كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

كما خلقناكم صفة له، وقوله: فشغلتم إشارة إلى أنه متضمن للتوبيخ، والتخويل بالخاء المعجمة الأنعام وأصله ملك الخول وهم الخدم والنقير النقرة في ظهر النواة ويكنى به عن الشيء الحقير وقوله ما قدمتموه كناية عن كونهم لم يصرفوه إلى ما يفيد في الآخرة وكان الظاهر في العبارة أن يقول ما قدّمتم منه شيئا فكأنه جعل شيئا بدلاً من ضمير المفعول تنصيصا على العموم ولا يضرّ توسط منه لأنه ليس بأجنبيّ. توله: (في ربوبيتكم الخ) يعني أنّ فيكم متعلق بشركاء على حذف مضاف، وهو الربوبية واستحقاق العبادة عطف تفسيري له وقدره الزمخشريّ، في استبعادكم لأنهم حينئذ دعوها آلهة وعبدوها فقد جعلوا لله شركاء فيهم وقيل استعبده جعله عبدا فقوله في استعبادكم أي استعباد الإله إياكم، ولو قال في عبادتكم لكان أصوب لأنهم عبدوها فقد جعلوها شركاء في عبادتهم لا استعبادهم وردّ بأنه لم يجعل ال! ضاف المقدر عبادتكم لأنّ جعلهم شركاء في العبادة، كان على الحقيقة لا الزعم دمانما الزعم كونهم شركاء في اتخاذهم عبيدا ولك أن تجيب عنه بأنّ معنى جعلهم شركاء في العبادة العبادة الحقة المستحقة، وهي ليست على الحقيقة وإليه يشير كلام المصنف رحمه الله. قوله: (أي تقطع وصلكم الخ) هذا على قراءة الرفع وقد قرئ بهما يعني أنه من الأضداد أي الألفاظ المشتركة بين ضدين كالقرء للحيض، والطهر فيكون مصدرا لا ظرفا، وقيل إنه على هذا مصدر بمعنى البينونة والفصل وتحقيقه أنه قد يقال بيني وبينك شركة في كذا كما يقال بيني وبينك فراق والشركة من قبيل الوصلة فاستعمل لذلك بمعنى الوصل وتد اقتدى في ذلك بالإمام وتحقيقه أنّ بعضهم كابن عطية طعن في هذا بأنه لم يسمع من العرب البين بمعنى الوصل، وإنما انتزع من هدّه الآية فقيل عليه إنه فهم أنه معنى حقيقي لها، وهو مجاز كما قاله الفارسي لأنها تستعمل بين الشيئين المتلابسين في نحو بيني وبينك رحم وصداقة وشركة فصارت لذلك بمعنى الوصلة، ولو قيل بأنه حقيقة لم يبعد فإنّ أبا عمرو
وأبا عبيد وابن جني والزجاج وغيرهم من أئمة اللغة نقلوه وكفى بهم سنداً فيه فكونه منتزعا من هذه الآية غير مسلم، وقيل هو ظرف أسند إليه الفعل على الاتساع هذا توجيه لقراءة الرفع فهو على هذا لازم الظرفية لكنه توس! ع فيه كما يتوسع بجعله مفعولاً، وفيه نظر، وقيل إنه منصرف غير لازم للظرفية وعليه الزمخشريّ في سورة العنكبوت، وقوله: (والمعنى الخ) يعني أنه وان أسند إليه لفظا لكن المعنى على الظرفية إذ التقدير وقع التقطع بينكم في قراءة النصب. قوله: (وحفص عن عاصم بالنصب) فالوجوه السابقة على قراءة الرفع وأوّله المصنف رحمه الله بما ذكره وقيل إنه الفاعل وبقي على حاله منصوباً حملا له على أغلب أحواله، وهو مذهب الأخفش، وقيل إنه بنى لإضافته إلى مبنيّ كما مز في مثل ما أنكم تنطقون، وقوله: (إنها شفعاؤكم (قيل المناسب للمقام إنها شركاء دته في الربوبية ألا ترى إلى قوله {لَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء} (فلت) ما ذكره المصنف رحمه الله هو المناسب لقوله تعالى: {مَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ} . قوله: (على إضمار الفاعل لدلالة الخ) أي تقع الأمر أو الاشتراك بينكم أو وصلكم، وقيل إنّ الفاعل ضمير المصدر ولا يخفى إباء العبارة عنه إذ قوله لدلالة ما قبله لا يناسبه ولو كان كذلك لقال لدلالة الفعل عليه، وقال أبو حيان أنه ليس بصحيح لأنّ شرط إفادة الإسناد مفقودة فيه وهو تغاير الحكم والمحكوم عليه ولذلك لا يجوز قام القائم أو هو أي القيام، وفيه أنه سمع من العرب بدا بداء وقد قدروا في قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} [سورة يوسف، الآية: 35] بدا البداء فليتأمّل، ثم إنه إذا كان الضمير للمصدر فالمعنى على تأويل التقطع كما مرّ لئلا يصير التقدير تقطع التقطيع، وإذا تقطع التقطيع حصل الوصل وهو ضد المقصود. قوله: (أو أقيم مقامه موصوفه الخ) فما موصوفة لا موصولة ولو سلم جواز حذف الموصول وابقاء صلته، وهو مذهب الكوفيين كما نقله المعرب لأنها إذا كانت ظرفاً غير متصرّف يلزم حذف الفاعل من غير بدل يحل محله وجوازه في مثله غير مسلم، وقد أشار أبو حيان رحمه الله تعالى إلى منعه ولم يذكر فيه خلافا قال: والذي يظهر لي أنه من باًب التنازع سلط على ما كنتم تزعمون تقع وضل فاعمل الثاني، وهو ضل وأضمر في تقطع ضميرها وهي الأصنام فالمعنى لقد تقطع بينكم ما كنتم تزعمون وضلوا

الصفحة 98