كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

أوضحناه لك.
قوله: (وهو حقيق بأن يخاف منه كل الخوف) أي يخاف بسبب عذابه وعقابه الخوف الشديد، وفي الكشاف وأنتم لا تخافون ما يتعلق به كل مخوف وقدر أنتم ليبين أنهم أحقاء بالخوف فبنى الكلام على تقوى الحكم فعلى هذا يصح أن يكون قول المصنف رحمه الله وهو حقيق الخ بيانا لمآل الجملة وهو لا ينافي كون الجملة حالية وإن طعن فيه بأنّ المضارع المنفيّ لا يقرن بالواو كالمثبت لكنه غير مسلم ومنهم من جعله قيدا، وقال هذا القيد مع القيد السابق أعني قوله ولا يتعلق به ضرّ يومي إلى أنه جعل قوله ولا تخافون الخ عطفاً على جملة أخاف وان كان الزمخشري جعلها حالاً من فاعل أخاف أو مفعوله. قوله: (بالقادر الضاز النافع (وفي نسخة والقادر الضارّ، وهي ظاهرة لأنّ بين لا تضاف إلا لمتعدد وأمّا على هذه فقيل الباء بمعنى مع متعلق بمحذوف، وهو مع المجرور في محل نصب حال عن المقدور لا متعلق بالتسوية والا فلا يكون لبين معنى وهو تعسف. قوله: (بإشراكه) بيان لأنّ في الكلام مضافا مقدّرا وقيل إنه أرجع الضمير إلى الإشراك المقيد بتعلقه بالموصول فلا حاجة إلى العائد وهو مبنيّ على مذهب الأخفش في الاكتفاء في الربط برجوع العائد إلى ما يتلبس بصاحبه، كما مرّ تحقيقه في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [سورة البقرة، الآية: 234] الآية لكنه لم يذكر مثله في ربط الصلة ولا بعد فيه، وقوله لم ينصب الخ فعدم التنزيل كناية عن ذلك، وقيل هو تعميم للدليل بحيث يشمل العقليّ والنقليّ، والسلطان الحجة فمعنا. على الثاني ظاهر وعلى الأوّل لأنه متضمن للحجج والبراهين. قوله: (احترازاً من تزكية نفسه) فأدرج نفسه فيمن زكاه إخفاء لتزكية نفسه لأنه أدعى لترك العناد إذ تزكية النفس، وان طابقت الواقع ربما دعت الخصم إلى اللجاج فلا يقال إنّ من ادّعى أنّ الحق معه لا يكون مزكياً لنفسه، وكيف لا والتزكية بالباطل كذب لا تزكية، ووجه أيضا بأنه للإشارة إلى أنّ أحقية إلا من لا تخصه بل تشمل كل موحد ترغيباً لهم في التوحيد. قوله: (استئناف منه) أي من إبراهيم صلى الله عليه وسلم محكيا عنه، والظاهر أنه استئناف نحويّ لا بياني لأنه ما كان جواب مقدّر، وهذا جواب سؤال محقق، بقي هنا ا!
ابن هشام رحمه الله قال في المغني الاستئناف النحوقي ما كان في ابتداء الكلام، أو مقتطعا عما قبله، وهذا خارج عنهما لارتباط الجواب والسؤال فكيف يكون استئنافا نحوياً، والجواب عنه أنه في ابتداء كلام المجيب تحقيقاً أو تقديراً فيدخل فيما ذكره، أو المراد بكونه مقتطعا عما قبله أن لا يعطف عليه ولا يتعلق به من جهة الإعراب وان ارتبط بوجه آخر. قوله: (والمراد بالظليم هنا الشرك) فإن قلت لا يلزم من قوله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [سورة لقمان، الآية: 13] إن غير الشرك لا يكون ظلما قلت: التنوين في بظلم للتعظيم فكأنه قيل لم يلبسوا إيمانهم بظلم عظيم ولما تبين أنّ الشرك ظلم عظيم علم أنّ المراد لم يلبسوا إيمانهم بشرك أو أنّ المتبادر من المطلق أكمل إفراده. قوله: (لما روي الخ) (1 (هذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وأحمد ابن حنبل والترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه فقول النحرير: كما ستراه قريبا إن صح لا يليق به، وقوله: يصدق بتشديد الدال يصح قراءته مجهولاً ومعلوما. قوله: (وقيل المعصية الخ) هذا ما ارتضاه الزمخشري تبعا لجمهور المعتزلة لأنّ تفسير الظلم بالشرك يأباه ذكر اللبس أي الخلط إذ هو لا يجامعه، وإنما يجامع المعاصي قال النحرير: قد شاع استدلال المعتزلة بهذه الآية على أنّ صاحب الكبيرة لا أمن له، ولا نجاة من العذاب حيث دلت بتقديم لهم على اختصاص الأمن بمن لم يخلط إيمانه بظلم أي بفسق، وأجيب بأنّ المراد بالظلم هنا الشرك الذي هو ظلم عظيم كامل، ويشبه أن يكون تنكير ظلم إشارة لهذا بدليل ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه والزمخشرقي دفعه بأنّ لبس الإيمان بالشرك أي خلطه به مما لا يتصوّر لأنهما ضدان لا يجتمعان، والحديث إن صح خبر واحد في مقابلة الدليل القطعي فلا يعمل به، والقول بأنّ الفسق أيضا لا يجامع الإيمان عند المعتزلة لكونه اسما لفعل الطاعات، واجتناب المعاصي حتى إن الفاسق ليس بمؤمن كما أنه ليس بكافر مدفوع بأنه كثيراً ما يطلق على نفس التصديق بل لا يكاد يفهم منه بلفظ الفعل غير هذا حتى إنه يعطف عليه عمل الصالحات، وأجيب بأنه إن أريد بالإيمان مطلق التصديق سواء كان باللسان، أو غيره فظاهر أنه

الصفحة 88