كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

بالنظر إلى فعا! غيره كقوله: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [سورة القصص، الآية: 8] إذ ترتب فوائد أفعاله تعالى عليها تنبيه على العلم التانم فبينهما مباينة ولم يعتبر ابن هثام وغيره فيها هذا القيد وجعلها لا ما تدل على الصيرورة والمآل مطلقاً فيجوز أن تقع في كلامه تعالى وعليه المصنف، والفرق بين لام العاقبة وهذه في كلامه تعالى من حيث إن ترتب الفائدة في الأولى لمجرّد الإفضاء لا السببية والاقتضاء بخلاف الثانية، ولهذا كانت لام عاقبة إن لم يرد الخذلان على طريقة المصنف رحمه الله، وسيأتي الكلام عليه قريبا وهذا مما من الله به وينبغي للطالب حفظه. قوله: (أو للتعليل على أنّ فتنا متضمن معنى خذلنا) الخذلان تركه على ما هو فيه من الغواية من غير إرشاد واغاثة فالفتن متضمن معنى الخذلان لأنه سبب لافتتانهم وهو سبب لذلك القول أو هو من إطلاق المسبب على السبب واللام في هذا للتعليل لأنه سبب مقتض له، وان لم يكن باعثا عليه وعلى ما قبله كان ابتلاء بعضهم ببعض لما مرّ مؤدّيا إلى
الحسد المؤذي إلى ذلك القول فاللام لام العاقبة والثاني هو المذكور في الكشاف بناء على مذهبه من أنّ الفتن أمر قبيح لا يسند إلى الله، فإن كان هذا نقلاً لكلامه وأخره إشارة إلى أنه ليس مذهبنا المرضيّ عنده فظاهر، وان كان بياناً لمعنى يحتمله النظم فالخذلان لا ينافي كون ذلك بإيجاده فكلام الزمخشريّ إشارة إلى نفيه وكلام المصنف وحمه الله ساكت عنه، وأورد هنا بعضهم سؤالاً، وهو فإن قيل التعليل هنا ليس بمعناه الحقيقي لأنّ أفعله تعالى منزهة عن العلل والأغراض فيكون مجازا عن مجرّد الترتب وهو في الحقيقة معنى لام العاقبة فلا وجه للترديد، وقيل هما مختلفان بالاعتبار فإن اعتبر تشبيه الترتيب بالتعليل كانت لام تعليل وان لم يعتبر كانت لام عاقبة وفيه إنّ العاقبة أيضاً استعارة فلا يتم هذا الفرق إلا على القول بأنه معنى حقيقيّ، وعلى خلافه يحتاج إلى فرق آخر فليتأمّل. قوله: (بمن يقع منه الإيمان والشكر الخ) الباء الأولى زائدة والثانية متعلقة بأعلم وفي الدرّ المصون العلم يتعدّى بالباء لتضمن معنى الإحاطة وهو كثير في كلام الناس نحو علم بكذا وله علم به وذكر الإيمان لأنّ الشكر على النعم الممنون بها عليهم وهي تفضيلهم في الدين، وذكره الخذلان على الوجه الثاني أو عليهما لأنه لارّم له، وتد أشرنا إلى ما فيه قريبا. قوله: (وصفهم بالإيمان بالقرآن الخ) الآيات تطلق على آيات القرآن وعلى الحجج وكل منهما صحيح هنا كما أشار إليه المصنف رحمه الله لكن كان الظاهر أو مكان الواو ولذا قيل المراد بالحجج هنا الحجج القرآنية، ثم إنه جوّز في الباء هنا أن تكون صلة الإيمان وأن تكون سببية أي يؤمنون بكل ما يجب الإيمان به بسبب نزول الآيات، وقوله: بعدما وصفهم بالمواظبة الخ إشارة إلى ما مرّ في تفسير الغداة والعشيّ، أمّا على الوجه الأوّل فظاهر، وأما على الثاني فلأن من واظب على هذين الوقتين مع كثرة تشاغل الناس عنهما لزمه المواظبة على غيرهما، وقوله بأن يبدأ بالتسليم أي وان كان في محل لا ابتداء به فيه إكراماً لهم بخصوصهم كما روي عن عكرمة والا فالسلام منه ليس مخصوصاً بهؤلاء. قوله: (ويبثرهم بسعة رحمة الله الخ) تفسير لقوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} والسعة مأخوذة من شمولها لمن أذنب في قوله إنه من عمل الخ، ولم يعطف على ما قبله لأنّ جملة السلام دعائية إنشاثية والذانا تعليل لقوله وصفهم الخ وفضيلتي العلم والعمل من قوله يدعون ويؤمنون، وقوله: (من الله بالسلامة) مبنيّ على الوجه الثاني في سلام، وقوله: (وقيل الخ) وجه آخر في المراد بالذين وهو حديث مرسل رواه الفريابي وغيره، وفاعل نزلت ضمير يعود
على هذه الآية وفي هذه الآية دليل على إطلاق النفس على الله من غير مشاكلة كما تقدم. توله: (اسمئناف الفا نحويّ أو بيانيّ، كأنه قيل وما هي وفي قراءة الفتح وجوه منها ما ذكره، وقيل إنه على تقدير اللام وقيل إنه مفعول كتب والرحمة مفعول له وقوله كعمر إشارة إلى ما روي سابقاً وأشار بمعنى رأى ذلك رأياً وروي أنه رضي الله عنه بكى عند نزولها وقال معتذراً ما أردت إلا خيرالم ا (. توله: (في موضع الحال الخ (الجهل له معنيان كما في الكشاف عدم العلم بالشيء أو بعاقبتة والمخاطرة من غير نظر إلى العواقب كما في قوله:
ونجهل فوق جهل الجاهلينا
ولذا تمتدح به العرب فعلى الأوّل المراد بها الهالة بمضارّ ما يفعله، وعلى الثاني السفه
من غير تقديره فعول وقوله وأصلح آي في توبته بان أتى

الصفحة 69