كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

إني أرى وأظن أنّ ستري وضح النهاروعالي النجم
وقد تلطف بعض المتأخرين فيه إذ قال:
قد أعرت الشباب غيري وما زال شباب الإنسان ثوبا معارا
أطلع الشيب في عذارى نجوما فرأيت النجوم منه نهارا
قوله: (أو من الخسف) معطوف على قوله من شداندهما قيل فهو على الأوّل استعارة للهول، وعلى هذا المراد حقيقة الظلمات يعني ليس المراد شذة الخسف والغرق حتى يدخل هذا الوجه في الأوّل فيكون أعئم منه بل المراد ظلمة البرّ بالخسف في الأرض، وظلمة البحر بالغرق فيه فتغايرا، ومنهم من جعله كناية عن الخسف والغرق فهو حقيقة أيضا. قوله: (معلنين ومسرين (يعني نصبها على الحال أو المصدرية، وقيل بنزع الخافض، والإعلان والإسرار ي! ضمل أن يراد بهما ما باللسان والقلب، وقراءة خفية بالكسر لأنها لغة فيه كالأسوة والأسوة. قوله: (على إرادة القول) أي تقديره والقول المقدر حال أو على إرادة معناه من تدعون بناء على مذهب الكوفيين في الحكاية بما يدلّ على معنى القول من غير تقدير، والصحيح الأوّل فيكون محل الجملة النصب، وقيل إنّ الجملة القسمية تفسير للذعاء فلا محل لها، وقرأ الكوفيون أنجانا بلفظ الغيبة مراعاة لقوله تدعونه والباقون أنجيتنا بالخطاب حكاية لخطابهم في حالة الدعاء. قوله: (غتم سواها (أمره بالجواب تنبيها على ظهوره كما مرّ أو إهانة لهم إذ لا يلتفتون لخطابه، والمصنف رحمه الله نظر إلى الظاهر فخصه بقوله سواها لتقدم قوله منها فكل للتكثير حينئذ، ولا حاجة إليه بل يجوز أن تبقى على أصلها من التعميم والإحاطة وذكر التعميم بعد التحصيص كثير، ولا يعدّ تكرأراً، ثم إنّ المراد بالكرب ما يعم ما تقدم ولا محذور في التعميم بعد التخصيص أو أهوال القيامة، أو ما يعتري المرء من العوارض النفسية التي لا تتناهى كالأمراض والأسقام، فما قيل إن هذا يدلّ على أنّ المراد بما تقدم كرب مخصوص كالخسف والغرق والا فشدائد البر والبحر تتناول جميع الشدائد والكرب فلا فائدة في التعميم، أو الأولى نعمة رفع وهذه نعمة دفع هانه من قبيل متقلداً سيفاً ورمحاً تكلف لا داعي له. قوله: (تعودون إلى الشرك الخ (لأنّ الخطاب للمشركين وشركهم مقدّم على ذلك، فالشرك المذكور بالمضارع، وثم شرك آخر عادوا إليه بعد النجاة كما يقتضيه السياق، وهذا يؤيد ما سلكه الزمخشرقي سابقا من تخصيص الخطاب بالكفرة ووضع تشركون موضع لا تشكرون ا) أي هو مقتضى الظاهر المناسب لقوله: {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} لأنّ إشراكهم تضمن عدم صحة
عبادتهم وشكرهم، لأنه عبادة بل نفيها لعدم الاعتداد بها معه إذ التوحيد ملاك الأمر، وأساس العبادة فوضعه موضعه توبيخا لهم لعدم الوفاء بالعهد، ولم يذكر متعلقه لتنزيله منزلة اللازم تنبيهاً على استبعاد الشرك في نفسه. قوله: (قل هو القادر) في الكشاف هو الذي عرفتموه قادرا أو هو الكامل القدرة، ولشراحة فيه كلام فقيل مراده أنها للعهد أو للجنس، وأنّ الحصر فيه باعتبار الكمال أو لخصوص هذه الأشياء المذكورة في النظم، وإنما أوّله بذلك لأنّ في هذه الأمور شروراً وقبائح لا تسند إليه عند المعتزلة، وفيه تفصيل كفانا المصنف رحمه الله مؤنته بتركه وقوله: {مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} المراد به جهة العلو وجهة السفل، فلا يتوهم أنّ الماء ليس تحت أرجلهم، والذي من فوقهم كأمطار حجارة من سجيل في قصة الفيل، وأرسال السماء في قصة نوح وإمطار الحجارة على قوم لوط عليه الصلاة والسلام. قوله: (أو يلبسكم) معنى يلبسكم يخلطكم فقيل: المراد اختلاط الناس في القتال بعضهم ببعض، وهو مراد المصنف رحمه الله، وقيل: المراد يخلط أمركم عليكم ففي الكلام مقدر وخلط أمرهم عليهم بجعلهم مختلفي الأهواء وشيعا جمع شيعة، وهم كل قوم اجتمعوا على أمر، وهو حال وقيل إنه مصدر منصوب بيلبسكم من غير لفظه. قوله: (فينشب القتال بينكم الخ) أصل معنى النشوب التعلق وفي الحديث قد نشبوا في قتل عثمان رضي الله عنه) 1 (، أي وقعوا فيه ويكون نشب بمعنى لبث نحو لم ينشب أن مات أي لم يلبث وليس مراداً هناه قوله: (وكتيبة الخ (هو شعر للفرار السليّ وهو:

الصفحة 76