كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

فالمراد بالتكوين الإيجاد واليه أشار بقوله حين يكون الخ وإن عطف على مفعول اتقوا أو تعلق بمقدر، فالمراد بالتكوين الإحياء للحشر لأنه الذي يتقي ويظهر بعده القيام بالحق، واليه أشار بقوله فيكون التكوين الخ، وفي قوله حشر الأموات تسمح لأنه ليس بتكوين وقوله كقوله: {لِّمَنِ الْمُلْكُ} [سورة غافر، الآية: 6 ا] الخ يعني أنّ تحصيص الملك بذلك اليوم لتعظيمه لا لاختصاص ملكه به، وفيه كلام آخر سيأتي. قوله: (يوم ينفخ في الصور) أي استقرّ الملك يوم ينفخ، واليه أشار بقوله لمن الملك فلا يدعيه غيره، والصور قرن ينفخ فيه كما ثبت في الأحاديث لا جمع صورة كما قيل والصور وأحواله مفصلة في كتب السنة. قوله:) كالفذلكة للاية (لأنّ الحكيم جامع لجميع أفعاله المتقنة الجارية على وفق المصالح، والخبير جامع لعلم الغيب والشهادة ففيه لف ونشر مرتب قيل: والواو ليست للعطف بل هي استئنافية نحو: {جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سورة سبأ، الآية: 17] وهو المسمى في المعاني بالتذييل، والمراد بالفذلكة إجمال ما فصل أوّلاً قال الواحدي رحمه الله في شرح قول المتنبي:
نسقوا لنا نسق الحساب مقدماً وأتى فذالك إذ أتيت مؤخرا
فذالك جمع فذلكة وهي جملة الحاسب لقوله فيها فذلك كذا انتهى، وهو من النحت المولد. قوله: (آزر الخ) إن كان علما لأبيه فهو عطف بيان أو بدل وقال الزجاج رحمه الله: ليس بين النسا بين اختلاف في أنّ اسم أبي إبراهيم صلى الله عليه وسلم تارج بناء مثناة فوقية، وألف بعدها راء مهملة مفتوحة وحاء مهملة، والذي في القرآن يدل على أنه خلافه، فإما أن يكون لقبا غلب عليه أو كما قيل هو اسم عمه أو اسم جذه والعم والجذ يسميان أبا مجازا، والمصنف رحمه الله أجاب بأجوبة وهي ظاهرة، وقيل آزر وصف معناه الشيخ بفارسية خوارزم، وقيل إنه المعوج بالسريانية وقيل معناه المخطئئ وعلى الوصفية لا يظهر لمنع صرفه وجه فقال المصنف رحمه الله: إنه حمل على موازنه وهو فاعل المفتوح العين، فإنه يغلب منع صرفه لأنه كثير في الإعلام الأعجمية، والأولى أن يقال إنه غلب عليه فألحق بالعلم والا فليس فيه علمية أصلاً لأنّ
الوصف في العجمة لا يؤثر في منع الصرف ومن لم يتنبه لهذا قال: العلة لم تبلغ النصاب، وقوله: أو نعت الخ فمنع صرفه لوزن الفعل والوصفية، لأنه على وزن أفعل، والأزر القوّة والوزر الإثم، وقوله: (والآقرب الخ) يشير إلى أنه لا عبرة بما وقع في التواريخ مخالفا لظاهر الكتاب المجيد لأنها أكثرها نسي بالتقادم وخلطت فيه أهل الكتاب، وقوله: (بحذف المضاف) أي عابد آزر، وحذفه إما في كلامهم أو في النظم. قوله: (وقيل المراد الخ) فهو من جملة المقول، وليس هذا التفسير المصطلح عليه في باب الاشتغال لا لأنه بينه وليس عينه بل ما يناسبه وهو تعبد لأنه لا يشترط فيه أن يكون عينه نحو زيداً ضربت عبده إذ تقديره أهنت زيداً، ضربت عبده بل لأنّ ما بعد الهمزة لا يعمل فيما قبلها، وما لا يعمل لا يفسر عاملاً كما تقرّر عندهم. قوله: (تفسير أو تقرير) المراد بالتفسير تفسير آزر مراداً به الصنم وعامله المقدر لأن تقديره أتعبد آزر، وقوله أتتخذ أصناما تفسير له والمراد بالتقرير تقريرهم بسوء عقيدتهم ليلزمهم، ولذا فسره النحرير بالتحقيق والتثبيت لأنه واتع وقيل المراد تقرير الاستفهام الإنكاري لا القابل للإنكار، وفيه نظر. قوله: (ويدل عليه أنه قرئ أزارا (بهمزتين الأولى استفهامية مفتوحة، والثانية مفتوحة ومكسورة وهي إمّا أصلية إن كان اسم صنم أو أصلية بمعنى القوّة، أو مبدلة من الواو بمعنى الوزر والإثم، وعليه فعامله مقدر أي تعبد إزرأ إن كان اسم صنم وإن كان عربيا فهو مفعول له، أو حال أو مفعول ثاني لتتخذ أو منصوب بمقدر كما ذكره المعرب وغيره ومن قرأ بهذه أسقط همزة أتتخذ، فجعل هذه القراءة دليلاً على أنه اسم صنم لا يتجه وقوله: (وهو يدل على أنه علم (أي قراءة يعقوب آزر بالمد وضم الراء على أنه منادى تدل على العلمية لأن حذف حرف النداء من الصفات شاذ، فما قيل إن النداء يكون بالصقات نحو يا عالم، وأجيب عنه بأنّ كثرته في الأعلام تكفي للترجيح، وقيل عليه دعوى الكثرة محل نظر من سوء الفهم وقلة التدبر، وكذا ما قيل إنّ خطاب إبراهيم صلى الله عليه وسلم لأبيه بما يشعر بتحقيره ينافي حسن الأدب لأنه ليس بأدون من قوله إني

الصفحة 83