كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

والتاء حرف خطاب والكلام عليه مبسوط في المطولات. قوله: (لعدّيت الفعل إلى ثلاثة مفاعيل) بناء على أنها علمية وأق جملة الاسنفهام في
محل نصب على المفعولية لا مستأنفة ولا هو متعد لواحد بمعنى أبصر أو عرف كما مز، وقوله: وللزم الخ يعني أن يجمع المفعول لأن الضميرين معمولان لعلم فيلزم مطابقتهما لأنهما في الأصل مبتدأ وخبر. قوله:) بل الفعل معلق أو المفعول محذوف الأنها علمية عند المصنف، والتعليق إبطال العمل لفظا لا محلاً بأن يدخل الجملة ما يمنع من العمل في لفظها وليس محلاً يحل فيه جملة كما بين في النحو، والمفعول الثاني في باب علم يكون جملة لأنه خبر في الأصل فاذا قدر المفعول الأوّل لم يكن تعليقاً، وإذا لم يقدر كان تعليقا لأنّ الجملة الاستفهامية ساذة مسدّ مفعولية كما مرّ نقله عن ابن عصفور، فمن قال ليس هذا تعليقاً نحويا فقد وهم، وقوله تنفعكم الخ تقديره أتنفعكم فقدر أداة الاستفهام لأنّ كثرته بعدها قرينة عليه.
قوله: (ويدل عليه) أي على تقدير الهول لأنّ الدعاء لا يكون من نفس! الساعة التي لا يمكن دفعها بل من أهوالها وقال أبو البقاء مفعول أرأيتكم محذوف تقديره أرأيتكم عبادتكم الأصنام بدليل قوله: {أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ} . قوله: {أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ} في الكشاف تخصون ا-لهتكم بالدعوة فيما هو عادتكم إذا أصابكم ضرّ أم تدعون الله دونها والمصنف رحمه الله ترك بيان التخصيص هنا فقيل لأنه لإنكار دعوة غير الله لا لإنكار تخصيص الدعوة بغيره تعالى فتقديمه لأنّ الإنكار متعلق به وفيه نظر يعلم مما ستسمعه، وقوله: أن الأصنام بفتح الهمزة أي في أنّ الخ وقوله وجوابه محذوف وأمّا جواب الشرط الأوّل فقال الرضيّ إنه الجملة المتضمنة للاستفهام وردّه الدماميني في شرح التسهيل بأنّ الجملة الاستفهامية لا تقع جوابا للشرط بدون فاء، بل الاستفهامية مستأنفة وجواب الشرط محذوف مدلول عليه بأرأيت، وفيه بحث ذكرناه في حواشي الرضي. قوله: (بل تخصونه بالدعاء الخ (هذا وان أغنى عن قوله وتقديم المفعول الخ لكنه صرّج به لأنه يحتمل أنّ ألتقديم لرعاية الفواصل والتخصيص يستفاد من قوله: {وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} وقوله إلى كشفه بيان لمحصل المعنى لأنه إنما يدعي لكشفه أو إلى تقدير مضاف والعائد إلى ما محذوف، وقوله: كما حكي الخ إشارة لقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} [سورة الإسراء، الآية: 67] فليس قوله بل إياه تدعون
على الفرض كما يتوهم. قوله: (إن شاء أن يتفضل الخ) اعلم أنّ الزمخشريّ جوّز في متعلق الاستخبار أن يكون تقديره من تدعون وأن يتعلق بقوله: {أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ} وأورد عليه أنّ قوله فيكشف ما تدعون مع قوله أو أتتكم الساعة يأباه فإن قوارع الساعة لا تنكشف عن المشركين، وأجيب بأنه تد اشترط في الكشف المشيئة بقوله إن شاء إيذاناً بأنه إن فعل كان له وجه من الحكمة إلا أنه لا يفعل لوجه أرجح من الحكمة وهو مبني على أصول المعتزلة، وفي البحر الكبير الأحسن عندي أنّ هول القيامة يكشف أيضا ككرب الموقف إذا طال موقفه كما ورد في حديث الشفاعة الحظمى في الفصل بين الخلائق إلا أنّ الزمخشري لم يذكره لأنّ المعتزلة قائلون بنفي الشافعة وقد غفل عن هذا من اتبعه، وخص السؤال بالثاني لأنه غير وارد على الأوّل على ما ذكره الطيبي وصاحب التقريب لأنه إن علق أرأيتكم بمن تدعون المقدر على أنه مفعول فالمعنى أخبروني من تدعون إن أتاكم العذاب أو أتتكم الساعة فيتم الكلام عنده، ثم إنه استأنف مقرّرا لذلك المعنى سائلاً عن الدافع في الدنيا وما شوهد منهم في الشدائد من دعائه تبكيتا لهم بقوله أغير الله تدعون أي أتخصون آلهتكم بالدعوة لا بل أنتم عادتكم أن تخضون الله بالدعاء عند الكرب، والشدائد فيكشف ما تدعون إليه وان علقه بالاستفهام في قوله أغير الله تدعون يكون هو الدال على الجزاء، والمعنى أخبروني إن أتتكم الساعة أدعوتم غير الله أم دعوتموه فيكشف ما تدعون إليه ودخلت الهمزة لمزيد التقرير وحينئذ يلزم كشف قوارع الساعة، وهي لا تكشف عن الكفار بخلاف الوجه الأوّل لأنّ قوله أغير الله تدعون منقطع عنه كما سبق فلا يتعلق كشف الضرّ بالقيامة، وقد ذكر العلامة وصاحب الكشف نحوأ من هذا، وأورد عليه أنّ فيه نظر الظهور أنّ المعنى على هذا التقدير أيضا أتدعون غير الله عند إتيان العذاب

الصفحة 58