كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

أراك وقومك في ضلال مبين وليس مقتضى المقام الأدب معه، وقوله ظاهر إشارة إلى أنه من أبان اللازم. قوله: (ومثل هذا التبصير الخ! إشارة إلى أنّ الإشارة إلى مصدر الفعل الذي بعده، والإشارة قد تكون إلى متأخر كما مرّ في قوله هذا فراق بيني وبينك، وزيادة كافة وعدمها سبق منا تحقيقه، قيل، ولك أن تجعل المشبه التبصير من حيث أنه واقع والمشبه به التبصير من حيث أنه مدلول اللفظ، ونظيره وصف النسبة بالمطابقة
للواقع، وهي عين الواقع وليس أبا عذرته فإنه سبق ما هو قريب منه في كلام الطيبي رحمه الله ويجوز أن يكون المشار إليه ما أنذر به أباه وضلل قومه من المعرفة والبصارة فيكون قوله فلما جن عليه الليل تفصيلا وبيانا لمعنى المثل، وأشار بقوله التبصير إلى أنّ رأى هنا بصرية لا علمية والزمخشرفي جعلها بصرية لكن ذكر أنها مستعارة للمعرفة، كما بينه شراحه، وكذا قال ابن عطية رحمه الله: وردّه أبو حيان بأنه يحتاج إلى نقل عن العرب إنّ رأى بمعنى عرف تتعدّى إلى مفعولين (قلت (إذا كانت بصرية استعيرت للمعرفة استعارة لغوية من إطلاق السبب على المسبب فلا يرد ما ذكره، وهذا ما جنح إليه الزمخشرقي، ولولا هذا لكان ادّعاء الاستعارة لغواً، وقوله وهو حكاية حال ماضية لما كان الظاهر أرينا جعله حكاية للحال الماضية استحضارا لصورته حتى كأنه حاضر شاهد. قوله:) تبصره دلائل الربويية) إن قرأناه فعلا من بصره يبصره فيكون ملكوت الذي هو نائب الفاعل بمعنى دلائل الربوبية أو بتقدير مضاف لكن هذه عبارة الكشاف بعينها، وقد ضبطها العلامة في شرحه على صيغة المصدر المنصوب وجعلها مفعولاً ثانيا مقدر التري، وهو يصح هنا وكأنه من طريق الرواية. قوله: (ربوييتهما وملكهما) الملكوت مصدر كالرغبوت والرحموت كما قاله ابن مالك وغيره من أهل اللغة وتاؤه زائدة للمبالغة، ولذا فسر بأعظم الملك،! وقوله ربوبيتهما إشارة إلى مصدريته، وقال الراغب: إنه يختص به تعالى وتفسيره الأوّل إشارة إلى معناه الحقيقي ورؤيتها إن كانت الرؤية بصرية رؤية آثارها، والثاني إشارة إلى معناه المجازي لأنّ ذلك هو المرئي، وقيل الأوّل ناظر إلى كون الرؤية رؤية البصيرة، والثاني إلى كونها رؤية البصر، وفيه نظر. قوله: (ليستدذ الخ (إشارة إلى ما مرّ في أمثاله من أنه إمّا معطوف على علة مقدّرة أي ليستدل وليكون أو علة لفعل مقدر أي وفعلنا ذلك الخ وقيل إنّ الواو زائدة وهو متعلق بما قبله، وهذه الوجوه جارية في كل ما جاء في القرآن من هذا فيل ينبغي أن يراد بملكوتهما بدائعهما وآياتهما لأنّ الاستدلال من غاية إراءتها لا من غاية إراءة نفس الربوبية، وقد مزت الإشارة إلى أنّ رؤية الربوبية برؤية دلائلها وآثارها، وقيل إنّ الاستدلال مع قطع النظر عن كونه سبباً للإيقان لا يكون علة للإراءة فكيف يعطف عليه بإعادة اللام وليس بشيء، وقوله وفعلنا تدره مقدما لأنّ العلة ليست منحصرة فيما ذكر، ومن قدره متأخرا رأى أنه المقصود الأصلي. قوله: (تفصيل وبيان لذلك) أي تفصيل للجملة المذكورة والترتيب ذكرى لتأخر التفصيل عن الإجمال في الذكر وليس في هذا دليل على أنه بالبصيرة أو البصر وقوله:) وقيل عطف الخ (قيل فائدته التنبيه على أنه صلى الله عليه وسلم في معرفة ربه إلى مرتبة الإيقان بالاستدلال وإقامة البرهان بحيث قدر على إلزامهم، وان كان ذا نفس
قدسية لا يحتاج في اعتقادها بالذات إلى وساوس الأدلة، وكونه عطفاً على قال إبراهيم تبع فيه الزمخشري وهو تسمح والأوّل على إذ قال كما صرّج به غيرهما وقوله: (فإنّ أباه الخ) بيان لوجه المناسبة والارتباط، وقيل إنهم كانوا يعبدون الكواكب فاتخذوا لكل كوكب صنما من المعادن المنسوبة إليه، كالذهب للشمس، والفضة للقمر ليتقرّبوا إليها، فالصنم كالقبلة لهم فانكر أوّلأ عبادتهم للأصنام بحسب الظاهر، ثم أبطل منشأها وما نسبت إليه من الكواكب بعدم استحقاقها لذلك أيضاً. قوله: (وجق عليه الليل ستره بظلامه) هذه المادّة بمتصرّفاتها تدل على الستر قال الراغب: أصل الجن الستر عن الحاسة، يقال جنة الليل وأجنه وجن عليه فجنه ستره وأجته جعل له ما يستره وجن عليه ستره أيضأ، والزهرة بضم الزاي وفتح الهاء كتؤدة نجم في السماء الثالثة وتسكين الهاء في غير ضرورة الشعر خطأ، كما في أدب الكاتب، وفيه نظر وان نظر وان اشتهر خلافه، والوضع سوق مقدمة في الدليل لا يعتقدها لكونها

الصفحة 84