كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

واللجاج حتى لو نهوا عن الحق فعلوه. قوله: (عطف على لعادوا) قيل عليه انه استئناف أو عطف على أنهم لكاذبون لا على عادوا ولا على نهوا إذ حينئذ حق قوله وانهم لكاذبون أن يؤخر عن المعطوف أو يقدّم على المعطوف عليه وأشار إلى جوابه من تال وتوسط فرله وانهم لكاذبون لأنه اعتراض مسوق لتقرير ما أفادته الشرطية من كذبهم المخصوص، ولو أخر لأوهم أنّ المراد تكذيبهم في إنكارهم البعث والمعنى لو ردّوا إلى الدنيا لعادوا لما نهوا نمه، ولقالوا الخ، وقريب منه ما قيل فائدة التوسط المبادرة إلى تكذيبهم في وعدهم عقيب قوله ا! ادوا لما نهوا عنه مسوقا لرذ وعدهم، وقوله أو على أنهم لكاذبون أو على خبران وكذبهم حيمئذ غير مختص بما وعدوا أو خاص به وإذا عطف على نهوا فالعائد محذوف أي لما قالو.. موله: (الضمير للحياة الخ) أي للحياة المذكورة بعده، وهو كثير في كلامهم كقول المتنبي:
هو الجد حتى يفصل العين أختها وحتى يكون اليوم لليوم سيدا
وقول المعرّي:
هو الهجر حتى ما يلمّ خيال
قال ابن مالك رحمه الله: الضمير يعود على متأخر لفظاً ورتبة في مواضع منها ضمير الشأن ويسمى ضمير المجهول والقصحة ومنها الضمير المرفوع بنعم وبئس وما جرى مجراهما والضمير المجرور برب العائد على تمييزه والمرفوع بأوّل المتنازعين على مذهب البصريين والضمير المجعول خبره مفسرأ له، كما هنا والضمير الذي أبدل منه مفسره نحو ضمربتهم قومك وفي هذا الأخير خلاف منهم من منعه ومنهم من أجازه وعليه أبو حيان في سورة البقرة واعترض على الزمخشري في تجويزه في غير هذه المواضع كما أجاز في قوله تعالى في الأحقاف: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا} [سورة الأحقاف، الآية: 24] كون الضمير راجعاً إلى عارضاً وهو حال أو تمييز وفي قوله: {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [سورة البقرة، الآية: 29] عودهن إلى سبع إلا أن يكون مراده أن سبع سموات بدل لكنه يصير النظم غير مرتبط، وخالف هذا في شرحه على التسهيل، فقد عرفت وجه عود الضمير هنا على متأخر وأنه مختار النحاة وأمّا كونه ضمير شأن، فلا يتأتى على مذهب الجمهور لأنهم اشترطوا في خبره أن يكون جملة وخالفهم الكوفيون فيه كما في التسهيل قيل ويحتمل أنه عبارة عما في الذهن وهو الحياة والمعنى أن الحياة إلا حياتنا الدنيا وقيل هو ضمير القصة، ورذ بأنه لا يفسر بمفرد فإن قلت الكوفيون يجوّزون تفسيره بالمفرد فليكن هذا على مذهبهم قلت إن كان مذهبهم ذلك مطلقاً صح ما ذكرت وإن قيد المفرد بكونه عاملا عمل الفعل كاسم الفاعل ونحوه نحو أنه قائم زيد لأنه يسد مسذ الجملة لما فيه من الإسناد كما في الدر المصون فلا يصح لأنه مثل هو زيد، وقد قال إنه لا يجيزه أحد من النحاة وفيه نظر وما ذكره من الاحتمال بعيد جداً أو المراد ليس في الأذهان إلا هذه الحياة المشاهدة كقولهم: {مَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [سورة الأنعام، الآية: 29] . قوله:) مجاز عن الحبس! الما كان معنى الاستعلاء هنا غير متصوّر احتاج النظم إلى تقدير أو تجوّزوا لتجوّز إمّا في المفرد أو في الجملة على أنه استعارة تمثيلية وهو الأرجح عندهم وكلام المصنف رحمه الله يحتملهما ولم يجعلوه كناية لأن المشهور-فيها اشتراط إمكان الحقيقة، وهي غير ممكنة هنا وبهذا بطل ما قال بعض الظاهرية من أن أهل القيامة يقفون بالقرب من الله تعالى في موقف الحساب. قوله: (وقيل معناه وقفوا على قضاء ربهم الخ) فهو من الوقوف بمعنى الاطلاع، وفيه مضاف مقدر وهو متعذ بعلى أيضاً فلا حاجة إلى التضمين وجعله من القلب كما توهم وقوله:) أو عرّفوه) من التفعيل بتشديد الراء والضمير لله ولا يلزم من حق التعريف حق المعرفة فلا يقال كيف هذا، وقد قيل ما عرفناك حق معرفتك وهو ظاهر وجوّز عود الضمير على القضاء أو الجزاء، فلا
إشكال وهو أيضاً من الوقوف بمعنى الاطلاع لكنه لازم كما قيل وهذا متعد فتأمّل، وما قيل إنه بمعنى عرفوه بصفات لم يعرفوها بلا تقدير لا يناسب المقام. قوله: (والإشارة إلى البعث وما يتبعه (فالإشارة إلى جميع ما ذكر لا العقاب وحده ولا دلالة في قوله فذوقوا على ذلك كما قيل وقوله: كأنه جواب قائل الخ إشارة إلى أنه استئناف بياني وجوّز فيه أن يكون حالاً. قوله: (بسبب كفرهم أو ببدله) إشارة إلى أن ما مصدرية ويجوز فيها أن تكون موصولة بتقدير العائد لكن ما ذهب إليه المصنف رحمه الله أولى لعدم الاحتياج إلى التقدير سببية أو للتعويض كالدأخلة على الأثمان نحو اشتريت بكذا وكافأت إحسانه بضعفه على

الصفحة 45