كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

الابتداء فمن حمله على الأوّل قال في تفسير كلام المصنف رحمه الله أي ابتداء كلام ليس عطفاً على ما قبله على وجه الأخبار، والى الثاني مال النحرير فقال معنى كونه استئناف كلام أن يكون معطوفا على التمني عطف أخبار على إنثاء، وهو جائز عند اقتضاء المقام، وأورد عليه أنّ عطف الأخبار على الإنشاء وعكسه لم يجوّزه في شرحه على التلخيص وأن اعتبار المقام إنما يكون بعد صحة أصل الكلام والحق أنّ هذا العطف إنما يصح فيما له محل من الإعراب وليس معنى الاستئناف ما ذكره، ويدفعه ما مرّ وأنّ من النحاة من جوّز. مطلقا ونقحهأ أبو حيان عن سيبويه.
قوله: (كقولهم دعني ولا أعود) يعني أنه خبر مستأنف وهو كلام يقوله من أذنب لمن يؤدّبه على ما صدر منه وفي شرح المفصل أنه رفع لتعذر النصب والجزم على العطف أمّا النصب فيفسد المعنى إذ المعنى حينئذ ليجتمع تركك لي وتركي لما نهيت عنه وقد علم أنّ
طلب هذا المتأذب لترك المؤدّب إياه إنما هو في الحال بقرينة ما عراه من ألمه وقصد المؤدّب الترك لما نهى عنه في المستقبل ولا يستقيم الجزم أما بالعطف على دعني فظاهر لأنه لا يعطف معرب على مبني ولا محل له فيعطف عليه، وأما جعله نهيا معطوفا على الأمر فإنه لا يلزم من النهي تحقق الامتناع ألا ترى إلى تناقض أنا لا أفعل كذا في كل وقت ثم أفعله وعدم تناقض أنا أنهي نفسي عن كذا في كل وقت ثم أفعله. قوله: (أو عطف على نرذ أو حال الخ (فالمعنى على تمني مجموع الأمرين الردّ وعدم التكذيب أي التصديق الحاصل بعد الردّ إلى الدنيا لأنّ الرذ ليس مقصودا لذاته هنا وكونه متمني ظاهر لعدم حصوله حال التمني وان كان التمني منصبا على الإيمان والتصديق فتمنيه لأن الحاصل الآن لا ينفعهم لأنهم ليسوا في دار تكليف فتمنوا إيمانأ ينفعهم وهو إنما يكون بعد الرذ المحال والمتوقف على المحال محال وفي قوله في حكم المتمني إشارة إلى هذا، فاندفع ما في هذا المقام من الأوهام، وقوله راجع إلى ما تضمنه التمني من الوعد سيأتي تحقيقه قريبا. قوله: (ونصبهما حمزة ويعقوب الخ) أي نصب نكذب ونكون كذا في الكشاف وردّه أبو حيان وغيره بأن نصب الفعل بعد الواو ليس على الجوابية لأنّ الواو لا تقع في جواب الشرط فلا ينعقد مما قبلها وما بعدها شرط وجواب وإنما هي واو مع تعطف ما بعدها على المصدر المتوهم قبلها وهي عاطفة يتعين مع النصب أحد محاملها الثلاثة وهي المعية وتمييزها عن الفاء صحة حلول مع محلها أو الحال كما أنّ الفاء المنصوب ما بعدها تقدر بالشرط وشبهة من قال إنها جواب نصب ما بعدها كما ينصب ما بعد الفاء وتميزها منها أن الفاء إذا حذفت انجزم الفعل بالشرط الذي تضمن الكلام معناه، وأجيب عنه بأن الزجاج سبق الزمخشري إلى هذه العبارة وكفى به قدوة وإذا اتضح المراد سقط الإيراد إذ مراده أنها واقعة في موقع بنصب فيه الجواب واليه أشار المصنف رحمه الله بقوله إجراء لها مجرى الفاء وترك تقديره بأن رددنا كما في الكشاف مع أن ابن الأنباري رحمه الله قال: إن الواو مبدلة من الفاء وأنها جوابية حقيقة ثم أنه قيل ما ذكره الزمخشري من معنى الجزائية أي إن رددنا لم نكذب فيه نظر فإن كان وجه النظر ما ذكرنا فقد مرّ جوابه وان كان وجهه ما نقل عنه أن ردّهم لا يكون سببا لعدم تكذيبهم فقد قيل عليه إنّ السببية يكفي كونها في زعمهم ليصح النصب على الجزائية، وردّ أنّ مجرّد الرذ لا يصلح لذلك فلا بد من العناية بأن يراد الردّ الكائن بعدما ألجأهم إلى ذلك إذ قد انكشفت لهم حقائق الأشياء، وقوله إجراء لها مجرى الفاء وجهه كما في شرح الرضي تشابههما في العطف وصرف ما بعدهما عن مقتضى الظاهر وقد مرّ تحقيقه والقراءة بالرفع إمّا على العطف أو الحالية أو الاستئناف والجملة معترضة ونصب الثاني على الجوابية بالنظر إلى المجموع، أو إلى الثاني وعدم التكذيب بالآيات مغاير للإيمان والتصديق
فلم يتحدا وقرئ شاذاً بعكس قراءة ابن عامر. قوله: (1 لإضراب عن إرادة الإيمان المفهوم من التمني الخ) يعني بل للإضراب عن تمنيهم الباطل الناشئ من إبداء ما يفضحهم وهو إن رددنا لم نكذب أي ليس ذلك عن عزم صحيح بل هو من إبداء ما افتضحوا به أي ليس الأمر كما قالوا من أنهم لو ردوا لآمنوا، وفي الكشاف بل بدا لهم ما كانوا يخفون من الناس من قبائحهم وفضائحهبم

الصفحة 43