كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

اختلاف العنوان يكفي في صحة الترتيب والتعقيب ولك أن تقول إنّ الرحمة سبب للصرف سابق عليه على ما تلوّح إليه صيغة الماضي والمستقبل والترتيب باعتبار الإخبار فيها تكلف لأن السبب والمسبب لا بد من تغايرهما معنى، والحديث المذكور منهم من أخذه بظاهره، ومنهم من أوّله بأن المراد لا يجزيه أصلا وهو دقيق لأنه تعليق بالمحال! ، وأمّا كون الجواب ماضياً لفظاً ومعنى ففيه خلاف حتى منعه بعضهم في كان لعراقتها في المضيّ. قوله: (وأن يمسسك الله بضرّ) داخل في حيز قل والخطاب للرسول ع! ييه، أو عامّ لكل من يقف عليه، وهو كاللف والنشر فمس الضرّ ناظر إلى قوله إني أخاف وم! الخير إلى قوله من يصرف الخ وتقدم م! الضرّ على مس الخير لاتصاله بما قبله من الرهب الدال عليه إفي أخاف وقد مرّ الكلام في اللمس والمس هل بينهما فرق أم لا. قوله:) فلا قادر على كشفه) نفي القدرة أبلغ من نفيه لاستلزامه له، ولذا فسره به مع مناسبته لقوله فهو على كل شيء قدير، ولأن بعض الفرّ لا يكشف وقوله فكان قادراً على إدامته وحفظه في الكشاف فكان قادراً على إدامته أو إزالته وهو بيان لوجه ارتباط الجزاء بالشرط، وكلام المصنف قريب منه وتكلف بعضهم الفرق بينهما، وقيل إنّ الجواب محذوف، وقوله: {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ} [سورة الأنعام، الآية: 17] تأكيد للجوابين لأنّ قدرته على كل شيء من الخير والشرّ تؤكد أنه كاشف الضر وحافظ النعم ومديمها، ومن قال إنه وهم فقد وهم إذ لا وجه لما ذكره. وقوله إذ لا تعلق له بالجواب الأوّل بل هو علة الجواب الثاني ظاهر البطلان إذ القدرة على كل شيء تؤكد كشف الضرّ وإنكاره مكابرة وقوله فلا يقدر غيره على دفعه قيل يشير إلى أنه الجواب وفيه نظر. قوله: (تصوير لقهره وعلوّه بالنلبة والقدرة (يعني أنه استعارة تمثيلية فلا يلزم الجهة، وقوله بالغلبة متعلق بعلوّه، ويحتمل أنّ الاستعارة في الظرف بأن شبه الغلبة بمكان محسوس، وقيل إنه كناية عن القهر والعلوّ بالغلبة والقدرة وهما متعلقان بالقهر والعلوّ على طريق اللف والنشر والحاصل أنّ قوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} عبارة عن كمال القدرة كما أنّ قوله: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} عبارة عن كمال العلم، وفوق منصوب على الظرفية معمول للقاهر أي
المستعلي فوق عباده بالرتبة والمنزلة والشرف والعرب تستعمل فوق لعلوّ المنزلة وتفوقها، ومنه يد الله فوق أيديهم. قوله: (في امره وتدبيره) في المواقف الحكيم ذو الحكمة، وهي العلم بالأشياء على ما هي عليه والإتيان بالأفعال على ما ينبغي، وقيل الحكيم بمعنى المحكم من الأحكام وهو إتقان التدبير، واحسان التقدير، وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى بالثاني أنسب والقول بأنّ فوق زائدة مردود بأنّ الأسماء لا تزاد، والجواب بمعنى على لا يصحح زيادته كما توهم. قوله: (والشيء يقع على كل موجود الخ) عدل عن قول الزمخشريّ الشيء أعمّ العامّ لوقوعه على كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه فيقع على القديم والجرم والعرض! والمحال والمستقيم، ولذلك صح أن يقال في الله عز وجل شيء لا كالأشياء، وما ذكره من إطلاق الشيء على الله مذهب الجمهور واستدلوا بهذه الاية وقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [سورة القصص، الآية: 88] حيث استثنى من كل شيء ذاته ولأنه أعمّ الألفاظ فيشمل الواجب والممكن، ونقل الإمام أن جهما أنكر صحة إطلاق شيء على الله محتجا بقوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [سورة الأعراف، الآية: 180] فقال لا يطلق عليه إلا ما يدل على صفة من صفات الكمال والشيء ليس كذلك وقد مرّ أنّ الشيء مختص! بالموجود وأنه في الأصل مصدر استعمل بمعنى شاء أو مشىء فإذا كان بمعنى شاء صح إطلاقه عليه تعالى كما فصلناه ثمة. فائدة: قول الزمخشريّ والمحال والمستقيم أصل معنى المحال لغة ما أحيل وردّ عن
سننه فيكون بمعنى المعوج، ولذا قوبل بالمستقيم، ثم كني بهما عن الجائز والممتنع، وهذا هو استعمال العرب الفصيح وهي عبارة سيبويه، ومن لم يعرفه لعدم وقوفه على كلام العرب اعترض على المتبني قوله:
كأنك مستقيم في محال
وقال: كان الظاهر في معوج ولس كما قال. قوله: (أي الله كبر شهادة) فهو مبتدأ محذوف الخبر قيل وهو المطابق للسؤال وقد يجعل على العكس أي ذلك الشيء هو الله وليس بمطابق له لعدم صلاحية أكبر للابتداء لنكارته إلا إذا حمل على حذف موصوف له هو المبتدأ انتهى، وهذا خبط فإنه لم يقدر أكبر وإنما قدر ذلك الشيء وان كان عبارة عنه مع أنّ مذهب سيبويه رحمه

الصفحة 34