كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

يجامع الشرك، كالمنافق وكذا إن أريد تصديق القلب لجواز أن يصدّق بوجود الصانع دون وحدانيته كما في قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [سورة يوسف، الآية: 06 ا] وهو ما أشار إليه المصنف رحمه الله، ولو أريد التصديق بجميع ما يجب التصديق به
بحيث يخرح عن الكفر فلا يلزم من لبس الإيمان بالشرك الجمع بينهما بحيث يصدق عليه أنه مؤمن، ومشرك بل تغطيته بالكفر وجعله مغلوباً مضمحلا أو اتصافه بالإيمان ثم الكفر ثم الإيمان ثم الكفر مراراً، وبعد تسليم جميع ما ذكر فاختصاص إلا من بغير العصاة لا يوجب كون العاصة معذبين البتة بل خائفين ذلك متوقعين للاحتمال، ورجحان جانب الوقوع وقيل فيه بحث لأنّ اللبس على هذا المعنى متحقق على تقدير الانتهاء إلى الإيمان بتأخره عنه فيلزم أن ينتفي إلا من حينئذ البتة ولأنّ المراد بالأمن نفيا واثباتاً التعذيب وعدمه، والا قالا من كفر كاليأس ويدفع بأنّ المراد باللبس بالكفر أن يكون الكفر متأخراً لأنه جعل كاللباس والغطاء وما قبله كالتوطثة والفراش، وكون الإيمان يجبّ ما قبله قرينة له كما هو معلوم من الدين بالضرورة، والمراد بالأمن الطرف الراجح الذي هو كالجزم كما أشار إليه وليس هو إلا من الذي يكفر به، وفي بعض الحواشي فإن قيل المؤمن الفاسق الذي مات على الفسق ليس له الأمن فما وجه حمل الظلم على الشرك مع أنه يقتضي أنّ من لم يشرك آمن، وإن كان فاسقا قيل على التقدير المذكور يكون المراد من الأمن الأمن من خلود العذاب، ومن الاهتداء الاهتداء إلى طريق توجب إلا من الخلود فإذا كان المراد من الظلم المعصية، كان الأمن إلا من العذاب مطلقا فتأمّل. قوله: (1 ن جعل خبر تلك) وآتيناها خبر بعد خبر أو معترضة أو تفسيرية، وقيل يصح تعلقه بآتينا لتضمنه معنى الغلبة وجعله متعلقاً بمحذوف في هذا الوجه لئلا يلزم الفصل بين أجزاء البدل بأجنبي. قوله: (بالتنوين (قال أبو البقاء: يقرأ بالإضافة على أنه مفعول نرفع فرفع درجة الإنسان رفع له، ويقرأ بالتنوين فمن مفعول، ودرجات منصوب على الظرفية أو على نزع الخافض أي إلى درجات أو على المصدرية بتأويل رفعات أو هو تمييز، وأما كونه مفعولاً ومن بتقدير لمن فبعيد. قوله: (كلاَ منهما (لم يقل منهم لأنّ هداية إبراهيمءلمجييه معلومة مما سبق، لأنّ الغرض تعديد النعم على إبراهيمءلمجب! بشرف الأصول والفروع، والولد لا يعد نعمة ما لم يكن مهدياً، قيل وإنما ذكر نوحا لمجم! هـ لأنّ قومه عبدوا الأصنام فذكره ليكون له به أسوة وأمّا إنه لما ذكر أنعامه من جهة الفرع ثني بذكر النعمة من جهة الأصل فلا دلالة في النظم على علاقة الأبوّة، وقد قيل إنها معلومة بدليل آخر أو لشهرتها، ولك أن تقول أن من قبل دال عليه، فتدبر. قوله: (الضمير لإبراهيم عليه الصلاة والسلام الخ) وهو من عطاياه التي امتن بها
عليه على كلا الوجهين، لأنّ شرف الذزية وشرف الأقارب شرف لكنه على الأوّل أظهر، ويكون تطرية في مدح إبراهيم صلى الله عليه وسلم بالعود إليه مرّة بعد أخرى، وقال محيي السنة رحمه الله: ومن ذرّيته أي ذرّية نوح ع! ي! هـ ولم يرد من ذرّية إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأنه ذكر في جملتهم يونس صلى الله عليه وسلم وكان من الأسباط في زمن شعياء أرسله الله تعالى إلى أهل نينوى من الموصل وقال إنّ لوطاً صلى الله عليه وسلم كان ابن أخي إبراهيم لمج! هـ ابن تارح آمن بإبراهجم ولشص معه مهاجرا إلى الشأم فأرسله الله إلى أهل سدوم، ومن قال الضمير لإبراهيم صلى الله عليه وسلم يقدر ومن ذزية إبراهيم، وسليمان صلى الله عليه وسلم هدينا لأنّ إبراهيم هو المقصود بالذكر، وذكر نوح لتعظيم إبراهيم ولذلك ختم بيونس ولوط وجعلهما معطوفين على نوحا هدينا من عطف الجملة على الجملة، وصاحب الكشف أخرج إلياس صلى الله عليه وسلم، وليس كذلك لما في جامع الأصول عن الكسائيّ إنهما من ذرّيته فبقي لوط خارجا ولما كان ابن أخيه آمن به وهاجر معه أمكن أن يجعل من ذزيته على سبيل التغليب كما ذكره الطيبي، وعليه ينزل كلام المصنف رحمه الله تعالى 0 قوله: (عطف على نوحاً) وذكر إسماعيل وان كان من ذرّية إبراهيم لأنّ السكوت عن إدراجه في الذرّية لا يقتضي أنه ليس منهم، وأنما لم يعد في موهبته لأنّ هبة إسحق كانت في كبره وكبر زوجه فكانت في غاية الغرابة، وذكر يعقوب لأنّ إبقاء النبوّة بطنا بعد بطن

الصفحة 89