كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

عنكم كما قال تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} [سورة البقرة، الآية: 66 أ] أي لم يبق إيصال بينكم وبين ما كنتم تزعمون أنهم شركاء فعبدتموهم وهذا إعراب حسن لم يتنبه له أحد. قوله: (بالنبات والشجر (لف ون! ئمر مرتب لأنها تتشقق ويخرج م! نها شيء ينمو والحب معروف، رالنوى ما في
جوف التمر، ثم إنّ قوله الشقاق الخ مروي عن مجاهد رحمه الله وضعف بأنه لا دلالة له على كمال القدرة مع أنّ الشقاق داء يكون في الدواب، وأما استعماله بمعنى الشق فلم يذكره أهل اللغة إلا أنه وقع في شرح التسهيل صيغة فعال يكون للادواء كالزكام والأصوات كالصراخ قال ابن عصفور: وهو مقيس فيهما وفيما تفرق أجزاؤه كالرفات والحطام فيمكن أن يخرج هذا عليه لدلالته على التفرّق. قوله: (ليطابق ما قبله) قيل مشابهة إخراج الحي من الميت للأنبات تكفي للمطابقة وهذا غفلة عن كونه بيانا لما قبله ولذلك ترك العطف فلا بذ من تعميمه ليصلح لذلك، وقوله: (ذلك) إشارة إلى غير النامي. قوله: (حملاَ على فالق الحب الخ) أي عطفا عليه لا على يخرج الحيّ لأنه بيان لفالق الحب والنوى وهذا لا يصلح للبيان وإن صح عطف الاسم المشتق على الفعل وعكسه كقوله: {صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} [سورة الملك، الآية: 19] والإمام وصاحب الانتصاف جعلاه معطوفاً على يخرج الحيّ من الميت، وفيه من البديع التبديل كقوله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [سورة الحج، الآية: 61] وإنما عدل إلى صيغة المضارع في يخرج ليدل على تصويره وتمثيله واستحضاره، واشتماله على زيادة فيه لا يضرّ ذلك بكونه بياناً، كما أن مخرج الميت من الحيّ بيان مع شموله للحيوان والنبات وله وجه وحجته إنه ورد في آيات أخر معطوفا عليه هكذا يخرج الحيّ من الميت ويخرج الميت من الحي فيبعد قطعها عن نظائرها وإنما عدل إلى المضارع لتصويره واستحضاره لكونه أوّل في الوجود وأعظم في القدرة. قوله: (الذي يحق له العبادة) فسره به ليرتب عليه قوله فأنى تؤفكون ترتباً ظاهر إلا أنه حمله على مفهومه الأصلي دون ذات الواجب تصحيحا للحمل على ما قيل. قوله: (شاق عمود الصبح الخ) عمود الصبح ضوؤه المشبه به وهذا جواب عما يقال ما معنى فلق الصبح، والظلمة هي التي تفلق عنه كما قال تفرّي ليل عن بياض نهار، وحاصله أنّ الصبح صبحان صادق وكاذب تعقبه ظلمة فإن أريد الأوّل فالمراد فالقه عن بياض النهار أو في الكلام مضاف مقدر أي فالق ظلمة الإصباح وان أريد الثاني فالمراد فالقه عن ظلمة آخر الليل التي تعقبه وشاقه منه كما قال الشاعر:
فانشق عنه عمود الفجر حافله
والإصباح مصدر سمي به الصبح قال امرؤ القيس:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى بصبح وما الإصباح منك بامثل
وفتح الهمزة على أنه جمع صبح كقفل وأقفال ويقال مساء وامساء أيضاً قال تناسخ الإصباح والإمساء والغبش بغين معجمة وباء موحدة وشين معجمة ظلمة آخر الليل. قوله: (سكنا) في الكشاف السكن ما يسكن إليه الرجل ويطمئن استئناسا واسنرواحا إليه من زوج أو حبيب ومنه قيل للنار سكن لأنه يستأنس بها ألا تراهم سموها مؤنسة والليل يطمئن إليه التعب بالنهار لاستراحته فيه ويقال للدار سكن أيضا كما قال الراغب فهو يطلق على الزمان والمكان ومن فيه قال:
يابارقاذكرالحشى سكنه م! ض لتابالعقيق من سكنه
فيجوز أن يراد جعل الليل مسكوناً فيه، وقوله التعب بكر العين كحذر صفة مشبهة من التعب، وقوله اطمأن إليه بمعنى سكن إليه، ولذا عذى بإلى كما في الأساس، وقوله: أو يسكن فيه الخلق أي يقروا ويهدؤوا من السكون. قوله: (ونصبه بفعل دلّ عليه جاعل لا به (لأنه يشترط في عمل اسم الفاعل كونه بمعنى الحال أو الاستقبال والكسائيّ وبعض الكوفيين أجازوا عمله بمعنى الماضي مطلقا حملا له على الفعلى الماضي الذي تضمن معناه واستدلوا بهذه الآية ونحوها، وبعضهم جوّزا عما له بمعنى الماضي إذا دخلت عليه الألف واللام، وبعضهم جوّز أعماله في الثاني إذا أضيف إلى الأوّل لشبهه بالمعرف باللام إذا أضيف وهذه مذاهب للنحاة قال السيرافي: الأجود هنا أن يقال إنما نصب اسم الفاعل المفعول الثاني ضرورة حيث لم يمكن إضافته إليه وقد أضيف إلى الأوّل فاكتفى في الأعمال بما في اسم الفاعل من معنى الفعل الماضي

الصفحة 99