كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

هذا القول حقيقة لا تمثيلا وتشبيها لفعل الملائكة عند قبض أرواحهم بفعل الغريم الملظ، كما ذهب إليه في الكشاف فحمل قوله كالمتقاضي على التنظير وأنّ هذا الفعل صادر منهم حقيقة كما يصدر من الغريم، وهو الذي ارتضاه في الانتصاف وبه نطقت الآثار فبسط اليد إئا حقيقة أو على سبيل التمثيل وإذا كان بسط اليد بالعذاب بنحو الضرب فهو حقيقة أو المراد زيادته كما في قوله بل يداه مبسوطتان. قوله: (يقولون لهم الخ) فأخرجوا في محل نصب مقول قول مقدر وهو كثير مطرد والقول المضمر في محل النصب على الحالية من الضمير في باسطو الأمر على الأوّل للعنف بهم، وعلى الثاني للتوبيخ والتعجيز، والأوّل ناظر إلى قبض أرواحهم والثاني إلى قوله بالعذاب، ولو عمم لقوله وخلصوها لكان له وجه، وليس تقدير القول منافيا للتمثيل لأنه على سبيل الفرض أيضا، والمراد باليوم مطلق الزمان لا المتعارف وهو إما حين الإماتة أو ما يشمله وما بعده. قوله: (وإضافتة إلى الهون الخ) الهون والهوان بمعنى كما في قول الخنساء:
تهين النفوس وهون النفوس يوم الكريهة أبقى لها
واضافة العذاب إما حقيقية لأنّ العذاب قد يكون للتاديب لا للهوان أو هو كرجل سوء
كما في الكشاف لأنّ العذاب مضرّة مقرونة بالإهانة، كما إنّ الثواب منفعة مقرونة بالإكرام فالعذاب مشتمل على الهوان واضافته إليه ليفيد أنه متمكن فيه لأنّ الاختصاص الذي تفيده الإضافة اً قوى من اختصاص التوصيف، والعراقة بالعين المهملة الأصالة وأصلها ثبات العروق قيل، ولو ذكر ادّعاء الولد والشريك فيما مضى لكان أنسب، وتعدية القول بعلى لتضمنه الافتراء واليه أشار بقوله كاذبا، وجملة ولقد جئتمونا الخ مستأنفة من كلامه تعالى، ولا ينافي قوله تعالى: {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ} [سورة البقرة، الآية: 174، لأنه كناية عن الغضب وكونه من كلام ملائكة العذاب بعيد. قوله: (جمع فرد (على خلاف القياس، وفي الدر المصون فرد بفتح الراء، وقيل: بسكونها وفي نسخة فردان كسكران، وهو يقتضي أنه مفرد محقق لا مقدر، وفي الصحيح كأنه جمع فردان في التقدير إلا أن يكون تسمح في التعبير، وقال الراغب؟ هو جمع فريد كأسير وأسارى وكسالى بضم الكاف وفتحها جمع كسلان وفراد بالضم كرخال جمع رخل أنثى الضأن، وهو جمع نادر لم يات منه إلا كلمات مخصوصة كما مرّ، وقوله: فرداً كثلث يعني بضمتين مفرد بمعنى منفرد كعنق كما في القاموس، فكان الظاهر تكراره كما يقال فردأ فردا لكنه يؤوّل بما أوّل به قوله تعالى: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} ، [سورة غافر، الآية: 67] ووقع في نسخة فراد كثلاث المعدول عن فرد فرد وقيل إنه من تحريف النساخ لما قيل إنّ مجيء هذا الوزن المعدول مخصوص بالعدد بل ببعض كلماته، ولم نره في اللغة ولا في كلام من يوثق به.
زقلت) في الدرّ المصون يقالط جاء القوم فراد غير منصرف كأيحاد ورباع في كونه صفة معدولة وبه قرئ، وقرئ منوّنا مصروفا أيضاً فلا عبرة بإنكاره وكون العدل مخصوصا بما ذكر غير مسلم وإنما هو شائع فيه وإلى هاتين القراءتين أشار المصنف رحمه الله بقوله فرادا كرخال الخ فما ذكر من قلة الاطلاع، وفي تفسير الفراء فرادى جمع والعرب تقول قوم فرادى، وفراد غير منصرف شبهت بثلاث ورباع وفرادى واحده فرد وفريد وفرد وفردان ا!. وفردى كسكرى تأنيث فردان والتأنيث لجمع ذي الحال. قوله: (بدل) أي بدل كل من كل لأنّ المراد المشابهة في الانفراد المذكور والكاف حينئذ اسم بمعنى مثل أو فرد، وعلى الحالية فهي إما حال مترادفة أو متداخلة، وقوله عند من يجوز تعدد الحال أي من غير عطف وهو الصحيح، وقوله أو مشبهين هو على هذا حال أيضا وعطفه بأو لأنه قسيم لما قبله معنى لأنه على ما قبله شبيه في
الانفراد وفي هذا باعتبار ابتداء الخلقة فلا وجه لما قيل الظاهر أن يقول أي مكان أو، وقوله: (مشبهين ابتداء خلقكم) كذا قدره أبو البقاء واعترض عليه المعرب بأنهم لم يشبهوا بابتداء خلقهم فصوابه أن يقدر فيه مضاف أي مشبهة حالكم حال ابتداء خلقكم وفيه نظر، وحفاة جمع حاف وهو خلاف المنتعل، والغرل بغين معجمة وراء مهملة ولام الأقلف وصحفه بعضهم عزلاً بعين مهملة وزاي معجمة، وهو خطأ لأنّ هذا هو المروي المأثور في الحديث (1) ، والبهم جمع بهيم أو أبهم وأصله الخيل التي لا شية فيها واستعير للخالي عما يغير هيئته الأصلية، وقوله مجيئا المراد بالمجيء هنا الخلق والإعادة ولذا جعل

الصفحة 97