كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

ليكون تشبيه ردّ برذ وقوله متحيراً بيان لأنه حال وكذا في الأرض ويصح تعلقه باستهوته والمستهوي بصيغة المفعول. قوله: (ومحل الكاف النصب على الحال) قال في الفرائد حاصله حينئذ نرذ حال مشابهتنا كقولك جاء زيد راكباً أي في حال ركوبه، وليس الردّ في حال الشبه، وردّ بأنّ الحال مؤكدة كقوله: {وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} فلا يلزم ذلك وفيه نظر، والتشبيه على الحالية تمثيليّ شبه حال من خلص من الشرك ثم عادله بحال من ذهبت به الغيلان في مهمه بعدما كان على الجادة، وعلى أن يكون مصدراً
مركب عقلي. قوله: (أي يهدونه الخ) هو وما بعده وجه واحد وأوّل كلامه بيان لحاصل المعنى وقيل هما وجهان الأوّل بقاؤه على المصدرية، والثاني تأويل المصدر باسم المفعول وسوق الكلام يأباه. قوله: (يقولون له ائتنا) مرّ أنّ أمثاله يقدر فيه قول هو حال أو يحكي بالدعاء لأنه بمعنى القول على الخلاف بين البصريين والكوفيين فيه ولا ينافيه تعدية يدعون لإلى كما توهم، وقوله في محل آخر لا حاجة لتقدير القول بناء على أحد القولين فلا تناقض فيه كما قيل، وقوله هو الهدي وحده الحصر من تعريف الطرفين أو ضمير الفصل. قوله: (واللام لتعليل الخ) بذلك إشارة إلى قول أنّ الهدى الخ أي أمرنا أن نقول ذلك عن خلوص طوية لننقاد لأمره فاللام لام تعليل، وهذا معنى قول أبي حيان مفعول أمرنا الثاني محذوف تقديره أمرنا بالإخلاص لكي ننقاد ونستسلم لرب العالمين، وليس هذا ما وقع في الكشاف حتى يقال إنه مبني على الاعتزال من تساوي الأمر، والإرادة وأن المصنف رحمه الله تابعه غفلة منه كما توهم وهذا غفلة عن مراده وعن إنّ ما أورده في الانتصاف ليس مسلما ولذا سم يعرّج عليه من الشراح غير الطيبي، والذي في الكشاف هي تعليل للأمر بمعنى أمرنا وقيل لنا أسلموا لأجل أن نسلم، وفي الكشف قال جار الله إذا قلت أمرته ليقوم كان ظاهره أمراً مطلقاً خصصه التعليل ونحوه قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [سورة الحج، الآية: 39] وقوله: {قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [سررة إبراهيم، الآية: 31] أي أذن في القتل وقل لهم صلوا) أقول) والتحقيق أنّ حقه أن يعدّى بالباء فلما عدل عن ذلك حمل على أنه لام التعليل، وتقديره أمرنا بأن نسليم للإسلام لا لغرض آخر فأفاد مبالغة في الطلب من وجهين انتهى، وهو محل تأمّل وقيل إن الإشارة للإسلام ولا غبار في تعليل الأمر بالإسلام بنفس الإسلام لأن مآله أنه طلب النفع، وهو تكلف لا حاجة إليه، وقيل اللام بمعنى الباء قال أبو حيان وهو غريب لا تعرفه النحاة، وأمّا زيادتها وتقدير أن بعدها فقول مرّ ما فيه، وقال الخليل وسيبويه: ومن تابعهما الفعل في هذا، وفي: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [سورة النساء، الآية: 26] يؤوّل بالمصدر وهو مبتدأ واللام وما بعد خبره أي أمرنا للإسلام، وعليه فلا مفعول للفعل كما في المغني فهو كتسمع بالمعيدي، ولا يخفى بعده وذهب الكسائيئ والفراء إلى أنّ اللام حرف مصدرقي بمعنى أن بعد أردت وأمرت خاصة، وردّه الزجاج وارتضاه صاحب الانتصاف ففي اللام هنا أربعة وجوه كونها زائدة وتعليلية للفعل أو للمصدر المسبوك منه أو بمعنى الباء أو أن المصدرية، فاختر لنفسك ما يحلو، وفي هذه المسألة كلام سيأتي تفصيله، والهدى بمعنى الاهتداء فسره بالإسلام، ولذا قابله بالضلال
فليس الظاهر أن يقول الإضلال كما قيل. قوله: (عطف على لنسلم الخ (أي بناء على أنّ اللام تعليلية وهذا قبله حرف جرّ مقدر لاطراد حذفه والجار والمجرور معطوف على الجارّ والمجرور، وهو أيضا على مذهب سيبويه من تابعه من النحاة القائلين بدخول أن المصدرية على الأمر كما مرّ، أو فيه تسمح بناء على أنه معطوف على نسلم وأنه علة واللفظ مؤوّل والمراد ولتقيموا فاخرج على لفظ الأمر وفيه تأمّل، وأورد على هذا ابن عطية رحمه الله إنّ في اللفظ ما يمنعه لأن نسلم معرب وأقيموا مبنيّ، والمبنيّ لا يعطف على المعرب لأنّ العطف يقتضي التشريك في العامل، ورد بأته ليس كما ذكر بل هو جائز كقام زيد، وهذا وكقوله: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [سورة هود، الآية: 98] إلى غير ذلك. قوله: (أو على موقعه) ! خ فيه الزمخشري إذ قال إنه عطف على موضعلنسلم كأنه قيل وأمرنا أن نسلم وأن أقيموا إنه كثيرا ما يقع في هذا الموقع أن نسلم فعطف عليه وان أقيموا بهذا الاعتبار على التوهم كما في فأصدق واكن، وبه يشعر قول الزمخشريّ كأنه قيل وأمرنا أن نسلم وأن أقيموالكن لا يخفى أنّ أن في أن نسلم مصدرية ناصبة

الصفحة 81