كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

بل يحصلان على المعنيين الأوّلين فتخصيص تعليل حصول البعث بما ذكره من المعنى الغير المشهور محل كلام، وكذا ما قيل في دفعه إنه ليس وجهاً ثالثا بل بيان لفائدة الوجهين السابقين، وكيف لا وهو في الأوّلين خاص، وفي هذا عام وكون البعث موجودا فيهما لا يضرّ، وقوله: (1 لا وله مقام) أي مقام يمكنه الوصول إليه وان لم يكن مقاما له في الحال، وضمير دونه لمقام وهو لاحد وفيه لما، وقوله:) والترقي الخ) صريح فيما قرّرنا. قوله: (وإظهار لفضلها (أي لفضل التوبة فيكون المقصود بذكر الصفة مدحها نفسها لا مدح موصوفها كوصف الملائكة عليهم الصلاة والسلام بالإيمان والأنبياء صلى الله عليه وسلم بالصلاج في بعض الآيات ذا لوصف للمدح كما يكون لمدح الموصوف يكون لمدح الصفة، وهذا من لطأور! البلاغة كما نصوا عليه وهو كما قال حسان رضي الله تعالى عنه:
ما إن مدحت محمداً بمقالتي لكن مدحت مقالتي بمحمد
وقد مرّ تفضيله. قوله:) في وقتها الخ) فيه إشارة إلى أنّ الساعة هنا بمعناها اللغوي،
وهو مقدار من الزمان غير معين كما في قوله: {مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} [سورة الروم، الآية: 55] فليس من استعمال المقيد في المطلق كما قيل، وهي في عرف أهل الشرع يوم القيامة، وفي عرف المعدلين جزء من أربعة وعشرين جزءاً من الليل والنهار كما في شرح البخاري، وضمير هي للعسرة بمعنى الشدة والضيق وجيش العسرة وغزوة العسرة، هي تبوك وتجهيز عثمان رضي الله عنه مذكور في كتب الحديث، وقوله: (في عسرة الظهر) الظهر مجاز عما يركب تجوّز به عنه لأنه المقصود منه كالعين للربيئة أي كانوا في قلة من المركب، والاعتقاب ركوب جماعة نوبة نوبة والزاد والماء بالجرّ عطف على الظهر أي زادهم وماؤهم قليل، واللفظ بفتح الفاء وتشديد الظاء هنا ما يعتصر من كرس البعير والافتظاظ عصره، وفي أمالي القالي العرب كانوا إذا أرادوا توغل الفلوات التي لا ماء فيها سقوا الإبل على أتنم إظمائها، ثم قطعوا مثافرها أو خزموها لئلا ترعى فاذا احتاجوا إلى الماء افتظوا كروشها فشربوا ثميلها وهو كثير في الأشعار كقوله:
وبهماء يشتاف الدليل ثرابها وليس بها إلا اليماني يخلف
وقوله: الفظ) في بعض النسخ الفظظ وهو الظاهر. قوله: (عن الثبات على الإيمان) هو
إما مجرّد همّ ووسوسة أو من ضعفائهم ومن حدث عهدهم بالإسلام، وقوله: أو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هو ما روي أنّ منهم من همّ بالانصراف من غير إذنه صلى الله عليه وسلم. قوله: (وفي كاد ضمير الشأن أو ضمير القوم) قرأ حمزة يزيغ بالياء ففي كاد ضمير الشأنّ، وقلوب فاعل يزيغ والجملة خبرها وعليه حمله سيبويه رحمه الله الآية، ولا يصح أن يكون قلوب اسم كاد ويزيغ الخبر لأنّ السرّ به حينئذ التقديم فيكون التقدير كاد قلوب يزيغ ولا يصح لتذكير الضمير في يزيغ وتأنيث ما يعود عليه، وضعفه أبو البقاء رحمه الله، واستشكل هذا بأنهم قالوا إنّ خبر أفعال القلوب لا يكون إلا مضارعاً رافعا اسمها، فبعضهم أطلقه وبعضهم قيده بغير عسى، ولا يكون سبباً وهذا بخلاف كان فإنّ خبرها يرفع الضمير والسببي وعلى هذا فإذا كان اسم كاد ضمير شأن ورفع الخبر لم يكن فاعله ضميراً عائدا على اسمها ولا سببيا له وقيل: لما كانت الجملة مفسرة لضمير الشان وهي هو في المعنى أغنى عن الضمير ألا ترى أن المبتدأ إذا كان ضمير شأن والجملة خبره لم يحتج لضمير يعود على المبتدأ، وقد ذكره ابن الصائغ رحمه الله في شرح الجمل فقال: وجه ذلك أن المسند والمسند إليه في الحقيقة هو الجملة الواقعة بعد الضمير، وليس بخارج عما تقدم ولذلك يجوز ما كان زيد بقائم على أن يكون في كان ضمير الأمر، ويكون بقائم في موضع رفع خبر المبتدأ وأدخلت الباء عليه، وان لم يكن خبر كان صريحا في اللفظ لأنه الخبر في المعنى، وعلى ذلك تأوّل الفارسي ليس الطيب إلا المسك على أن في
ليس ضمير الأمر، ودخلت الأعلى خبر المبتدا لأنه الخبر المنفي معنى، وعلى هذا لا وجه لتكلف أبي حيان رحمه الله زيادة كاد، وقرأ الباقون تزيغ بالتاء فيحتمل أن يكون قلوب اسم كاد وتزيغ خبرها وفيه ضمير يعود على اسمها، قال أبو عليّ رحمه الله: ولا يجوز ذلك في عسى، وهذا مبنيّ على جوازه في مثل كاد يقوم زيد والصحيح المنع ويحتمل أن يكون اسم

الصفحة 371