كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

الحكاية، وعلى قاعدة العربية في مقام الإخبار، وأمّا ما قيل وكان اختيار هذه الطريقة واجبا لصيانة الرب عن شبهة التأنيث فيرد عليه إنّ هذا في الرب الحقيقي مسلم، ورذ بأن مراد القائل ما ذكره هذا الفاضل بقوله ويحتمل الخ والحكم بالوجوب بالنظر إلى اقتضاء المقام فلا يرد عليه شيء، وأجيب أيضا بأنه على تقدير أن يكون مسترشدا ظاهر وعلى المسلك الآخر إظهاراً لصونه ليستدرجهم إذ لو حقر بوجه ما كان سبباً لعدم إصغائهم، وقوله: (من الإجرام الخ) إشارة إلى أنّ ما موصولة ويصح جعلها مصدرية، وقوله: (ومخصص الخ) أي يخصصها بصفاتها كالبزوغ والأفول. قوله: (لتعدّد دلالته الأنه انتقال مع اختفاء واحتجاب ولكل منهما دلالة كما عرفت، والبزوغ وان كان انتقالاً مع البروز لكن ليس للثاني مدخل في الاستدلال، وقيل عليه إنّ البزوغ أيضاً انتقال مع احتجاب إلا أنّ الاحتجاب في الأوّل لاحق وفي الثاني سابق، وإما إنّ جوابه يؤخذ مما بعده وهو رؤيتها في وسط السماء فلا يشاهد البزوغ حتى يستدل به فلا يخفى ما فيه، فليتأمّل. قوله: (وخاصموه في التوحيد (أي تارة بأدلة فاسدة واقفة في حضيض التقليد، وأخرى بالتخويف فأشار إلى جواب كل منهما وإليه شار المصنف رحمه الله بقوله ولعله الخ فتدبر. قوله: (في وقت الخ) إشارة إلى ا! أن يشاء على معنى الظرف مستثنى من أعمّ الأوقات استثناء مفرّغا، وقال الزمخشريّ: إنّ الوقت محذوف فيه، وقال أبو البقاء: إنّ المصدر منصوب على الظرفية من غير تقدير وقت وقد منع ذلك ابن الأنباري فقال: ما معنا. يجوز خروجنا صياح الديك، ولا يجوز خروجنا أن يصيح الديك على معنى وقت صياحه، وإنما يقع ظرفاً المصدر الصريح، وأجاز ذلك ابن جني من غير فرق بينهما كما في الملتقط وغيره والاستثناء متصل، ويجوز أن يكون منقطعا على معنى ولكن أخاف أن يشاء ربي خوفي ما أشركتم به، وشيئا مفعول به أو مفعول مطلق وأن يصيبني بيان له. قوله: (بتخفيف النون) واختلف في أيهما المحذوفة، فقيل نون الرفع وقيل نون الوقاية، والأوّل مذهب سيبويه، وهو أرجح لقلة التغيير بالحذف والكسر ولأنه عهد حذفها للجازم وهذه لغة غطفان وهي لغة فصيحة ولا يلتفت إلى قول مكيّ إنه ضعيف. قوله: (لأنها لا تضرّ بنفسها (قيد بنفسها لأنها تضرّ إن شاء الله مضرتها وقوله ولعله إنما أتى بلعل لأنه لم يسبق له ذكر، وإنما فهم من قوله أخاف، والتهديد يؤخذ من تعليقه شيئا بمشيئته تعالى. قوله: (كأنه علة الاستثناء) في الكشاف أي ليس بعجب ولا مستبعد أن يكون في علمه إنزال المخوف بي من جهتها كرجمه بالنجوم لأنه إذا أحيل شيء إلى علم الله أشعر بجواز وقوعه. قوله: (أفلا تتذكرون الخ) قد مرّ أنّ فيه وجهين تقدير معطوف عليه أي أتسمعون هذا فلا تتذكرون، أو تقديم الهمزة من تأخير لصدارتها أي بعدما أوضحته من الدلائل الظاهرة المقتضية لشرعة التذكر إشارة إلى أن ما صنعوه ناشئ عن الغفلة. قوله: (وكيف أخاف ما أشركتم) أي أشركتموه به فحذف اختصاراً لعلمه بالقرينة وذكره فيما بعده، ولأنّ المراد تخويفهم، وذكر المشرك به أدخل في ذلك، وأمّا ما قيل إنه ليعود إليه الضمير فيما لم ينزل به، فليس بشيء لأنه يكفي سبق ذكره في الجملة، والظاهر أن يقال في وجهه والنكتة فيه إنه لما قيل قبيل هذا رلا أخاف ما أشركتم به، كان هذا كالتكرار له فناسب الاختصار إنه ى! يب حدّفه إشارة إلى بعد وحدانيته عن الشريك، فلا ينبغي عنده نسبته إلى الله ولا ذكره معه، ولما ذكر حال المشركين الذين لا ينزهونه عن ذلك صرّح به، وهذه نكتة بديعة فمن قال هنا لا بذ من بيان فائدة حذف بالله في الأوّل وإثباته في الثاني ولم أر أحداً تعرض له، فأقول لعل الوجه في ذلك إنّ مقصود إبراهيم صلى الله عليه وسلم في الأوّل إنكار أن يخاف غير الله تعالى سواء كان مما يشركه الكفار أو لا، وبالجملة خصوصية الإشراك بالله تعالى مقصودة في هذا المقام، وأمّا قوله: (ما أشركتم
} دون أن يقول بالله فلان الكلام
فيما أشركوا وفي الثاني إنكار. عدم خوفهم من إشراكهم بالله فإنّ المنكر المستبعد عند العقل السليم هو الإشراك بالله تعالى لا مطلق الإشراك فلذا حذفه في الأوّل وأتى به في الثاني انتهى. فلا يخفى أنه تطويل من غير طائل مع أنّ ما أشركوا كيف يدل على ما سوى الله غير الشريك، وهو عجيب منه وأنت في غنى عنه مما

الصفحة 87