كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

حق استعمالها في المكان وهنا قيل إنه شبه الاستقرار بالزمان بالاستقرار في المكان فاستعمل استعماله فيه ولك أن تقول إنه مشاكلة تقديرية لأنّ معنى له ما في السماوات والأرض ما سكن فيهما واستقر فلذا عدى تعديته، وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله والمعنى ما اشتملا عليه من قال قوله: وتعديته بفي يشعر بأنه يجيء متعدياً بنفسه أيضاً بناه على أنّ خبر تعديته قوله كما الخ كما مرّ. قوله: (أو من السكون الخ) فهو من الاكتفاء بأحد الضدين كما في قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [سورة النحل، الآية: 81] ولذا عطف المقدر بأو إشارة إلى التضاد وعدم الاتجماع ولو عطف بالواو صح، وإنما اكتفى بالسكون عن ضد. دون العكس لأنّ السكون أكثر وجودا، وردّ بأنه لا وجه للاكتفاء بالسكون عن التحرك في مقام البسط والتقرير، واظهار كمال الملك والتصرّف قيل وفي كلام المصنف رحمه الله إشارة إلى دفعه، فإنّ السكون مع ضده كناية عن جميع التغيرات والتصرفات الواقعة في الليل والنهار، فناسب المقام ورذ بأنه لو سلمت الإشارة المذكورة لا يندفع بها قوله لا وجه للاكتفاء بالسكون عن التحرك في مقام البسط، وفيه نظر، ثم إنه قيل إنّ ما سكن يعم جميع المخلوقات إذ ليس شيء منها غير متصف بالسكون حتى المتحرك حال حركته على ما حقق في الكلام من أنّ تفاوت الحركات بالسرعة والبطء لقلة السكنات المتخللة، وكثرتها وهذا كما قيل:
إذاهبت رياحك فاغتنمها فإنّ لكل خافقة سكون
قوله: (وهو السميع لكل مسموع الخ) التعميم من حذف المتعلق وكذا قوله: فلا يخفى
عليه شيء وفيه إشارة إلى أنّ المسموع والمعلوم شامل لجميع الموجودات إذ لا يخرح عنهما شيء، وهو راجع إلى المعطوف والمعطوف عليه أي يعلم كل معلوم من الأجناس المختلفة في السماوات والأرض وش! مع هواجس كل ما يسكن في الملوين من الحيوان وغيره، وكلام الزمخشريّ ينبئ بأنه من تتمة قوله وله ما سكن وهذه الجملة يحتمل أنها من مقول القول ومن مقول الله وقوله: (ويجورّ أن يكون وعيدا الخ) هو على الأوّل بيان لإحاطة اطلاعه بعد بيان إحاطة قدرته، وعلى هذا وعيد لهم على أقوالهم وأفعالهم، ولذا خص السمع والعلم. قوله: (1 نكار لاتخاذ غير الله ولياً الخ) قال السيد: إنكار الشيء بمعنى كراهته والنفرة عن وقوعه في أحد الأزمنة، وادّعاء أنه مما لا ينبغي أن يقع يستلزم عدم توجه الذهن إليه المستدعي للجهل به المفضي إلى الاستفهام عنه، أو نقول الاستفهام عنه يستلزم الجهل به المستلزم لعدم توجه الذهن إليه المناسب للكراهة والنفرة عنه وادعاء أنه مما لا ينبغي أن يكون واقعا، وقس حال
الإنكار بمعنى التكذيب عليه. قوله: (فلذلك قدّم وأولى الهمزة) في الكشاف أولى غير الله همزة الاستفهام دون الفعل الذي هو أتخذ لأنّ الإنكار في اتخاذ غير الله وليا لا في اتخاذ الولي مطلقاً فكان أولى بالتقديم ونحوه: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [سورة الزمر، الآية: 64] {آللهُ أَذِنَ لَكُمْ} [سررة يونس، الآية: 59] يعني كما قال النحرير: أولي غير الله همزة الاستفهام وقدم المفعول للاختصاص على ما ذكر في مواضع من الكشاف وجعل قوله: {آللهُ أَذِنَ لَكُمْ} [سررة يونق، الآية: 59] لإنكار أن يكون الله أذن لهم لا لنفس الإذن، فإنه قد كان من شياطينهم، وما ذكر في المفتاح من أنّ هذا للتقوّي دون الاختصاص لأنّ هذا الإذن منكر من أقي فاعل كان مبنيّ على أنه جعل الإنكار بمعنى لا ينبغي أن يقع والزمخشريّ جعله بمعنى لم يقع فصح الاختصاص انتهى. وفي الكشف إنه تمهيد لقوله: {أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ} [سورة يونس، الآية: 59] لأنّ أم مقطعة والهمزة فيها للتقرير، وأما إذا جعلت متصلة وهو وجه أيضاً فليس مما نحن فيه، والمصنف رحمه الله ترك التمثيل بهذه الآية إقا لأنه مع صاحب المفتاح أو لأنها ليست نصا في المطلوب، وأمّا كون ولي الهمزة مستلزما لتقديمه فلا ضير فيه كما توهم، ولا يصح في غير هنا الاستثناء لفظا لتقدمه على المستثنى منه ولتوجه الإنكار إلى اتخاذ أولياء ليس الله فيهم، وقيل لا خلاف بين الزمخشريّ والسكاكي وايراد ولدلّه أذن لكم} هنا يوهم أنّ تقديم اسم الله هاهنا على الفعل كما في الموضعين، وليس بذلك إذ المراد أنّ إيلاء هذا الاسم حرف الإنكار وبناء الخبر عليه دون العكس، وأن يقال أإذن الله لكم لأنه الأصل في الاستفهام لا سيما، وقد عطف عليه أم على الله تفترون وهي فعلية

الصفحة 30