كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

غير وارد أمّا إن أريد الملكة الحقيقية فظاهر، وأما إن أريد المعنى المشهور فلأنه يكفي وجود مادّة تقبل تلك الصفة، والملازمة المذكورة توهم يضره ولا ينفعه، ثم قال فإن قلت لم لا يكفي في المطلوب تقدّم بعض الإعدام على ملكاتها قلت معارض بتقدم بعض الملكات على إعدامها لتوقف تصوّر الإعدام على تصوّر ملكاتها، ولوجوديتها انتهى والفرق بين لزوم تقدم الشيء بنفسه ولزوم تقدم تصوّره ظاهر ألا ترى أن المفرد مقدم على المركب في الوجود لتقذ م الجزء على الكل مع أن المركب مقدم عليه في التصوّر، ولذا قدم تعريفه على تعريفه في المطالع ولك أن تقول عدم الملكة عدم مخصوص، والعدم المطلق في ضمنه وهو متقدّم على الوجود في سائر المحدثات، ولذا قال الإمام: إنما قدم الظلمات على النور لأنّ عدم المحدثات متقدم على وجودها كما جاء في حديث رواه أحمد والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: " إن الله خلق الخلق في ظلمة، ثم رس عليهم من نوره " وفي أخرى: " ثم ألقى عليهم من نوره فمن أصابه نوره اهتدى، ومن أخطأه ضل فلذلك جف القلم بما هو كائن ") 1 (، فعلى ما ذكره الإمام الظلمة
في الحديث بمعنى العدم والنور بمعنى الوجود ولا يلائمه سياق الحديث، والظاهر ما قيل الظلمة عدم الهداية وظلمة الطبيعة والنور الهداية، والذي أرفعه فيه أنه اقتصر على رواية صدر الحديث، ثم إنه قيل الصواب أن يقال في وجه التقديم التقابل مع قوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [سررة الأنعام، الآية: 73] وكونها متقدمة في الخلق على النور على ما ورد في الأخبار الإلهية أنّ الله خلق الخلق في ظلمة، ثم رش عليهم من نوره فخلق النيرات لا يوافق ما مرّ من معنى الحديث الذي نطقت به الرواية، وقد بقيت هنا كلمات تركناها لعدم جدواها قوله: (ومن زعم أنّ الظلمة عرض يضادّ النور احتج بهذه الآية ولم يعلم أنّ عدم الملكة كالعمى ليس صرف العدم حتى لا يتعلق به الجعل) يعني أن الجعل ليس بمعنى الخلق، والإيجاد بل تضمين شيء شيئا وتصييره قائما به قيام المظروف بالظرف أو الصفة بالموصوف والعدم من الثاني فصح تعلق الجعل به، وان لم يكن موجودأ عينياً لأنه ذكر في الطوالع أنّ العدم المتجدد يجوز أن يكون بفعل الفاعل كالوجود الحادث هذا تحقيق كلامه، ولا يرد عليه شيء أصلاً فإنّ العدم إمّا مطلق صرف أو مقيد ومضاف كعدم الحياة أو عدم تقابل الملكة وقد مرّ تحقيقه ثمت، وقال النحرير الظلمة عدم النور فإن أجرى هذا على إطلاقه كان بين النور والظلمة تقابل الإيجاب والسلب إلا أنّ الحكماء يقولون هو عدم النور عما من شأنه فبينهما تقابل العدم والملكة وعند بعض المتكلمين هو عرض ينافي النور فبينهما تقابل التضاد انتهى، وما نقله عن الحكماء ليس بمتفق عليه فإنّ منهم من ذهب إلى الأوّل، وهو مذهب الإشراقيين كما في حكمة الإشراق وفي شرحه للعلامة الظلمة عدم الضوء عما من شأنه أن يستضيء على ما هو رأي المشائين أو عدم الضوء فحسب على ما هو رأي الأقدمين، وارتضاه بما هو مبسوط ثمت وقيل إذا كان الجعل بمعنى الخلق وليس الفرق بينهما إلا ما مرّ لا يصح تعلقه بالعدم إلا أن يعم الخلق غير الإيجاد، أو الإيجاد إيجاد الشيء ولو لغيره، فإن جعل أعم منه فإن كان الإثبات في نفس الأمر الذي هو أعم من الخارج واعدام الملكات ثابتة فيه، وأمّا العدم الصرف أمّا المطلق فلا تحقق له أصلا إلا إذا ثبت كونه ذاتيا للإعدام المضافة، وهو ممنوع لجواز كونه عرضا عامّاً لها ولا يلزم من ثبوت شيء ثبوت عرضه وأمّا المضاف، إلى غير الملكة فليس له ثبوت شبيه بالوجود الخارجي يرشدك إليه وضع الأسامي لإعدام الملكات كالظلمة والعمى دون غيرها انتهى وبما مر من تحقيق كلامه علمت أنه لا يرد عليه هذا والأحداث ليس بمعنى الإيجاد بل أعم منه والعدم مطلقا لا يصح إيجاده لأنه لا معنى للإيجاد إلا أحداث الوجود فلو أحدث فيه الوجود كان متصفاً به فيلزم اجتماع النقيضين نعم عدم الملكة عدم بالفعل ووجودب لقوّة كما مر نقله عن الشفاء مع أنهم صرحوا بأنّ العدم المطلق جزء من العدم المقيد، وقيل الجعل الإنشاء، وهو أعم من إيجاده بنفسه أو إيجاده في محل بأن جعل المحل متصفأ به، ولا يخفى أنّ الموجودات
قد تتصف بالإعدام فتأمّل. قوله: (عطف على قوله الحمد لله الخ) في الكشاف عطفه إما على قوله الحمد لله على معنى أنّ الله حقيق بالحمد على ما خلق لأنه

الصفحة 7