كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

قوله ما كان) أي نهيهم عن التخلف عنه أو أمرهم باتباعه لما ذكروا لأمره مأخوذ مما قصد بالكلام ومن النهي لأنه أمر بضده كما مرّ، والمشايعة بالشين المعجمة والعين المهملة بمعنى متابعة، وعدم مفارقة شيعته وقوله شيء من العطش تفسير للظمأ بالقصر والمد وبهما قرئ، وشيء إشارة إلى أنه للتقليل، والإبهام المستفاد من التكثير أي قليل أو كثير، والمخمصة المجاعة أي الجوع من جوع البطن أي ضمورها. قوله: (لا يدوسون مكاناً) الموطئ يجوز فيه أن يكون اسم مكان ومصدراً ميميا والوطء إمّا بمعنى الدوس بالأقدام ونحوها، أو بمعنى الإيقاع والمحاربة كما في الحديث: " آخر وطأة وطئها الله بؤفي " (1 (وهو واد بالطائف وحمله المصنف رحمه الله على معنى الدوس لأنه معناه الحقيقي وجعله اسم مكان لأنه الأشهر الأظهر ففاعل يغيظ ضميره بتقدير مضاف، أي وطؤه لأنّ المكان نفسه لا يغيظ أو ضمير عائد إلى الوطء الذي في ضمنه، وفسر الغيظ بالغضب، وفي نسخة يغيظهم وسيأتي تحقيق الغيظ في سورة تبارك، وأعلم أن خولة بنت حكيم رضي الله تعالى عنها ووت أنه-! يرو خرج وهو محتضن أحد ابني بنته رضي الله عنه، وهو يقول: " إنكم تبخلون وتجبنون، وإنكم لمن ريحان الله، وإن آخر وطأة وطئها الله بؤفي " (2 (وقد خفي على كثير وجه مناسبة آخر الحديث لأوّله، وتوضيحه أنّ معنى تبخلون وتجبنون أنّ محبة الأولاد تحمل على البخل ليخلف المال لهم، وعلى الجبن لخوف ضياعهم إذا قتل، ولما كان قوله صلى الله عليه وسلم: " آخر وطأة " أي آخر وقعة وحرب لي هذه لأنّ غزوة الطائف آخر غزواته ىسي! ، وتبوك وان كانت بعدها لم يكن بها قتال كناية عن قرب أجله لأنّ تمام المصالح يؤذن بالرحيل، فالمعنى أنهم ريحان الله يحى بهم عباده
فحبهم أمر طبيعي يعسر معه فراقهم، واني مفارقهم عن قريب أو محبتهم تدعو إلى الجبن وترك القتال، وقد انقضى القتال فتأمّل والنيل مصدر نال نيلاً وقيل هو مصدر نلته أنوله نولاً ونوالاً فأبدلت الواو ياء حكاه الطبري فإبداله على خلاف القياس. قوله: (كالقنل والأسر الخ) أي لا يأخذون، وينالون شيئا ونيلاً إما مصدر فالمفعول به محذوف أو بمعنى المأخوذ فهو مفعول وتفسيره بالمصدر مشعر بالأوّل، وقوله به وحد الضمير لعوده لجميع ما قبله لتأويله بذلك المذكور أو هو عائد على كل واحد منها على البدل قال النسفي وحد الضمير لأنه لما تكرّرت لا صار كل واحد منها مفردا بالذكر مقصودا بالوعد، ولذا قال فقهاؤها لو حلف لا يأكل خبزاً ولا لحما حنث بواحد منهما ولو حلف لا يأكل خبزا ولحما لم يحنث إلا بالجمع بينهما، وقوله: (استوجبوا به الثواب) أي استحقوه استحقاقا لازما بمقتضى وعده تعالى لا بالوجوب عليه، وإنما أوّل العمل بالثواب لأنه المقصود من كتابة الأعمال فهو بتقدير مضاف أو بجعله كناية عما ذكر. قوله: (وذلك مما يوجب الخ) المتابعة بمثناة فوقية وموحدة أي اتباعه وعدم التخلف عنه، والذي في أكثر النسخ المشايعة بشين معجمة ومثناة تحتية وهو بمعناه وهو الذي في الكشاف. قوله: (على إحسانهم الخ) هذا من التعليق بالمشتق وكونه تعليلا لكتب، بمعنى أنهم استوجبوه لأنه لا يضيع الخ، والتنبيه من وضع المحسنبن مكان المجاهدين والسعي في تكميلهم لأنه يقصد به أن يسلموا كضرب المجنون، وعلاقة السوط بكسر العين لأنها تكسر في الحسيات وتفتح في المعاني كعلاقة الحب، وذكر الكبيرة بعد الصغيرة وان علم من الثواب على الأولى الثواب على الثانية لأنّ المقصود التعميم لا خصوص المذكور إذ المعنى لا ينقصون شيئاً ما فلا يتوهم إنّ الظاهر العكس، وانفاق عثمان رضي الله عنه في جيس العسرة ألف دينار، قيل وألف محمل أعان به المسلمين. قوله: (في مسيرهم) أي سيرهم للغزو، ومنفرج بضم الميم وبفتح الراء اسم مكان بمعنى ما انعطف يمنة أو يسرة لأنه منخفض بين جبال يجري فيه سيولها، وهو منعطف في أكثر وأصل الوادي اسم فاعل من ودي بمعنى سال فهو السيل نفسه، ثم شاع في محله، ثم صار حقيقة في مطلق الأرض وجمعه أو دية كناد بمعنى مجلس جمعه أندية، وناج جمعه أنجية ولا رابع لها في كلام العرب. قوله:) أثبت لهم الخ) جعل
الكتابة مجازا أو كناية عن لازم معناه وهو الإثبات ولو حمل على حقيقته أي كتبه في الصحف أو اللوح صح أيضا، ولم يفسره باستوجبوا كما مرّ لأنه أنسب بقوله ليجزيهم الله والضمير للمذكور كما مرّ، وإليه أشار

الصفحة 375