كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

صغير فنشأ عندهم ثم قدمت به مكة فاشتراه عبدلذ بن جدعان وأعتقه، وخباب عدة من الصحابة منهم من مسه الرق ورق سلمان رضي الله عنه مشهور وتفصيله في الاستيعاب، وفي كلام المصنف رحمه الله خلط بين حديثين، وقد وقع مثله في الكشاف، وهذا الحديث) 1 (يروى من طرق عدة كما في تخريج أحاديث الكشاف وليس هو قول عمر في بعض طرقه فلا معنى لإنكاره بناء على أنه لا يليق بمقام النبوّة طرد المؤمنين لأجل غيرهم ظنا إنه ينافي في عصمته لأنّ الطرد لم يقع منه والذي همّ به أن يجعل لهم وقتا خاصا ولهؤلاء وقتاً خاصا ليتألف أولئك فيقودهم، إلى الإيمان والصحابة رضي الله عنهم يعلمون ما قصد فلا يحصل لهم إهانة وانكسار قلب منه صلى الله عليه وسلم. قوله: (والمراد بذكر الغداة والعشئ الدوام الخ) كما يقال فعله صباحا ومساء لما يداوم عليه، وقيل الغداة والعشيّ عبارة عن صلاتي الصبح والعصر لأن الزمان كثيراً ما يذكر، ويراد به ما يقع فيه كما يقال صلى الصبح ويراد بالصبح صلاته وكذا المغرب كما يعكس فيراد بالصلاة زمانها نحو قربت الصلاة أي وقتها، وقد يراد بها مكانها نحو: {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى} [سورة النساء، الآية: 43] أي المساجد والدعاء على هذا مراد به حقيقته، أو المراد الدعاء الواقع في الصلاة فلا حاجة إلى ما قيل إنه مسامحة أو المراد الصبح والعصر وذكر الصلاة لبيان الدعاء وقد فسر الدعاء هنا بالصلوات الخمس وبالذكر وقراءة القرآن. قوله: (وقرأ ابن عامر يالغدوة) وكذا قرأه في سورة الكهف أبضا وهي قراءة الحسن ومالك بن دينار وأبي رجاء العطاردي وغيرهم، وغدوة وان كان المعروف فيها أنها علم جنس ممنوع من الصرف ولا تدخله الألف واللام، ولا تصح إضافته فلا تقول غدوة يوم الخميس كما قاله الفراء لكنه سمع اسم جنس أيضا منكراً مصروفا فتدخله اللام، وقد نقله سيبويه في كتابه عن الخليل، وذكره جمّ غفير من أهل اللغة والنحو فلا عبرة بقول أبي عبيد إنّ من قرأ بالواو وأخطأ وأنه اتبع رسم الخط لأنّ الغداة تكتب بالواو كالصلاة والزكاة وهو علم جنس لا تدخله الألف واللام والمخطئ مخطئ لما مرّ، وقد ذكر المبرد عن العرب تنكير غدوة وصرفه وادخال الألف واللام عليه إذا لم يرد غدوة يوم بعينه، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ وكفى بوقوعه في القراءة المتواترة حجة فلا حاجة إلى ما قيل إنه علم لكنه نكر لأن تنكير علم الجنس لم يعهد ولا أنه معرفة ودخلته اللام لمشاكلة العشيّ كما في قوله:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا
إذ قال اليزيد لمجاورة الوليد ومنه تعلم أنّ المشاكلة قد تكون حقيقة. قوله: (يدعون ربهم مخلصين الخ) إشارة إلى أنّ المراد بالوجه الذات كما في قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [سورة القصص، الآية: 88] على أحد التفاسير فيه وأنّ معنى إرادة الذات الإخلاص لها لأنه ذكر في الإشارات أنّ من الناس من أحال كون الله مراداً لذاته وقال إنّ الإرادة صفة لا تتعلق إلا بالممكنات لأنها تقتضي ترجيح أحد طرفي المراد على الآخر وذلك لا يعقل إلا في الممكنات، وقوله عليه أي الدعاء بالإخلاص. قوله: (ما عليك من حسابهم الخ) جوّز في ما هذه أن تكون تميمية وحجازية وفي شيء أن يكون فاعل الظرف المعتمد على النفي أعني عليك، ومن حسابهم وصف له قدم فصار حالاً ومن مزيدة للاستغراق لكن تشبيه الزمخشري بقوله إن حسابهم إلا على ربي الدال على الحصر بصريح النفي والإثبات يشعر بكون شيء مبتدأ، والظرف خبر فدم للحصر، وقوله: ليس عليك حساب إيمانهم يشير إلى تقدير مضاف أو إلى أنه المراد من النظم، أو أنّ الإضافة إليهم للملابسة المذكورة وأنّ حساب الإيمان إمّا بحسب المقدار أو بحسب الإخلاص، والضمير على هذا للمؤمنين كما يعلم من مقابله، ويجوز أن يكون الضمير للمشركين وضمير تطردهم للمؤمنين وضمير سؤالهم وايمانهم راجع إلى من، ولما مشددة حينئذ أو مخففة وما مصدرية. قوله: (فإن كان لهم باطن غير مرضئ الخ) قال أبو حيان كيف يفرض هذا وقد أخبر الله بإخلاصهم في قوله: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} واخباره هو الصدق الذي لا شك فيه وليس بشيء مع قوله كما ذكره المشركون. قوله: (فحسابهم الخ) هذا بعينه ما ارتضاه الزمخشريّ وأن الجملتين في معنى جملة واحدة تؤدّي مؤذي {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وأنه لا بذ منهما والا فالأولى تكفي للجواب وفي قوله كما أنّ إشارة إلى أنّ الثانية مسلمة ظاهرة حتى إنها تدل على الأولى لجعلها مقيسا عليها ولم يجعل المعنى أنّ حسابهم

الصفحة 66