كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

النار بسبب المحادة بلا شبهة، وقراءة الكسر لا تحتاج إلى توجيه لظهورها، وقوله الإهلاك الدائم ثم جعل الإشارة إلى أنّ له النار فناسب تفسير الخزي بالإهلاك وعظمه بدوامه. قوله: (وتهتك عليهم أستارهم) تفسير لتنبئهم لأنه استعارة لإفشاء سرهم حتى كأنها تقول لهم في قلوبكم كيت وكيت، وقوله ويجوز الخ لما فسر ضمير عليهم بالمؤمنين، وكذا تنبئهم أيضا وما عد 51 للمنافقين لقوّة القرينة والدلالة عليه ومثله لا يضر إذ ليس تفكيك الضمائر بممنوع مطلقاً كما صرّج به الكشاف، أشار إلى أنه يجوز أن تكون الضمائر كلها للمنافقين، وكون السورة نازلة عليهم بمعنى مقروءة عليهم وفي حقهم إن كان الجار والمجرور متعلقا بتنزل فإن تعلق بمقدر أي تنزل سورة كائنة عليهم من قولهم هذا لك وهذا عليك فظاهر، وهذا هو الداعي لترجيح الوجه الأوّل، وإسناد الأنباء إلى السورة مجاز، قيل: وكذا المسند على جعل الضمير للمنافقين ورد بأنه إذا كان الأنباء بمعنى الإخبار لا الإعلام لا يجوز، والمقصود لازم فائدة الخبر، وهو أنه لا يخفى على الرسول لمجيرو. قوله: (وذلك يدل على ترددهم أيضاً) أي كتردّد المؤمنين في كفرهم لعدم ظهورهم، إذ لو ظهر قتلوا وكأنّ وجه الدلالة من وجه الدلالة من قوله تنبئهم لأنهم لو كانوا عالمين بها لم تكن معلمة لهم، ولا لنا والظاهر أن يقول وفيه إشعار أو هو من قوله يحذر لأنهم لو كانوا كفرة لم يحذروا إلا أن يكون استهزاء. قوله: (إنه خبر في معنى الآمر الخ) معناه ليحذر المنافقون فوضع موضعه، قال النحرير: إنه ينبو عنه قوله ما تحذرون نوع نبوة
إلا أن يراد ما يحذرون بموجب هذا الأمر، وقوله كانوا يقولونه فيما بينهم استهزاء أي يقولون نحذر أن تنزل الخ على طريق الاستهزاء فعلى هذا لا دلالة فيها على تردّدهم في كفرهم، وقوله لقوله لأنها تدل على أنه وقع منهم ا! شهزاء بهذه المقالة، وعلى غير هذا الوجه فالمراد نافقوا لأنّ المنافق مستهزئ فكما جعل قولهم آمنا، وما هم بمؤمنين مخادعة في البقرة جعل هنا استهزاء. قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ} أي مبرزه كان الظاهر، أن يقال إن الله منزل سورة كذلك أو منزل ما تحذرون لكنه عدل عنه للمبالغة إذ معناه مبرز ما تحذرونه من إنزال السورة أو لأنه أعمّ إذ المراد مظهر كل ما تحذرون ظهوره من قبائحكم، واسناد الإخراج إلى الله إشارة إلى أنه يخرجه إخراجا لا مزيد عليه والمساوي ضد المحاسن جمع سوء على خلاف القياس، وأصله الهمزة، وقوله: روي الخ أخرجه ابن جرير عن قتادة. قوله:) تحذرونه) إشارة إلى أن حذر المخفف متعد فإنّ أن تنزل مفعوله لا على تقدير من لأنه تعدى بالتضعيف إلى مفعولين كقوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} [سورة آل عمران، الآية: 28] ويدل عليه أيضا ما أنثده سيبويه رحمه الله تعالى:
حذر أموراً لا تضير وآمن ما ليس ينجيه من الأقدار
وقيل: إنه مصنوع، وقال المبرد إنه غير متعد لأنه من هيآت النفس كفزع، ورد بأنه غير
لازم إذ من الهيآت ما يتعذى كخاف وخشى فعنده أن تنزل على إسقاط الجار. قوله: (لا والله ما كنا في شيء من أمرك الخ) يقتضي أنهم أنكروا القول رأسا، وفي التفسير الكبير أنهم ما أنكروه بل تالوا قلناه، وإنما نلعب ونلهي لتقصر مسافة السفر بالحديث، والمداعبة وهو أوفق بظاهر النظم، وقوله ليقصر من التفعيل. قوله:) توبيخا على استهزائهم بمن لا يصح الاستهزاء به الخ) يعني الاستفهام التوبيخي أولى المتعلق إيذانا بأن الاستهزاء وقع لا محالة لكن الخطأ في المستهزأ به فقد أخطأتم لوضعه في غير موضعه لأنّ تقديم المتعلق يستدعي حصول الفعل، وانكار متعلقه كما قرّره السكاكيّ واليه أشار المصنف بقوله بمن لا يصح الخ، والزام الحجة بإثبات ما أنكروه. قوله: (ولا تعبأ) ضبط بالخطاب للنبيّ لمجيه، والجزم بلا الناهية وهو معطوف على قل وتعبأ من عبأت بفلان عبأ باليت واعتددت به، واعتذارهم قولهم: {كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} وهو تفسير له لأنّ قول ذلك لهم بعد إنكارهم لعدم الاعتداد به. قوله: (لا تشتغلوا
الخ (يعني النهي عن الاشتغال به وادامته إذ أصله وقع، وقوله أظهرتم الكفر لا أوجدتم أصله لسبقه في باطنهم ولذا فسر الإيمان بإظهاره، وقوله: لتوبتهم وإخلاصهم فالخطاب لجميع المنافقين، وعلى الوجه الآتي للمؤذنين والمستهزئين منهم والعفو فيه عن عقوبة الدنيا العاجلة، وقوله مصرين على النفاق ناظر إلى

الصفحة 340