كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

الجواب يقولون والثاني بكونه يجادلونك وعلى ما صححناه لا يرد شيء من هذا ولا مخلص عنه إلا بأن يخرّح على قول الزجاج فيكون معنى كلامه ويجوز في حتى الابتدائية أن تكون الجارّة قال في المغني ولا محل للجملة الواقعة بعد حتى الابتدائية خلافا للزجاج وابن درستوبه زعما أنها في محل جرّ بحتى، ويرّده أنّ حروف الجرّ لا تعلق عن العمل وإنما تدخل على المفرد أو ما في تاويله، وأمّا ما قيل في توجيهه على النسخة المرجوحة من أنّ الواو في قوله ويجادلونك بمعنى أو عطفاً على قوله وهو يقول ومجيء الواو بمعنى أو كثير أو أنه على حذف مضاف أي حتى يوم إذا جاؤوك! ادلونك فلا يخفى بعده. قوله: (والأساطير الأباطيل) هذا معناه والمراد الأحاديث المسطورة، وأما لفظه فقيل لا مفرد له وقيل له مفرد، وجوّز فيه أن يكون أسطوراً وأسطيراً وأسطارا بكسر الهمزة مع الهاء وعدمها، وقيل إنه جمع جمع وقيل جمع جمع جمع وسطر مفرده بسكون الطاء وفتحها معروف في الكتابة وغيرها، وأسطورة بضم الهمزة كأحدوثه وأحاديث وأسطارة بكسرها وأسطارة بفتح الهمزة جمع سطر بفتحتين كسبب وأسباب. قوله: (ينهون عنه الخ) ضمير الجمع للمشركين والضمير المجرور أمّا للرسول ع! ي! ففيه التفات أو للقرآن لسبق ذكرهما ومعنى النهي عنه النهي عن اتباعه والإيمان به، أو ضمير الجمع لأبي طالب وأتباعه أو إضرابه ممن نهى عن أذيته منهم كما هو معروف في الأحاديث ولذا لم يقل المصنف رحمه الله أبو طالب كما في الكشاف، أو له فقط وجمع استعظاما لفعله حتى كأته مما لا يستقل به واحد، وقيل إنه نزل منزلة أفعال متعدّدة فيكون كقوله قفا عند المازني ولا يخفى بعده، ورذ هذا الإمام بأنّ جميع الآيات المتقدمة في ذمّ فعلهم فلا يناسبه ذكر النهي عن أذيته وهو غير مذموم وفيه نظر، وقول المصنف كأبي طالب يشير إلى عدم اختصاصه به على القول بأنّ هذا سبب النزول فلا يشكل جمعه ويشهد له قصة جياد وليس المراد بالاستعظام في كلامهم التعظيم بل عده عظيماً كما في قوله إن الشرك لظلم عظيم، فما قيل إنّ جمع ضمير المفرد للتعظيم في غير نون المعظم نفسه لم يوجد في كلام من يوثق به وأيضاً من فعل النأي لا يليق تعظيمه للتوعد عليه، وما يعقبه من قوله: {وإن يهلكوا إلا نفسهم} لا يناسبه مع ما فيه غير وارد، ولذا قيل التعظيم يكون بمعنى التشريف للفاعل وهذا في الأكثر للفاعل المتكلم، وقد يكون في غيره كما ذكره المرزوقي ويكون للفعل نفسه فيعذ كثيراً وكثيراً، وهذا الفرق بين تعظيم الفاعل وتعظيم غيره أشار إليه النحرير هنا وهو فائدة جليلة، وفي ينهون وينأون تجنيس بديع، والنأي البعد وهو لازم يتعدى بعن وئقل عن الواحدي أنه سمع تعديه بنفسه عن المبرد وأنشد:
أعاذل أن يصبح صديّ بقفرة بعيداً نآني زائري وقريني
قوله: (وقفوا) وقف يكون لازما ومتعديا بمعنى الوقوف المعروف وبمعنى المعرفة فيهما أيضاً، فقوله يوقفون على النار حتى يعاينوها أو يطلعون عليها من الاطلاع إشارة إلى أن الإيقاف لينظروا ما يهولهم أو يرفعوا على جسرها وهو الصراط فينظرونها وهو المعنى الأوّل، وقوله أو يدخلونها إشارة إلى المعنى الثاني فقد احتوى كلامه على الوجوه الأربعة المذكورة في الكشاف، وجعل لو شرطية على أصلها وقيل إنها بمعنى أن وترى بصرية أو علمية وحذف الجواب لتذهب نفس السامع كل مذهب فيكون أدخل في التهويل أي لرأيت أمراً مهولاً، والخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم أو لكل واقف عليه وذكر الوقوف ليبين لزومه لأنه مصدر للازم إلا نادراً، ومصدر المتعدي الوقف وسمع فيه أوقف في لغة قليلة وقيل إنه بطريق القياس. قوله: (تمنياً للرجوع إلى الدنيا) إشارة إلى أن متعلق نردّ مقدر تقديره إلى الدنيا. قوله: (اس! شاف كلام منهم على وجه الخ) المراد بالإثبات الأخبار عنه، واثباته في الواقع وهو في مقابلة التمني الذي هو إنشاء، والمراد بالاستئناف والابتداء معناه المتبادر المعروف وهو قطع الكلام عما قبله بأن لا يعطف عليه فالواو كالزائدة أو قطعه عما في حيز التمني وعطفه على مجموع الكلام فإنهم قد يستعملونه بهذا المعنى كما ذكره صاحب المغني في حرف الفاء حتى أنهم سموا واو الحال واو

الصفحة 42