كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

منه فقيل إنه مستفاد من تعريف المسند كما أشار إليه بقوله هو المستحق للعبادة بناء على كون أصله الإله وبذلك الحصر جوّز
الزمخشريّ تعلق الجار بمعنى اسم الله على تقدير المتوحد بالألوهية في السماوات والأرض وجوّز كون يعلم سركم وجهركم بيانا وتقريراً معللاً بأنّ الذي اسنوى في علمه السر والعلانية هو الله وحده، وهو ماخوذ من كلام الزجاج فإنه جعله ردّاً على المشركين حيث قال: المعنى هو المنفرد بالتدبير في السماوات والأرض خلافاً للمخذول القائل بأن المدبر فيهما غيره واليه أشار بقوله المتوحد بالألوهية فيهما، قال ابن الحاجب رحمه الله: وفائدة قوله أنا زيد الأخبار عما كان يجوز أنه متعدد بأنه واحد في الوجود وهذا إنما يكون إن كان المخاطب قد عرف مسميين أحدهما في ذهنه، والآخر في الوجود فيجوز أن يكونا متعدّدين فماذا أخبر المخبر بأحدهما عن الآخر كان فائدته أنهما في الوجود ذات واحدة فالإلهية بمعنى التدبير وهي المصحح للظرفية والتعلق به، وان توحده بذلك والحصر مستفاد من تعريف الطرفين سواء فيه الألف واللام وغيرهما كالعلمية كما يؤخذ من كلام الكشاف، وبه صرح ابن الحاجب وما وقع في بعض الكتب المعاني مما يقتضي أنّ التعريف المفيد للحصر إنما يكون بالألف واللام أو الموصولية يخالفه، ولكن الفضل للمتقدم والتوحد وإن استفيد من تعريف الطرفين، وهو يحصل بالمجموع لكنه نسبة بينهما يصح إسناده إلى الثاني لأنه متمم الفائدة فلذا صح تعلقه به باعتباره إذ لا وجه لتعلقه بالجملة فتأمل، فقول المحشي في وجه الحصر إنه بناء على كون أصله الإله غير مسلم، والذي غرّه ظاهر ما في كتب المعانيد، ولذا رد بعضهم تعلقه باعتبار معنى المتوحد فقال من غفل عن حصول معنى المتوحد من التركي! الحصري واعتبر معنى الحصر بعد التأويل بالمتوحد وقال إنما هو المتوحد في الإلهية لا غير لم يصب محزه، ثم إنه أورد على هذا الوجه أنّ التوحد بالألوهية أمر لا تعلق له بمكان من الأمكنة فلا معنى لجعله متعلقاً بمكان فضلاً عن جميع الأمكنة، واللازم من استواء السر والعلانية في علمه تعالى كون العالم هو الله تعالى لا وحدته نعم يلزم منه كونه هو الله دون غيره لكن أين هذا من التوحد الذي كلا منافيه، ويدفع بأن الألوهية تدبير الخلق كما عرفت وهو يتعلق بهما وبمن فيهما ومن تفرّد بتدبير جميع أمور أحد لزمه معرفة جميعها حتى يتم له تدبيرها فالجملة الثانية لازمة للأولى فلا وجه لما أورده فتدبر. قوله: (والجملة خبر ثان الخ) يعني على الوجهين ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ بمعنى هو يعلم سركم وجهركم كذا قدرو. كما هو دأبهم في الجملة المستأنفة فقيل هو مستدرك، وقيل قد جرت عادته في مثله أن يقدر مبتدأ، ولا يظهر له وجه يعتد به تلت ليس هو أبو عذرته فإنه قدره كذلك قدماء النحاة وفي دلائل الإعجاز إنه يقدر ذلك فيما إذا كان المستأنف فعلاَ فاعله ضمير مستتر فإنّ الظاهر ارتباط الكلام مما قبله لعود ضمير منه عليه فاذا قدّر ذلك ظهر انقطاعه عما قبله فسلك به مسلك النعت المقطوع رفعاً وان لم يكن ثمة ضرورة ملجئة إليه، وعلى الابتدائية هل هو استئناف بياني جواباً لسؤال مقدّر كأنه لما قيل هو المعبود والمعروف بالألوهية الخ قيل ما شأنه فقيل يعلم سركم الخ أو استئناف نحوي من غير تقدير
سؤال، ورجحه الفاضل وغيره لأن تقدير السؤال تكلف. قوله: (ويكفي لصحة الظرفية كون المعلوم فيهما كقولك رميت الصيد قي الحرم إذا كنت خارجه والصيد فيه) وكتب الفاضل المدقق هنا نقلاً عن الإمام التمرتاشي في الإيمان أنه إذا ذكر ظرف بعد فعل له فاعل ومفعول، كما إذا قلت إن ضربت زيداً في الدار أو في المسجد فإن كانا معا فيه فالأمر ظاهر، وان كان الفاعل فيه دون المفعول أو بالعكس فإن كان الفعل مما يظهر أثره في المفعول كالضرب والقتل والجرح فالمعتبر كون المفعول فيه وان كان مما لا يظهر أثره فيه كالشتم فالمعتبر كون الفاعل فيه، فلذا قال: بعض الفقهاء لو قال إن شتمته في المسجد أو رميت إليه فشرط حنثه كون الفاعل فيه، وان قال إن ضربته أو جرحته أو قتلته أو رميته فشرطه كون المفعول فيه وهو محل الرمي الأول بمعنى إرسال السهم من القوس بنيته وذلك مما لا يظهر له أثر في المحل، ولا يتوقف على وصوف فعل الفاعل فيعد من قبيل الأوّل والرمي الثاني إرسالط السهم، أو ما يضاهيه على وجه يصل

الصفحة 16