآيات (إشارة إلى أنّ الضمير راجع إلى الآيات بتأويله بما أنزل وقولهه هداية المؤمنين يعني الدلالة الموصلة، وقيل إنه لله والرسول أو القرآن أو التقليب وهو بعيد. قوله: (وحثرنا عليهم كل شيء قبلا (معنى حشرنا سقنا ما اقترحوه من هذه الأشياء، وقوله: (فقالوا الخ) بيان لقوله ولو أننا أنزلنا، وقوله: (فآتوا بآبائنا) بيان لقوله وكلمهم الموتى وفسره بالنظم القرآنيّ، وقوله: (أو تأتي) بيان لقوله وحشرنا عليهم كل شيء والتعبير بكل تنزيلاً لأعظم الشيء منزلة كله أو مبالغة،
وكون قبلاً الجمع حالاً من كل لأنه يجوز مراعاة معناه ولفظه كما نص عليه النحاة واستشهدوا بقوله:
جادت عليه كل عين ثزة فتركن كل حديقة كالدرهم
إذ قال تركن دون تركت فلا حاجة إلى ما قيل إنه باعتبار لازمه وهو الكل المجموعيّ،
وهو معنى قوله وإنما جاز ذلك لعمومه مع الإشارة إلى مصحح الحال من النكرة مع تأخرها، وفي قبلا قرا آت كسر القاف وفتح الباء وضمهما، وقرئ في الشواذ بضم فسكون وغير ذلك فقبلا بكسر وفتح بمعنى مقابلة ومشاهدة وهو حال كما قاله الفراء والزجاج وعليه أكثر أهل اللغة وهو مصدر وعن المبرد أنه بمعنى جهة وناحية فانتصابه على الظرفية كقولهم لي قبل فلان كذا، وأما المضموم فقيل جمع قبيل بمعنى كفيل، ومنه القبالة لكتاب العهد والصك أو قبيل بمعنى جماعة والمعنى عليه حشرنا عليهم كل شيء فوجا فوجا وجماعة جماعة ويكون بمعنى الأوّل أيضا أي معاينة ومقابلة، كقوله: {إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ} [سورة يوسف، الآية: 26] . قوله: (ما كانوا ليؤمنوا) جواب لو وهواداً كان منفيا لا تدخله اللام ولذا اعترض على الحوفي رحمه الله في قوله إنّ اللام فيه مقدرة أي لما، وقوله: لما سبق عليهم القضاء بالكفر بتشديد الميم وتخفيفها، وقيل عليه إنّ فيه تعليل الحوادث بالتقدير الأزلي، ولا يخفى فساده بل لبطلان استعدادهم وتبدل فطرتهم القابلة بسوء اختيارهم وتبعه من قال: في تفسيره أي ما صح واستقام لهم الإيمان لتماديهم في العصيان وغلوّهم وتمردهم في الطغيان وأما سبق القضاء عليهم بالكفر فمن الأحكام المترتبة على ذلك حسبما ينبئ عنه قوله: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [سورة الأنعام، الآية: 10 ا] وليس بشيء لأن ما ذكره على مذهب الأشعري القائل بأنه لا تأثير لاختيار العبد وان قارن الفعل عنده، ولا يلزم الجبر كما يتوهم على ما حققه أهل الأصول ولا خفاء في كون القضاء الأزليّ سببا لوقوع الحوادث ولا فساد فيه، وأما سوء اختيار العبد فحسبب للقضاء الأزلي، وتحقيقه كما قيل إن سوء الاختيار، وان كان كافيا في عدم وقوع الإيمان لكنه لا قطع فيه لجواز أن يحسن الاختيار بصرفه إلى الإيمان بدل صرفه إلى الكفر فكان سوء اختياره فيما لا يزال مسببا للقضاء بكفره في الأزل فبعد القضاء به يكون الواقع منه الكفر حتما، كما قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [سورة السجدة، الآية: 13] . قوله: (استثناء من أعتم الآحوال الخ) وجوّز أن يكون من أعمّ الأزمان والظاهر الأوّل فإن لوحظ أن جميع أحوالهم شاملة لحال تعلق المشيئة بهم فهو متصل وان لم يلاحظ أنّ حال المشيئة
ليس من أحوالهم كان منقطعاً أي لكن إن شاء الله آمنوا واستبعده أبو حيان ولام فيه المصنف رحمه الله، وقوله:) حجة واضحة على الصعتزلة (قال أهل السنة لما ذكر الله تعالى إنهم لا يؤمنون إلا إن شاء الله إيمانهم فلما لم يؤمنوا دل على أنه تعالى ما شاء إيمانهم بل كفرهم، وأجابوا عنه بأن المراد مشيئة قسر وإكراه وعدم إيمانهم يستلزم عدم المشيئة القسرية وهو لا يستلزم عدم المشيئة مطلقاً فتأمّل. قوله: (ولذلك أسند الجهل إلى كثرهم الخ (أي لكونه جهلا مخصوصا بالمقسم عليه أسند إلى الأكثر مع أنّ مطلق الجهل يعئم جميع الكفار وكذا الكلام في تقييد جهل المسلمين بيمينهم، وليس الظاهر الخطاب حينئذ كما قيل، وقوله: ولكن كثر المسلمين ليس الوجهان مبنيين على اختلاف القراءتين لئلا يلزم ترجيح القراءة الشاذة على المشهورة بل على تقدم ذكر المقترحين المقسمين والمسلمين المتمنين لحصول ما اقترحوا وأن قوله وما يشعركم إنكار على المسلمين بوجه يتضمن الإنكار على المقسمين. فوله: (وهو دليل الخ) رذ على الزمخشريّ حيث فسره بقوله: كما

الصفحة 113