كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

فهو مجاز عن وجدان ما يورث النقمة أي يقتضيها والى ذلك أشار المصنف، وقدّم الأوّل لاستغنائه عن التأويل، وتريب منه تأويله بالإرادة ومحاويج جمع محتاج على غير قياس، والضنك ضيق في المعيشة وقلة الرزق، والعيش ما يتعيش به كالمأكل وغيره، وقدمهم بفتح القاف وكسر الدال المخففة على الحذف والإيصال أي قدم عليهم أو استولى عليهم كقوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ} وأثروا استغنوا من الثراء وهو الغنى والدية عشرة آلاف فزيادة ألفين على عادتهم في الزيادة تكرما وكانوا يسمونها شنقاً بفتح الشين المعجمة، ونون وقاف، وهو ما زاد على الدية والمولى بمعنى القريب أو المعتق
الذي له إرثه وقيل ضمير أغناهم الله للمسلمين أي ما غاظهم إلا إغناء الله للمؤمنين. قوله:) والاستثناء مفرغ الخ) يعني إنّ المعنى ما كرهوا وعابوا شيئأ إلا إغناء الله إياهم فهو مفعول به، أو مفعول له والمفعول محذوف أي ما نقموا الإيمان لأجل شيء إلا لأجل إغناء الله، وهو على حذ قولهم ما لي عندك ذنب إلا أني أحسنت إليك وقوله:
ما نقموا من بني أمية إلا أنهم يحلمون إذ غضبوا
وهو متصل على ادعاء دخوله إذ ألاستثناء المفرغ لا يكون منقطعاً، كما مرّ وفيه تهكم وتأكيد الشيء بخلافه. فوله: (هو الذي حمل الجلاس الخ (ضمير هو لما يفهم من الكلام، أي نزول هذا حمله على التوبة بعدما كان يخاف من عدم قبولها فكانت سببا لحسن إسلامه لطفا من الله به، وحمله على كذا أي كان سبباً له والحامل على الشيء سببه، وهو من المجاز المشهور وجعل الضمير للتوب بمعنى التوبة لتذكير الضمير وان كان تأنيث المصادر قد يغتفر، وقوله بالإصرار على النفاق يعني المراد بإعراضهم وتوليهم عن إخلاص الإيمان، والدوام عليه كما في يا أيها الذين آمنوا آمنوا وقد مز تحقيقه، وقوله بالقتل والنار لف ونثر مرتب، والمراد بالقتل أنهم يقتلون إن أظهروا الكفر لأنّ الإصرار مظنة الإظهار فلا ينافي ما مرّ من أنهم لا يقتلون، وإن جهادهم بمعنى إلزام الحجة، وقيل عذاب النار هنا متاعب النفاق أو عذاب القبر أو ما يشاهدونه عند الموت فلا إشكال. قوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ}
بن حاطب ويقال ابن أبي حاطب الأنصاري الذي ذكره ابن إسحاق فيمن بنى مسجد الضرار وليس هو ابن عمرو الأنصاري البدري لأنه استشهد بأحد ولأنه مجقيد قال: " لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية ") 1 (ومن كان بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقا في قلبه فينزل فيه ما نزل فهو غيره كما قال ابن حجر في الإصابة: وإن كان البدري هو المشهور بهذا الاسم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وقوله: (لا تطيقه) بتقدير مضاف أي لا تطيق شكره والشكر أداء حقوقه وهذا من معجزاته إذ كان كما قال: وقوله: (كل ذي حق حقه (أي أو في صرف حقوق الله منه إن رزقني، وقوله: (فتمت (أي زادت، والدود بدالين مهملتين معروف وهو إذا حصل في شيء يتضاعف بسرعة وقوله: يا ويح ثعلبة ويح كلمة ترحم لما ناله من فتنة الدنيا، والمنادى محذوف أي يا ناس أو يا زائدة للتنبيه أو المنادى ويح كقوله يا حسرتي كأنه نادى ترحمه عليه ليحضر، وقوله لا يسعه واد أي واد واحد بل أودية ومصدقين بتخفيف الصاد المفتوحة وتشديد الدال المهملة المكسورة، وهم الذين يأخذون الصدقات، وقوله: (فاستقبلهما (وفي نسخة استقبلهم، وباء بصدقاتهم للتعدية أو المصاحبة وكتاب الفرائض أي ما فرض من الزكاة، ومجيء ثعلبة وحثوه التراب ليس للتوبة من نفاقه بل للعار من عدم

الصفحة 345