كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

أولياء بعض يقابله قوله بعضهم من بعض، وغير فيه الأسلوب إشارة إلى تناصرهم وتعاضدهم بخلاف أولئك ومقابلة الأمر بالمعروف ظاهرة، وقوله ويؤتون الزكوة في مقابلة قبض أيديهم وسخطهم ويطيعون الله في مقابلة نسوا الله على ما مز من تفسيره، وأولئك سيرحمهم الله في مقابلة فنسيهم المفسر بعدم لطفه ورحمته أو في مقابلة
أولئك هم الفاسقون لأنه بمعنى المتقين المرحومين، والوعد في مقابلة الوعيد على تفصيله أيضاً. قوله: (في سائر الأمور (سائر إن كان بمعنى الباقي عما قبله من الزكاة واخواتها فظاهر! ان كان بمعنى الجميع كما هو مستعمل بمعناه على كلام فيه لغة فصلناه في شرح درة الغوّاص فهو تعميم بعد التخصيص. قوله: (لا محالة) فإن السين مؤكدة للوقوع، وفي المغني زعم الزمخشرفي إنها إذا دخلت على فعل محبوب أو مكروه أفادت أنه واتع لا محالة، ولم أر من فهم وجه ذلك ووجهه أنها تفيد الوعد بحصول الفعل فدخولها على ما يفيد الوعد، والوعيد مقتض لتوكيده وتثبيت معناه، وليس كما قال والذي غزه قول الزمخشري إنها تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد بل المراد كما صرّح به شراحه، ووقع في مفصلات النحو وهو مصرّج به في الكتاب، وشروحه أيضا أن السين في الإثجات في مقابلة لكن في النفي فتكون بهذا الاعتبار تأكيداً لما دخلت عليه، ولا يختص بالوعد والوعيد، ولا ينافي دلالتها على التنفيس وان كانت قد تجرد عنه كما قد يقصد بها مجرّد التنفيس فإنه أمر مأخوذ من المقام والاستعمال، وأعلم أن ابن حجر قال في التحفة ما زعمه الزمخشرفي من أنّ السين تفيد القطع بمدخولها رذ بأنّ القطع إنما فهم من المقام لا من الوضع، وهو توطئة لمذهبه الفاسد في تحتم الجزاء ومن غفل عن هذه الدسيسة وجهه، وقال شيخنا ابن قاسم هذا لا وجه له لأنه أمر نقلي لا يدفعه ما ذكر ونسبة الغفلة للأئمة إنما أوجبها حب الاعتراض. قوله: (غالب على كل شيء) الكلية مت صيغة المبالغة، وبيان للمراد في الواقع فاللام في الأشياء للاستغراق. قوله: (تستطيبها (فكونها طيبة إما في نفسها لأنّ الطيب ما تتلذذ به الحواس، وهي مما يلتذ به النظر أو ما فيها من العيش والنعيم طيب فالإسناد مجازي، وقوله: (وفي الحديث) وقع بمعناه مرويا من طرق والطيب يكون بمعنى الحلال والطاهر وليس بمراد هنا. قوله: (1 تامة وخلود الخ) أصل معنى العدن في اللغة الاستقرار والثبات فلذا استعمل في الإقامة يقال عدن بمكان كذا ومنه عدن اليمن، والمعدن والإقامة صادقة على الخلود فلذا فسره به لأنه فرده الكامل المناسب لمقام المدح فلا يقال لا يوافق ما ذكر في كتب اللغة وفي الكشات عدن علم بدليل قوله: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ} [سورة مربم، الآية: 61] وقال المصنف رحمه الله في تفسيرها وعدن علم لأنه المضاف إليه في العلم أو علم للعدن بمعنى الإقامة كبرة فلذلك صح وصف ما أضيف إليه بقوله التي الخ، وسيأتي تحقيقه هناك فقوله إقامة إمّ بيان لمعناه اللغوي أو العلمي، وقوله في
الحديث المذكور وهو مرويّ عن أبي الدرداء) 1 (في البزار والدارقطني وابن جرير (دار الله (يقتضي العلمية للمكان الذي فيه منازل، واضافته إلى الله للتشريف أو الله معطيها لا دخل لأحد فيها (وطوبى) شجرة في الجنة وبمعنى الطيب ويستعمل للمدح في طوبى له وهو المراد، والحديث يقتضي تخصيصها بالأصناف الثلاثة، وقد قيل: إنه يخالف ظاهر القرآن من أنها لجميع المؤمنين والمؤمنات وتخصيصه بهؤلاء، قد قيل إنه مبنيّ على التوزيع الآتي وعلى خلافه يحتاج إلى التجوّز ونحوه وسيأتي بيانه، وفي الكشاف إنه قيل إنها مدينة في الجنة، وقيل نهر جناته على حافاته. توله:) ومرجع العطف الخ (أي في قوله ومساكن طيبة في جنات عدن إما أن يتغايرا بالذات فيكونوا وعدوا بشيئين، وهما الجنات بمعنى البساتين ومساكن في الجنة فلكل أحد جنة ومسكن أو الجنات المقصود بها غير عدن، وهي لعامة المؤمنين وعدن للنبيين عليهم الصلاة والسلام والشهداء والصديقين، وإما أن يتحدا ذاتأ ويتغايرا صفة فينزل التغاير الثاني منزلة الأوّل ويعطف عليه فكل منهما عامّ، ولكن الأوّل باعتبار اشتمالها على الأنهار والبساتين والثاني باعتبار الدور والمنازل، وقوله في جوار العليين أي سكان الجنان من الملائكة والملأ الأعلى كما هو أحد معانيه. قوله: (ثم وعدهم بما هو كبر الخ (الوعد مفهوم من المقام، وسياق الكلام

الصفحة 343