كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

ادّعى النبوّة، واستولى على اليمن، وأخرج بعض عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فأهلكه الله على يد فيروز الديلمي، وجاء خبر قتله قبيل موته صلى الله عليه وسلم وقيل عقبه، وقوله: (اختلق) بالقاف بمعنى افترى، وعمرو بن لحيّ منقول من تصغير لحى، وهو الذي حرم البحائر وسيب السوائب في الجاهلية والزمخشري قصره على من ادّعى النبوّة والمصنف عمم وأو للتنويع لا للترديد، وعن النبيّ بوو: " رأبت فيما يرى النائم كأن في يديّ سوارين من ذهب فكسرا علئ، وأهماتي، فأوحى الله إلئ أنفخهما فنفختهما فطارا عني، فأؤلتهما الكذابين اللذين أنا بينهما كذاب اليمامة مسيلمة وكذاب صنعاء الآسود العنسي " (1 (، كذا في الكشاف، قالوا والتأويل المذكور لأنّ السوار سيما الذهبي لا يناسب الرجال سيما الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكونهما في يديه دليل على نزاع فيما يتقوّى به من أمر النبوّة ونفخهما إشارة إلى استحقار شأنهما وزوالهما بأدنى شيء وقد كنت تأوّلت هذه الرؤيا قبل الوقوف على هذا بأنّ الذهب النبوّة لأنه أشرف المعادن، وأنفعها لأنه خواتيم الله في أرضه التي بها التعامل، كما أنها
أشرف صفات البشر الذين بهم تنتظم الأمور وكونها سوار إشارة إلى أنها بعده أو أنه يذهبها رجلان من أصحابه وهما الصذيق بأمره وخالد بن الوليد بمباشرته رضي الله عنهما والطيران بالنفخ زوالهما بدون مباشرته بنفسه بل بمقتض كلامه وشرعه، ثم وقفت على هذا وهو قريب مما قلته. قوله: (أو قال أوحى إلئ) فسره الزمخشري بمسيلمة الكذاب والأسود العنسي والمصنف رحمه الله جعله عبد الفه بن أبي سرح كاتب الوحي لما كان هذا داخلاً في الافتراء على الله وجه العطف باو بأنّ المراد بالثاني هو القول ولو على سبيل الترديد فيه، وقال الإمام: إنه في الأوّل يدعي أنه أوحى الله إليه ولم ينكر نزول الوحي على النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي الثاني أثبت الوحي لنفسه، ونفاه عنه صلى الله عليه وسلم، فكان جمعاً بين أمرين عظيمين، وهو إثبات ما ليس بموجود، ونفي ما هو موجود فجعل الواو عاطفة وضمير إليه للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وعلى توجيه غيره الواو للحال والضمير لمن وكون سبب النزول قصة ابن أبي سرح) 1 (ذكره ابن عطية في تفسيره، وقال ابن عرفة أنه غير صحيح ولم يبين وجهه. قوله: (كالذين قالوا الخ) فيكون دعوا. أنه سينزل بمعنى أنه قادر على ذلك والزمخشري حمل هذه الآية على ابن أبي سرح وساق حديثه هنا، ورجح بأنه ليس في حديثه أنه أوحى إليه بل ادّعى القدرة على ذلك لو روي أنّ هذه القصة كانت لابن أبي خطل، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم لكن ابن الجوزي قال: إنه موضوع، وحديث ابن أبي سرح أخرجه ابن جرير عن السدي بدون قصة فتبارك الله، وقال ابن سيد الناس: في سيرته إنّ عثمان رضي الله عنه شفع له عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فقبله بعد تلوّم وحسن بعد ذلك إسلامه حتى لم ينقم عليه شيء ومات ساجدا وأكثر بلاد المغرب فتحت على يديه في زمن عثمان رضي الله عنه. قوله: (حذف مفعوله) ، ثم لما حذف أقيم الظاهر مقام المضمر إذ أصله ولو ترى الظالمين إذ هم وتقييد الرؤية بهذا الوقت ليفيد أنه ليس المراد مجرّد رؤيتهم بل رؤيتهم على حال فظيعة عند كل ناظر، وما قيل ظاهره إنّ المفعول المحذوف هو الظالمون ولكن المقصود أنه هيئة كونهم
في غمرات الموت، حال كون الملائكة باسطي أيديهم وجواب الشرط المحذوف شاهد لما قلت، فهو تعسف لتفسيره الكلام بما لا يدل عليه نعم هو وجه آخر، وقيل المفعول إذ والمقصود تهويل هذا الوقت لفظاعة ما فيه وجواب الشرط مقدر أي لرأيت أمرا فظيعا هائلاً. قوله: (شدائده) يعني أصل معنى الغمرة المرّة من غمر الماء ثم استعير للشدة وشاع فيها حتى صار كالحقيقة واليه يشير قول المتنبي:
وتسعدني في غمرة بعدغمرة سبوح لهامنها عليها شواهد
فانظر موقع قوله سبوح هنا ومثله بسط اليد هنا على الوجه الأخير. قوله: (بقبض أرواحهم الخ) ، والمتقاضحي الغريم الذي يطلب قضاء حقه والملظ بالظاء المعجمة والطاء المهملة الملح الملازم، وقوله: كالمتقاضي صريح في أنه تشبيه لفعل الملائكة في قبض أرواح الظلمة بفعل الغريم الملح في استيفاء حقه، وفي الكشف أنه كناية عن ذلك ولا بسط ولا قول حقيقة وقيل الظاهر من كلام المصنف رحمه الله أن يكون

الصفحة 96