كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

لا من المنطوق.
قوله: (لأنه المبدأ لكل سعادة الخ) أي روحانية أو جسمانية إذ لولا رضاه عنهم لما خلقهم سعداء مستحقين لذلك، ونيل الوصول أي للسعادة أخذها وألاتصاف بها بالفعل وقال: رضوان من الله دون رضوان الله قصداً إلى إفادة أنّ قدراً يسيرا منه خير من ذلك، وأحل بمعنى
أوجب من حل به كذا إذا نزل، والرضوان لما فيه من المبالغة لم يستعمل في القرآن إلا في رضا الله. قوله: (أي الرضوان) فهو فوز عظيم يستحقر عنده نعيم الدنيا فلا ينافي قوله تعالى. {أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [سورة التربة، الآية: 89، كما قيل، ولذا قيل كان المناسب أن يفسر العظيم بما يستحقر عنده نعيم الجنة، أو الجنة وما فيها، وكأنه فسره بتفسير شامل للوجهين لأنّ ما استحقر عنده الجنة تستحقر عنده الدنيا بالطريق الأولى. قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} ظاهر الآية يقتضي مقاتلة المنافقين، وهم غير مظهرين للكفر، ونحن مأمورون بالظاهر فلذا فسر الآية السلف بما يدفع ذلك بناء على أن الجهاد بذل الجهد في دفع ما لا يرضى سواء كان بالقتال أو بغيره، وهو إن كان حقيقة فظاهر، والا حمل على عموم المجاز فجهاد الكفار بالسيف وجهاد المنافقين لإلزامهم بالحجج وازالة الشبه، ونحوه أو بإقامة الحدود عليهم إذا صدر منهم ما يقتضي ذلك، فقد روي عن الحسن أن المراد بجهاد المنافقين إقامة الحدود عليهم، واستشكل بأنّ إقامتها واجبة على غيرهم أيضاً فلا تختص بهم وأشار في الإحكام إلى دفعه بأنها في زمنه ىجي! أكثر ما صدرت عنهم، وأما القول بأن المنافق عنده بمعنى الفاسق فركيك، ولما لم يره المصنف رحمه الله تفسيراً مستقلا جعله ضميمة، فلا يقال الأولى عطفه بأو. فوله:) في ذلك) الإشارة إلى الجهاد بقسميه وتحابهم من المحاباة والميل وهو مجزوم بحذف آخره، وقوله مصيرهم هو المخصوص بالذمّ. قوله: (روي أنه صلى الله عليه وسلم الخ ((1 (أخرجه البيهقي في الدلائل عن عروة بن الزبير، والجلاس بضم الجيم والسين المهملة وتخفيف اللام بوزن غراب رجل من الصحابة كان منافقاً وقد حسن إسلامه بعد ذلك، كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى. قوله: (فحلف بالله ما قاله) وتفصيله في الكشاف لكن إسناد الحلف في الآية للجميع مع صدوره عن الجلاس وحده لأنهم رضوا به واتفقوا عليه فهو من إسناد الفعل إلى سببه أو جعل الكل لرضاهم به كأنهم فعلوه كما تقدم إذ لولا رضاهم ما باشره، ولا حاجة إلى عموم المجاز لأنّ الجمع بين الحقيقة والمجاز جاثز في المجاز العقلي، وليى محلا للخلاف، وكذا الكلام في هموا بما لم ينالوا أو لا حاجة إليه لأنهم جماعة من المنافقين ولا يناسب حمله على جماعة جلاس إلا أن
يراد همهم بقتل عامر، وهو الذي بلغ مقالة جلاس إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال له أنت شرّ من الحمار كما في الكشاف. قوله: (وأظهروا الكفر بعد إظهار الإسلام) أوّله بالإظهار فيهما لأن كفرهم الباطن كان ثابتا قبله واسلامهم الحقيقيّ لا وجود له، والفتك القتل والضرب على غرة غفلة، والعقبة ما ارتفع من الجبل وتسنمها العلو عليها كما يعلى سنام الإبل، والخطام كالزمام لفظا ومعنى، وإنما أخذ بزمامها لكونه محل مخاطرة لصعوبته، ووقع الإخفاف صوت مشيها وقعقعة السلام صوت حركته، وقوله إليكم اسم فعل بمعنى تنحوا وابعدوا وكرره للتأكيد، وقوله أو اخراجه بالجرّ عطفا على فتك الرسول، وقوله أو بأن يتوّجوا عبد الله أي يجعلوه رئيسا وحاكما عليهم، وكان مترشحاً لذلك قبل قدوم النبيّ لمجوو المدينة، وهو الحامل له على نفاقه لحسده للنبيّ ع! و، وهو معطوف على من فتك بحسب المعنى لأنه بمعنى يفتكوا بالرسول أو العطف على الجار والمجرور فتأمل، وعن السدي أنهم قالوا إذا قدمنا المدينة عقدنا على رأس عبد الله بن أبيّ تاج الرياسة، وجعلناه رئيسا وحكما بيننا، وان لم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن أبيّ لعنه الله: {لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} يعني بالأعز نفسه الذليل عند الله فسمعه ابن أرقم فبلغه النبي لمج! فأنكره، وحلف فنزلت الآية وسياتي تفصيله في سورة المنافقين. قوله:) أنّ خمسة عشر منهم الخ) أخرجه أحمد من حديث أبي الطفيل. قوله: (وما أنكروا أو ما وجدوا ما يورث نقمتهم الخ) النقمة كما قال الراغب: بمعنى الإنكار باللسان والعقوبة فإن أريد الأوّل فظاهر، وإن أريد الثاني

الصفحة 344