كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

وفصله بين البدل والمبدل مع أنه قيل عليه إنّ صفة شيء كيف تكون تكرير الصفة شيء آخر معنى، ووجه كونه بدلاً أنّ قوله ولا رطب ولا يابس معطوفان على ورقة ليشاركاها في صفتها أعني لا يعلمها إلا هو فكأنه قيل ولا رطب ولا يابس إلا يعلمها، ولا يخفى أنه تكلف لا
حاجة إليه وأنّ ما أورده غير وارد لأنّ الورقة داخلة في الرطب واليابس فلا تغاير بحسب المعنى فصح ما ذكره وسيأتي له تفصيل في سورة يونس.
قوله: (أو بدل الاشتمال) ولا يصح أن يكون بدل كل من كل لعدم اتحادهما وهو ظاهر، وأما ما قيل أنّ اللوح محل معلوماته فيؤول إليه فتكلف لا حاجة إليه مع صحة الاشتمال، وكذا ما قيل إنه حينئذ يصح أن يكون بدل كل من حيث إنّ كونها في اللوج كناية عن كونها معلومة له لأنه خلط بين التفسيرين بجعلهما واحداً والكلام ناطق بخلافه، وقال الزجاج: إنه تعالى أثبت المعلومات في كتاب من قبل أن يخلق الخلق كما قال إلا في كتاب من قبل أن نبرأها وفائدة ذلك أمور أحدها اعتبار الملائكة موافقات المحدثات للمعلومات الإلهية، وثانيها تنبيه المكلفين على عدم إهمال أحوالهم المشتملة على الثواب والعقاب حيث ذكر أنّ الورثة والحبة في الكتاب، وثالثها عدم تغيير الموجودات عن الترتيب السابق في الكتاب ولذا قال جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وهذا الكتاب يسمى اللوج المحفوظ. قوله: (استعير التوفي الخ (أشار بذكر المصدر إلى أنّ الاستعارة تبعية وقوله في زوال الإحساس إشارة إلى وجه الشبه بينهما والظاهر أنّ أل فيه للعهد أي إحساس الحواس الظاهرة لأنه ذكر في سورة يوسف أن الحواس الباطنة تدرك في النوم، وقيل إنه بناء على ما اشت! هر من أنّ النوم ضد الإدراك، وجعل صاحب التلخيص وجه الشبه عدم ظهوو الفعل وقوله جرياً على المعتاد أي من الكسب في النهار وعدمه في الليل والا فقد يعكس. قوله: (يوقظكم الخ (يعني أنّ البعث بمعنى الإيقاظ ضمير فيه للنهار على ما ذهب إليه كثير من المفسرين والزمخشري لما رأى قوله: {يَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ} (دالاً على حال اليقظة وكسبهم فيها وكلمة ثم تقتضي تأخير البعث عنها عدل عنه فقال في تفسيره ثم يبعثكم من القبور في شأن ذلك الذي قطعتم به أعماركم من النوم بالليل، وكسب الآثام بالنهار ومن أجله كقولك فيم دعوتني فتقول في أمر كذا فجعل الضمير جارياً مجرى اسم الإشارة عائدا على مضمون كونهم متوفين وكاسبين ومفى في هو حاصل معنى لام العلة والأجل المسمى هو الكون في القبور قال النحرير: ولا يخفى ما فيه من التكلف وأنه لا حاجة إليه لأنّ قوله: {يَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ} إشارة إلى ما كسب في النهار السابق على ذلك الليل ولا دلالة فيه على الإيقاظ من هذا التوفي وأنّ الإيقاظ متأخر عن التوفي وان قولنا يفعل ذلك التوفي لنقضي مدة الحياة المقدّرة كلام منتظم غاية الانتظام، ولا يخفى أنه تكلف بعيد وما قيل في وجه التراخي أنّ
حقيقة الإنامة في الليل تتحقق في أوّله، والإيقاظ متراخ عنه وان لم يتراخ عن جملته ليس بسديد لأنه لا وجه حينئذ لتوسط قوله: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ} ومعنى جرحتم كسبتم مأخوذ من جوارج الطير. قوله: (ترشيحا للتوقي) قيل فعلى هذا يكون الترشيح مجازاً، وقد يقال إنه ليس بمجاز، ولا يخفى أنّ الترشيح له نوع خصوص بالمشبه والبعث مما لا خصوص له إذ يقال بعثه من نومه إذا أيقظه كما صرّح به في المطول ولك أن تتكلف بأنه كذلك في اللغة لكنه حقيقة شرعية في إحياء الموتى في الآخرة (قلت) كونه ترث! يحاً باعتبار ما ذكر.، وأنه المتبادر في عرف الشرع وان كان لغة أعنم وإذا أسند إليه تعالى لم بفهم منه إلا هذا أو الإيجاد وبعث هنا ليس مجازاً كما توهم بل حقيقة جعل ترشيحا لما مرّ ولا يشترط في الترشيح اختصاصه بالمشبه به، بل أن يكون أخص به بوجه كما قرّروه في قوله:
له لبد أظفاره لم تقلم
إذ جعلوا لم تقلم ترشيحا والبعث في الموت أقوى لأنّ عدم الإحساس فيه أقوى فإزالته
أشد، وهو ظاهر وإن خالفه ما في المطوّل لأنه غير مسلم حتى جعله بعضهم قرينة في قوله من بعثنا من مرقدنا مع أنّ البعث حقيقة في الإيقاظ لكن المتبادر منه ما ذكروا لا لم يكن ترشيحا بل تجريدا، ولو سلم أنه مجاز فهو لا ينافي الترشيح، قال في الفرائد: الترشيح يجوز أن يكون باقياً على حقيقته تابعا للاستعارة لا يقصد به إلا تقويتها وأن يكون مستعارا من ملائم المستعار لملائم المستعار له، فلا يتجه ما قيل فيه بخث لأنه لما كان

الصفحة 73