كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

للمضارع وفي أن أقيموا مفسرة، وقيل لا حاجة إلى هذا الاعتبار بل المراد إنه عطف على مجموع اللام وما بعدها، ثم جوّز أن يكون عطفا على ما بعد اللام وأن مصدرية موصولة بالأمر بناء على جواز وصلها به وأمّا دفعه بأنّ العطف على توهم أن المفسرة، وأنه توهم إن مكانه أن أسلموا فبعيد، وقال أبو حيان رحمه الله: ظاهره أنّ لنسلم في موضمع المفعول الثاني لأمرنا وعطف عليه أن أقيموا فتكون اللام زائدة، وقد قدم أنها تعليلية فتناقض كلامه فتأمّل، ولما ذكر سبب النزول نشأ منه سؤال أشار إلى جوابه بقوله وعلى هذا كما بينه في الكشاف، وفي الدرّ المصون إنّ فيه وجوهاً فقيل معطوف على قوله إنّ هدى الله وقيل على قوله لنسلم، وقيل على ائتنا وهو بعيد، وقيل معطوف على مفعول الأمر المقدّر أي أمرنا بالإيمان واقامة الصلاة، وقيل هو محمول على المعنى وفيه كلام طويل فانظره. قوله: (قائماً بالحق) إشارة إلى أنّ الجار والمجرور في موقع الحال من الفاعل ومعنى الآية حينئذ كقوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ} ، [سورة ص، الآية: 27] ويجوز أن يكون حالاً من المفعول أي ملتبسة بالحق. قوله: (جملة اسمية الخ) قال الطيبي: الواو ستئنافية، والجملة تذييل لقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} ولهذا جعل اليوم بمعنى الحين ليعمّ الزمان فقوله مبتدأ، والحق صفته والمراد المعنى المصدري أي القضاء الصواب الجاري على وفق الحكمة فلذا صح الإخبار عنه بظرف الزمان أعني يوم الخ، وإلى هذا يشير كلام المصنف رحمه الله، وتمثيله بالقتال إشارة للمصدرية، وقوله: وقوله الحق الخ إشارة إلى أنّ تقديم الخبر ليس للحصر، وقوله: نافذ هو معنى كن فيكون وكونه في جميع الكائنات مأخوذ من جملة الكلام والتذييل وقال النحرير: تقديم الخبر لكونه الشائع في الاستعمال مثل عنده علم الساعة لأنّ الحصر غير مناسب هنا وقول الزمخشري لا يكوّن شيئا من السماوات والأرض وسائر المكوّنات إلا عن حكمة، وصواب مستفاد من المقام، ولو جعل التقديم هنا للحصر لكان للحصر على عكس ما ذكر أي قضاؤه الحق لا يكون إلا يوم يقول وهو فاسد اهـ، وفيه أنّ المعروف الشائع تقدم الخبر الظرفي إذا كان المبتدأ نكرة أو نكرة موصوفة كما مز في أجل مسمى، أما إذا كان معرفة فلم يقله أحد ومثاله غير مستقيم لأنه قصد فيه الحصر لأنّ علم الساعة عند الله لا عند غيره، وما قيل من أنه يشير إلى أنّ الط طف داخل في المعنى على المبتدأ وأنّ المقصود بكون قول الحق وقت إيجاد الأشياء نفاذه فيها وأنّ المراد السماوات والأرضى وما فيهما أو الكلام على الظاهر، والمقصود تعميم قوله الحق لجميع الكائنات لا محصل له وهو ناشئ من قلة التدبر. قوله: (وقيل يوم منصوب بالعطف على السماوات الخ (إذا عطف على السماوات فهو مفعول به، والمعنى أنه أوجد السماوات والأرض! وما فيهما وأوجد يوم الحشر والمعاد، وكذا إذا عطف على الهاء فهو مفعول به أيضا كما في قوله: {وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي} [سورة البقرة، الآية: 48، وهو بتقدير مضاف أي هو له وعقابه وفزعه أو المراد باتقاء ذلك اليوم اتقاء ما فيه من ذلك، وأما القول بأنه معطوف على بالحق وهو ظرف لخلق فيتوقف على صحة عطف الظرف على الحال لأنّ الحال ظرف في المعنى وهو تكلف. قوله: أأو بمحذوف دل عليه بالحق (أي يقوم بالحق يوم الخ لأن معنى بالحق قائماً بالحق كما مرّ قال أبو حيان رحمه الله: وهو إعراب متكلف. قوله: (وقوله الحق مبتدأ وخبر أو فاعل يكون الخ) يعني على الوجوه الثلاثة الأخيرة وقوله على معنى وحين يقول الخ تقرير للمعنى على تقدير أن يكون قوله الحق فاعل يكون على الوجوه الثلاثة، ويوم على الأوّل مفعول خلق، وعلى الثاني مفعول اتقوا، وعلى الثالث منصوب بفعل محذوف وقوله لقوله الحق إشارة إلى أنّ الكائن جميع المخلوقات واسناد الكون إلى الحق إسناد مجازي إلى السبب وقيل لما اقتضى كون قوله الحق فاعل يكون تعلق كن به قال لقوله الحق، وفسره بالقضاء ولا شك أنّ تكوين القضاء
يوجب تكوين المقضيّ، وهو تحريف لكلامه والقضاء بالمعنى المصدري لا يتعلق به التكوين إلا مجازا فالوجه ما قدمناه وفي الكشف المراد بالقول ما يقع بالقول، وهو المقضي أي حين يقول لمقضيه كن فيكون المقضي، والوجه الأوّل اهـ فلا يرد عليه أنّ هذا التفسير لا يناسب أن يكون قوله فاعلا ليكون بل المناسب أن يقال وحين يقول كن فيكون أثر قوله الحق كما توهم وعلى كونه فاعلا فإن عطف على السماوات

الصفحة 82