كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

إسلامه إليه، ولهذا جمع بينهما لأنه روي كل منهما عن السلف، وقال الزجاح: إنهما بمعنى واحد واليه أشار المصنف رحمه الله، فما قيل إنه من راهنه على كذا إذا خاطره فكان الهلاك يقول إن حصل منك سوء العمل، فالنفس لي تكلف نشا من قلة التدبر، وفريسة الأسد ما يفترسه ويصطاده، ولا تفلت أي تتخلص منه، والقرن بالكسر الكفوفي الشجاعة، والبسل بالسكون الحرام والإبسال التحريم قال:
أجارتكم بسل علينا محرّم وجارتنا حل لكم وحليلها
ويكون بسل جوابا بمعنى نعم وأجل واسم فعل بمعنى اكفف، وقوله عز وجل أن تبسل
نفس فسر هنا بالعموم أي كل نفس وهو نكرة في الإثبات كقوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ} [مورة التكوير، الآية: 4 ا] إما لأنه قد يؤخذ عمومه من السياق واقا لأنه نفي معنى كما يفهم من كلام المصنف، فتأمّل. قوله: (ليس لها الخ) في هذه الجملة ثلاثة وجوه فقيل إنها مستأنفة للإخبار بذلك أو في محل رفع صفة نفس، أو في محل نصب على أنها حال من ضمير كسبت وضمير يدفع للوليّ والشفيع باعتبار أنه مذكور أو تأويله بذلك أو بكل واحد على البدل، ومعنى كونهما من دون الله سواء كانت من زائدة أو ابتدائية إنهما يحولان بينها وبينه بدفع عقابه، ولذا قيل إنّ فيه مضافاً مقدراً أي دون عذابه، واليه يشير كلام المصنف، فلا يرد أنه من أين يؤخذ العذاب من النظم. قوله:) وإن تفد كل فداء) الفداء بالكسر والمدّ، وإذا فتح قصر وكل منصوب على المصدرية لأنه بحسب ما يضاف إليه لا مفعول به، وقيل: هو بمعنى الكامل، كقولك هو رجل كل رجل أي كامل في الرجولية وتقديره عدلاً كل عدل وفيه أنّ كل بهذا المعنى تلزم التبعية، والإضافة إلى مثل المتبوع نعتا لا توكيداً، كما في التسهيل ولا يجوز حذف موصوفها، وقوله: (لا إلى ضميره) لأنّ العدل هنا مصدر لوقوعه مفعولاً مطلقا وليس هو بمأخوذ نعم يجوز أن يراد بضميره العدل بمعنى الفدية على الاستخدام فيصح الإسناد إليه كما في قوله تعالى: {لاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} لكن لا حاجة إليه مع صحة الإسناد إلى الجار والمجرور كسير من البلد وأخذ من المال وكذا كونه راجعاً إلى المعدول به المأخوذ من السياق، وكون يؤخذ بمعنى يقبل ونحوه. قوله: (أسلموا إلى العذاب الخ) فالمشار إليه بأولئك هم الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهواً لا الجنس المفهوم من قوله أن تبسل نفس مع قوله بما كانوا يكفرون لاحتياجه إلى تكلف وكون هذا مشروطا بعدم رجوعهم عما هم عليه معلوم بالأمخرورة ولا ينافيه مخافة أن تبسل الخ لأنه يخاف على كل أحد ويحرص على إنقاذه من كفره شفقة
منه. قوله: (تثيد وتفصيل لذلك الخ) لأنّ المسلم إليه مجمل مفصل بهذا فيؤكده، وماء مغلي بصيغة المفعول تفسير للحميم ويتجرجر من الجرجرة بجيمين وراءين مهملتين بمعنى يتردّد ويضطرب فيها وأصل الجرجرة صوت يردّه البعير في حنجرته، وخص العذاب بالنار لأنه المتبادر منه فلا يرد أنه لا وجه له وفسر ندعو بنعبد، والنفع والضرّ بالقدرة عليهما لأنه الواقع ولأنّ نفيهما أبلغ. قوله: (ونردّ على أعقابنا) جمع عقب وهو مؤخر الرجل يقال رجع على عقبه إذا انثنى راجعاً كرجع على حافرته وانقلب على عقبيه قال تعالى: {فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ} [سورة المؤمنون، الآية: 66] ومعناه القهقرى وقيل إنه كناية عن الذهاب من غير رؤية موضع القدم وهو ذهاب بلا علم بخلاف الذهاب مع الإقبال، وخطاب قل وان كان للنبيّ! يلى لكن فاعل تدعو ونردّ عامّ له ولغيره، والمعنى أيليق بنا معاشر المسلمين ذلك فلا يرد أن ذلك لم يكن من النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى يتصوّر ردّه إليه لأنه لتغليب من أسلم من المؤمنين وليس مخصوصاً بالصدّيق أيضاً بسبب النزول، وقيل الردّ على الإعقاب بمعنى الرجوع إلى الضلال والجهل شركاً أو غيره. قوله: (من هوى يهوي هوياً إذا ذهب (هذا هو المعروف في اللغة وأمّا كونه من هوى بمعنى سقط يقال هوى يهوي هويا بفتح الهاء من أعلى إلى أسفل وبضمها لعكسه أو هما بمعنى، وأنه على تشبيه حال الضال كما في قوله تعالى: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء} [سورة الحج، الآية: 31] لأنه في غاية الاضطراب فلا يناسب قوله: {فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ} [سورة الأنعام، الآية: 71] مع أنه يتوقف على ورود الاستفعال منه ومردة جمع ما ردوا لمهامه جمع مهمه وهو الفلاة وترك قول الزمخشري كما تزعمه العرب لأنه مبنيّ على إنكار الجن، وهو مذصب باطل والتشبيه تمثيلي وقد رذا بعد الكاف

الصفحة 80