كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

على كلا فضلنا وجوّز أن يريد بكلا أحدهما لا على التعيين، فقوله أو هدينا هؤلاء إشارة إلى أنه واقع موقع المفعول به لتأويله ببعض، وقوله: فإنّ الخ إشارة إلى وجه ذكر من التبعيضية في النظم، وقوله تكرير لبيان ما هدوا إليه أي لأجل بيانه لأنّ المهديّ إليه لم يتكرّر، والمكرّر الهداية، وقوله: ما دانوا به يعني أديانهم، ويصح أن يكون إشارة إلى الهدي إلى الطريق المستقيم. قوله: (دليل على أنه متفضل عليهم بالهداية) قيل فيه دليل على أنّ الهداية بمشيئته تعالى، وأما أنه متفضل بها فمبناه على عدم لزوم المشيئة لذاته وذلك غير ذلك، وردّ بأنه ظاهر من لفظ المشيئة فإنها مرادفة للإرادة ومن كلمة التبعيض، ولذا قال بعضهم لما جعل المشيئة علة الهداية صارت تفضلاً بلا شبهة فاندفع ما فيه وما أورد عليه. قوله: (مع فضلهم) قيل لو أخره بعد قوله: (لحبط عملهم) كان أولى وأمره سهل، وقوله: (بسقوط ثوابها) إشارة إلى أنّ سقوط الأعمال لا يتصوّر بعد الوقوع، وإنما الساقط جزاؤها، وقوله: (والرسالة أليس عطفاً تفسيريا بل المراد أنّ النبوّة وان كانت أعمّ فالمراد بها ما يشمل الرسالة لأنّ المذكورين رسل، وقد يقال إنما ذكر الأعمّ في النظم لأنّ بعض من دخل في عموم آبائهم وذرّياتهم ليسوا برسل فلا يرد عليه أنّ تفسير النبوّة بالرسالة غير ظاهر، وتفسير هؤلاء بقريش من قرينة خارجية مع دلالة إشارة والمقام. توله: (أي بمراعاتها) هذا تفسير لمحصل معنى التوكيل بها لأنّ معناه الحفظ، وما قيل المراد بتوكيلهم بها توفيقهم للإيمان بها والقيام بحقوقها كما يوكل الرجل بالشيء ليقوم به ويتعهد فمعنى المراعاة داخل في معنى التوكيل إن أراد أنه تفسير له بجزء معناه، فلا نسلمه لأنه وما ذكره من لوازمه ولو سلم فإنما تركه لتكرّره مع قوله ليسوا بها بكافرين وما توهم من أنه إشارة إلى تقدير مضاف، وأنّ فيه مبالغة لأنه يقتضي مراعاة المرإعاة تعسف لا وجه له. قوله.
(وهم الأنبباء عليهم الصلاة والسلام المذكورون ومتابعوهم) رجحه الزمخشري بوجهين، الأوّل أنّ الآية التي بعده إشارة إلى الأنبياء المذكورين عليهم الصلاة والسلام فإن لم يكن الموكلون هيم لزم الفصل بالأجنبي الثاني أنه مرتب بالفاء على ما قبله فيقتضي ذلك، وقيل إنّ فيه بعداً فان الظاهر كون مصذق النبوّة ومنكرها مغايراً لمن أوتيها، ولدّلك رجح بعضهم غير هذا الأوّل وهو أن يراد كل مؤمن، وقوله وقيل الملائكة قال الإمام فيه بعد لأنّ القوم قلما يقع على غير بني آدم. قوله: (فاختص) أمر من الاختصاص أي اجعله منفرداً بذلك واجعل الاقتداء مقصوراً عليه وهو مستفاد من التقديم. قوله: (والمراد بهداهم الخ) فإن قيل الواجب في الاعتقاد وأصول الدين هو اتباع الدليل من العقل أو السمع، ولا يجوز لا سيما للنبي مج! يي! أن يقلد غيره فما معنى أمره بالاقتدأء بهداهم قلنا معناه الأخذ به لا من حيث إنه طريقهم بل من حيث إنه طريق العقل والشرع ففيه تعظيم لهم وتنبيه على أنّ طريقهم هي الحق الموافق للعقل والسمع كذا قال النحرير: وفيه إنّ اعتقاده حينئذ ليس لأجل اعتقادهم بل لأجل الدليل فلا معنى لأمره بالاقتداء في ذلك، وأيضا قيل عليه أنّ الأخدّ باصول الدين حاصل له قبل نزول هذه الآية فلا معنى للأمر يأخذ ما قد أخذ قبل إلا أن يحمل على الأمر بالثبات عليه، فتعين كما قاله بعض المحققين إنّ الاقتداء المأمور به ليس إلا في الأخلاق الفاضلة والصمفات الكاملة، وإذا أمر رسوله ىشيي! أن يقتدي بجميعهم في ذلك، وهو معصوم عن مخالفة ما أمر به ثبت أنه اجتمع فيه جميع ما تفرق فيهم من الكمال، وثبت بهذه الآية أنه أفضل الرسل كما قال الإمام رحمه الله: وهو استنباط حسن فثبت أنه أفضل من الجميع كما ثبت أنه أفضل من كل واحد منهم، ولما نقل عن ابن عبد السلام إنه لا يدلّ على تفضيله على الجميع شنع عليه علماء عصره، واعلم أنّ المأمور بالاقتداء فيه هو العقائد لا الفروع مطلقا فما قاله النحرير: وغيره لا وجه له. قوله: (فليس فيه دليل عليه الصلاة والسلام متعبد بشرع من قبله) كما ذهب إليه كثير واستدلوا بهذه الآية وردّه المصنف كغيره بأنّ المراد بها العقائد الدينية مما لا يتبذل دون الفروع لأنها ليست مضافة إلى الكل، ولا يمكن التأسي بهم جميعاً فيها لتناتض الأحكام وأيضاً لو تعبد بشريعة لنقل إلينا ولم ينقل وقد عرفت ما في هدّا الوجه الذي اختاره فتذكر. قوله: (والهاء في اقتده

الصفحة 91