كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

للتأمّل بعد قضاء الأمر.
قوله: (لجعلناه رجلاَ) فيه إشعار بأنّ الرسول لا يكون امرأة وهو متفق عليه وإنما اختلف
في نبوّتها. قوله: (جواب ثان إن جعل الهاء للمطلوب الخ) في الكشاف ولو جعلنا الرسول ملكاً كما اقترحوا لأنهم تارة كانوا يقولون لولا أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ملك وتارة يقولون ما هذا إلا بشر مثلكم ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة قال النحرير في شرحه يعني أنّ لهم اقتراحين أحدهما أن ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم ملك في صورته بحيث يعاينه القوم فأجيبوا بقوله ولو نزلنا ملكا لقضى الأمر، والآخر أن ينزل إلى القوم ويرسل إليهم كان الرسول البشر ملك فأجيبوا بقوله ولو جعلناه أي الرسول المنزل إلى القوم ملكاً لجعلناه في صورة رجل وضمير جعلناه للرسول المنزل إلى القوم لا لمطلق الرسول سواء كان إلى محمد صلى الله عليه وسلم او إليهم لأنه ليس بلازم حي! حذ أن يجعل رجلاً إلا إذا خص بأن يعاينه القوم أيضا ليصح قوله لأنهم لا يبقون مع رؤية الملائكة في
صورهم والمراد بالمطلوب مقترحهم الذي اقترحوه في الآية السابقة وهو أن يكون معه ملك أنزل عليه، ولذا قيل عن كونه جوابا ثانياً إنه يأباه جعلناه ملكاً فإنّ المناسب حينئذ أن يقال ولو أنزلنا ملكاً لجعلناه رجلا قيل ولا يخقى اندفاعه بقول المصنف رحمه الله ولو جعلنا قريناً لك ملكاً وأيضاً لا فرق بين هذا وبين كونه جواباً لاقتراح آخر في كون المناسب ما ذكر لأنهم قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ولا يخفى أن الفرق مثل الصبح ظاهر، ولا يضره التعبير بالإنزال فيهما، وعلى قوله إن جعل الهاء للمطلوب إنّ المطلوب أيضا ملك إلا أن يقال لو جعلنا المطلوب ملكيته ملكاً وأنت خبير بأنّ المطلوب هو النازل المقارن للرسول دل عليه قوله والمعنى ولو جعلناه قريناً لك ملكا فلا غبار عليه، ثم إن لزوم جعل الملك النازل رجلا لجعله ملكا كما هو مفهوم الآية الثانية ينافي لزوم هلاكهم له كما هو مفهوم الآية الأولى لتوقف الثاني على عدم الأوّل لأنّ مبناه على نزوله في صورته لا في صورة رجل فالوجه أن لا تكون الآية جواباً آخر بل جوابا عن اقتراح آخر حتى لا يلزم المنافاة وإنما قيده بقوله: يعاينوه لأنه إذا لم يطلب المعاينة لم يلزم تمثله رجلاً لكن لا يخفى أن هذا القيد معتبر أيضاً في رجوع الضمير إلى الرسول فالأولى أن يؤخر عن قوله أو الرسول ملكا ليصرف إلى الوجهين معاً قلت هذا كلام مختل فإنه على تقدير كونه جوابا آخر يكون جوابا على طريق التنزل والمعنى لو أنزلناه كما اقترحوا لهلكوا ولو فرضنا عدم هلاكهم فلا بذ من تمثله بشراً لأنهم لا يطيقون رؤيته على صورته الحقيقية فيكون الإرسال لغواً لا فائدة فيه وإنما لم يدّكر المعاينة في الوجه الثاني لأنّ كونه رسولاً لهم يقتضي ملاقاته لهم ومشافهتهم بما أرسل به وهو ظاهر. قوله:) دحية) بكسر الدال ويجوز فتحها كما نقل عن الأصمعيّ وا! مشهور الأوّل وهو دحية بن خليفة الكلبيئ الصحابيّ رضي الله عنه كان من أجمل الناس صورة، ولذا كان جبريلءش! هـ يتمثل في صورته أحيانا إذا جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه أصحاب السنن ومعنى دحية رئي! الجند. قوله:) وإئما رآهم كذلك الإفراد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الخ (يصح في من أن تكون تبيينية وتبعيضية لأنّ الإفراد بمعنى المنفردين من بينهم بخصائص ليست لغيرهم وهم بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو الأفراد الذين هم أنبياء لا كلهم لأن منهم من لم يشاهدهم علر صورتهم الحقيقية، وقيل فيه خفاء قال النيسابوري رحمه الله أن نبينائلمجي! لما رأى جبريل علب الصلاة والسلام بصورته غشي عليه وجميع الرسل عليهم الصلاة والسلام عاينوا الملائكة في صورة البشر كأضياف لوط وابراهيم عليهم الصلاة والسلام وكالذين تسوّروا المحراب لكن هذ محتاج إلى نقل من الأحاديث الصحيحة وسيأتي أنه لم يره على صورته الحقيقية أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء، وأشار المصنف رحمه الله في سورة النجم إل!
عدم تيقنه إذ حكاه وفي تخريج أحاديث الكشاف لابن حجر أنه لم يرد في شيء من كتب الآثار وناهيك به حافظاً فلا يرد ما ذكر على المصنف فمن قال إنها بيانية لا تبعيضية لأن الظاهر أن لكل منهم قوّة قدسية فقد أخطأ من وجهين لأنّ المخصوص بالإفراد رؤية صورة الملك الحقيقية بالقوّة القدسية لا القوّة نفسها.

الصفحة 23