كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

وبفتح الحاء محل باليمامة، وقد ضبط بهما هنا وصوّب ابن السيد الثاني رواية وقال: الأوّل غلط وقيل إن هذا البيت ليس لزهير وإنه مصنوع أدخل في شعره، وليس منه وهو الذي ارتضاه الفضل وله قصة مذكورة في مجال! النحاة، وأقوين بمعنى خربن وخلون من السكان وحجج جمع حجة بكسر الحاء فيهما وقوله لمن الديار من فيه استفهامية على عادة الشعراء في ابتداء قصائدهم بمثله كأنه يستفهم عنها لأنه لم يعرفها لتغيرها وخرابها، ومن السهو الغريب هنا ما قاله الفاضل المحشي من أنّ الشاهد في أوّل البيت إذ من الأولى لابتداء المكان والثانية بقسميها لابتداء الزمان والبصريون يقدرونه من مر حجج ومن مر دهر، وقيل من فيه زائدة على مذهب الأخفش وقيل: إنها للتعليل أي لأجل مرور حجج ودهر.
قوله:) أولى بأن تصلي فيه (جعل أحق أفعل تفضيل، والمفضل عليه كل مسجد أو مسجد الضرار على الفرض والتقدير فلا يرد أنه لا أولوية فيه أو هو على زعمهم، وقيل هو
بمعنى حقيق، وفسر تقوم بمعنى تصلي وفسر الطهارة بالبراءة من العيوب مجازاً أو بالطهارة الشرعية من الجنابة، ولو فسر بالطهارة من النجس كما في الاستنجاء أو بما يشملهما لكان ظاهراً أيضاً، وقوله: (يدنيهأ من جنابه تعالى إدناء المحب الخ) إشارة إلى أنه مجاز عن قربهم من الله وقربهم بمعنى كرامتهم وكثرة ثوابهم إذ المحبة الحقيقية لا يوصف بها ألله تعالى، ويحتمل أنه من المشاكلة وقيل تطهرهم بحمى كانت مكفرة لذنوبهم، وقوله: (لما نزلت الخ) أخرجه الطبراني في الأوسط عن ابن عباس (1 (رضي الله عنهما وابن مردوبه وسكوتهم حياء من النبي ىلجرو وقوله: (وأنا معهم) بضمير المتكلم أو بكسر الهمزة وضمير الجمع، والمراد بالرخاء سعة الرزق وعدم الشذة ورث الكعبة قسم، وقوله: (إنّ الله عز وبئ قد أثنى عليكم الا يقتضي تعين المسجد لأنهم كانوا يصلون في مسجده أيضا. قوله: (نتبع النائط الأحجار الخ) استدلّ به في الهداية على أفضلية الماء على الحجر قال شيخنا رحمه الله وأورد عليه شيثان ضعف الحديث وعدم مطابقته للمدلول لأنه يقتضي استحباب الجمع، قيل: والمطابق له حديث ابن ماجه، وفيه قالوأ " نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء " (2 (والحاصل انّ الجمع أفضل، ثم الماء، ثم غيره وفي الجمع توفير الماء للوضوء، ولغيره لا سيما في محل الحاجة. قوله: (بنيان دينه) هو من قبيل لجين الماء أو هو مكنية وتخييلية، وهذا يناسب تفسيره الأوّل للطهارة وهو الأرجح لأنه المقتضي لمحبة الله كما قيل ولأنهم ذكروا في مقابلة أصحاب الضرار
فاللائق وصفهم بضدّ ما وصفوا به، والتأسيس وضع الأساس وهو أصل البناء وأوّله وبه أحكامه ولهذا استعمل بمعنى الأحكام إلا أنه إذا تعدى بعلى تعين الأوّل كما قيل فهو المراد هنا ففي الآية شبه التقوى والرضوان تشبيها مكنيا مضمرا في النفس بما يعتمد عليه أصل البناء وأسس بنيانه تخييل فهو مستعمل في معناه الحقيقي أو هو مجاز بناء على جوازه فتاسيس البنيان بمعنى أحكام أمور دينه أو تمثيل لحال من أخلص لله، وعمل الأعمال الصالحة بحال من بنى بناء محكماً مؤسسا يستوطنه، ويتحصن به أو البنيان استعارة أصلية والتأسيس ترشيح أو تبعية والمصنف رحمه الله تعالى بنى كلامه على الأوّل. قوله: (على قاعدة محكمة الخ) يعني أنه استعارة مكنية شبهت التقوى بقواعد البناء تشبيها مضمرا في النفس دل عليه بما هو من روادفه ولوازمه وهو التأسيس والبنيان، والمرضاة بمعنى الرضا وأوّلها بطلبه لأنّ رضا الله ليس من أعمال العبد التي ابتنى عليها أحكام أمره، والذي هو من عمله طلب ذلك فهو إن كان إشارة إلى تقدير مضاف لا ينافي قوله بعيدة تأسيس ذاك على أمر يحفظه عن النار ويوصله إلى رضوان الله فإنه ظاهر في أنه مجاز بإطلاق السبب على المسبب لأنه إشارة إلى توجيه آخر فيه وان كان بيانا لأنّ رضوان الله مجاز عن طلب الرضا بالطاعة لأنه سببه فظاهر. قوله تعالى: {عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} الخ) شفا البئر والنهر طرفه ويضرب به المثل في القرب كقوله تعالى: {وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا} [سورة آل عمران، الآية: 103] وأشفى على الهلاك صار على شفاه ومنه شفاء المريض لأنه صار على شفا البرء والسلامة والجرف بضمتين وبسكون الراء البئر التي لم تطور وقيل هو الهوّة وما يجرفه السيل من الأودية لجرت الماء له أي أكله وإذهابه وهار نعت جرف وفيه أقوال، فقيل إنه مقلوب وأصله هاور أو هائر فوزنه فالع، وقيل

الصفحة 364