كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

التفسير الأوّل وقوله أو مقدمين إلى الثاني. قوله:) ذهاباً إلى المعنى كأنه قال الخ (لما كان الفعل المجهول مسندا إلى الجار والمجرور، ومثله يلزم تذكيره ولا يجوز تأنيثه إذا كان المجرور مؤنثا تقول سير على الدابة لا سيرت عليها، أشكلت هذه القراءة فقال ابن جني وحكاه الزمخشري وتبعه المصنف رحمه الله إنه ميل مع المعنى ورعاية له فلذا أنث لتاً نيث المجرور إذ معنى تعف عن طائفة ترحم طائفة، وهو من غرائب العربية، ولو قيل إنه للمشاكلة لم يبعد وقد غفل عنه في المطول، وقيل إن نائب الفاعل ضمير الذنوب، والتقدير إن تعف هي أي الذنوب. قوله: (أي متشابهة في النفاق الخ) أي طائفة متشابهة في النفاق كتشابه أبعاض الشيء الواحد والمراد اتحاده في الحقيقة والصورة كالماء والتراب فمن اتصالية وكذا في الوجه الآخر، وإذا كان تكذيباً لقولهم المذكور فهو إبطال لمدعاهم وما بعده من تغاير صفاتهم، وصفات المؤمنين كالدليل عليه والآية على هذا التوجيه متصلة بقوله يحلفون بالله إنهم لمنكم، وعلى الأوّل بجميع ما ذكر من قبائحهم، وقبض اليد كناية عن الشح والبخل كما أن بسطها كناية عن الجود لأنّ من يعطي يمذ يده بخلاف من يمنع. قوله: (اغفلوا ذكر الله وتركوا طاعته (يعني بمعنى أنهم لا يذكرونه، ولا يطيعونه لأنّ الذكر له مستلزم لإطاعته فجعل النسيان مجازاً عن الترك، وهو كناية عن ترك الطاعة، ونسيان الله منع لطفه وفضله عنهم، وقيل إنه كناية عن الترك في حق البشر لإمكان الحقيقة، قال النحرير جعل النسيان مجازاً لاستحالة حقيقته على دلّه تعالى، وامتناع المؤاخذة على نسيان
البشر، وحمل الفاسقون على الكاملين كأنهم الجنس كله ليصح الحصر المستفاد من الفصل، وتعريف الخبر وإلا فكم فاسق سواهم، وضمنه معنى البعد والخروج فلذا عداه بعن. قوله. (وعد الله المنافقين) الوعد هنا تهكم وعطص الكفار عطف عامّ على خاص أو متغايرين بحسب الظاهر. قوله: (مقدّرين الخلود) قيل الوجه الإفراد لأنهم لم يقدروه وإنما قدره الله لهم أو أد يقال مقدري الخلود بصيغة المفعول، والإضافة إلى الخلود ولعله جمعه للتعظيم، وقيا! المعنى يعذبهم الله بنار جهنم خالدين فلا حاجة إلى التقدير، وقيل إنه تكلف وتقدير التقدير فيه غير شائع، وقيل إنّ مقدريه اسم مفعول، والخلود مرفوع بدل اشتمال من الضمير فيه، والألف واللام رابطة بدلاً عن الضمير كقوله: {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [سورة النازعات، الآية: 141 (قلت) هذا كله تكلف وقد قدره الزمخشري هكذا، ولا شك أن المراد دخولهم وتعذيبهم بها وهم في تلك الحال لما يلوج لهم يقدرون الخلود في أنفسهم، ولما كان الخلود دوام المكث، وأوّله داخل فيه جاز أن يجعلوا حينئذ خالدين لتلبسهم بالخلود باعتبار ابتدائه في الجملة فهذا غفلة عن مراده ومغزاه. قوله:) هي حسبهم عقاباً وجزاء الخ) أي فيها ما يكفي من ذلك، وقوله وفيه دليل أي ما يدل على ذلك، وليس من الاستدلال ووجه الدلالة يعلم من السياق لاً نه إدا قيل للمعذب كفى هذا دلّ على أنه بلغ غاية النكاية، ولذا قيل معنى قوله هي حسبهم إنه لر اكتفى به كان حسبهم فلا ينافي الزيادة عليه، وإن كان من نوعه وتفسير الإقامة بعدم الانقطاع إشارة إلى أنه مجاز فيه إذ الإقامة من صفات العقلاء، أو هو مجاز عقلي كعيشة راضية. قوله.) والمراد به ما وعدوه الخ الما كان معنى العذاب المقيم، والخلود واحدا أشار إلى أنه لا تكرار فيه لأنّ ذاك وعد وهذا بيان لوقوع ما وعدوا به مع أنه لا مانع من التأكيد، أو هذا نوع آخر غير عذاب النار في الآخرة فإن قلت قوله هي حسبهم يمنع من ضم شيء آخر إليه، قلت: المراد هي حسبهم في تعذيبهم بالنار فلا ينافي تهذيبهم بنوع آخر وضمه إليه أو ذاك عذاب الآخره وهذا عذاب مما قاسوه مت التعب والخوف من الفضيحة والقتل ونحوه. قوله:) أنتم مثل الذين أو فعلتم الخ) أي الكاف في محل رفع خبر مبتدأ هو أنتم، أو في محل نصب أي فعلتم مثل فعل الذين من قبلكم فالكاف اسم هنا وجعله الزمخشري مثل قول النمر بن تولب كاليوم مطلولآ ولا طلبا أي لم أر والكلام على هذا يحتاج إلى بسط ليس هذا محله. قوله:) بيان لتشبيههم بهم وتمثيل حالهم بحالهم الخ) إشارة إلى أن هذه الجملة إلى قوله بخلافهم تفسير للتشببه،
وبيان لوجه الشبه، وأنها لا محل لها من الإعراب، وقد صرح بأنه مأخوذ من مجموع ذلك بقوله تمهيداً لذم المخاطبين

الصفحة 341