كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

بأن تجعل مكان الآية المشتملة على ذلك آية أخرى الخ (التبديل يطلق على تبديل ذات بذات أخرى كبدلت الدنانير دراهم، وعلى صفة بأخرى كبدلت الخاتم حلقة فالظاهر أنّ المراد بقوله أئت بقرآن غير هذأ القسم الأوّل، وقوله أو بدله الثاني لأن تبديل بعض
الشيء ليس تبديلا لذاته بل قريب من تبديل الصفة، والصورة. قوله:) ولعلمهم سألوه الخ (الإسعاف المساعدة بالإجابة إلى ما طلبوه فيلزموه بأنه ليس من عند الله بل هو افتراء منه فلذا بدله وغيره كما يريد وليس المراد أنه لو أجابهم آمنوا، وقوله ما يصح إشارة إلى أن كان تامّة بمعنى وجد ونفي الوجود قد يراد ظاهره، وقد يراد به نفي الصحة فإنّ وجود ما ليس بصحيح كلاً وجود. قوله: (وهو مصدر استعمل ظرفاً) أي هو مصدر على تفعال بكسر التاء ولم يجىء مصدر بكسرها غير تلقاء وتبيان وان وقع في الأسماء غيرهما، وقرئ شاذاً بفتح التاء، وهو القياس في المصادر الدالة على التكرار كالتطواف، والتحوال، وقد يستعمل تلقاء بمعنى المقابل، وأمام فينتصب انتصاب الظروف المكانية، ويجوز جزه بمن أيضا فإنها لا تخرج الظرف عن ظرفيته، ولذا اختصت الظروف الغير المتصرّفة كعند بدخولها عليها فهو هنا كذلك بمعنى من جهتي ومن عندي استعمل في الظرفية المجازية إذ معنى الملاقاة غير مراد هنا فما قيل إن أراد أنه يستعمل ظرفاً ولو في موضع آخر فمسلم كتوجهت تلقاءه اًي جانبه، وان أراد أنه هنا ظرف فممنوع لدخول من عليه لا صحة له. قوله: (وإنما اكتفى بالجواب عن التبديل) يعني أنهم اقترحوا عليه أحد أمرين الإتيان بقرآن آخر والتبديل فأجاب عن التبديل فقط بحسب الظاهر لأن الإتيان بقرآن آخر غير مقدور عليه فلم يحتج إلى الجواب عنه لأنه إذا لم يكن له التبديل لم يكن له الإتيان بقرآن آخر بطريق الأولى فهو جواب عن الأمرين بحسب المآل، والحقيقة، وهم يعلمون أنّ الإتيان بمثله غير مقدور ولكن اقترحوه لما مرّ ولا يصح أن يكون مرادهم الإتيان به من الله تعالى بالوحي أيضاً لأنه لا يناسب قوله إن اتبع إلا ما يوحي إليّ إني أخاف إن عصيت ربي، وأمّا كون عصيانه بالاقتراج على الله فإنه لا يليق به فخلاف الظاهر الناطق به السياق، وفي قوله من تلقاء نفسي إشعار بأنه يكون من الله وهو كذلك كما وقع في نسخ بعض الآيات كما سيشير إليه، وأمّا الاعتراض بأنّ قوله من تلقاء نفسي يشعر بأنه مقدور له، ولكن لا يفعله بغير إذنه تعالى والتبديل بالمعنى الأوّل أي تبديل القرآن بغيره غير مقدور له فليس بوارد لأنّ التبديل المقصود به تبديل البعض بدليل وقوعه في مقابلة الأوّل، والسكوت عن الأوّل لا يشعر بإمكانه بل يشعر بخلافه فتدبر. قوله: (تعليل لما يكون الخ) أي مستأنف لبيان وجه ما ذكره والمستبد المستقل وقوله:) وجواب للنقض الخ) أي أنه جواب لنقض مقدر، وهو أنه كيف هذا وقد وقع مثله بالنسخ لبعض الآيات، واعترض عليه بأنّ قوله من تلقاء نفسي يحصل به جواب النقض فلا حاجة لدفعه بهذا بل الجواب حاصل بالأوّل، وهذا تعميم بعد
التخصيص فيشمل النسخ وغيره، وفيه بحث، وقوله: (ولذلك الخ) أي قيده بقوله من تلقاء نفسي رذا لتعريضهم بأنه من عنده، وسماه عصيانا لأنّ تبديل ما هو من عند الله معصية، وقوله: (وفيه إيماء الخ (لأنّ اقتراج ما يوجب العذاب يستوجبه أيضاً، وإن لم يكن كقعله ولذا جعله إيماء. قوله:! (لو شاء الله غير ذلك (مقتضى الظاهر أن يقال لو شاء الله أن لا أتلوه ما تلوته لأنّ مفعول المشيئة المحذوف بعد لو عين ما وقع في الجواب على ما قرّره أهل المعاني فقيل المراد بقوله غير ذلك عدم تلاوته فهو تفسير بالمعنى، وقد تقدم ما فيه فتذكره. قوله:) ولا أعلمكم به على لساني (دريت بمعنى علمت يقال: دريت بكذا، وأدريتك بكذا وأدريتك كذا فيتعذى بنفسه، وبالباء وكذا العلم لكونه بمعناه قد يتعذى بالباء فيقال علمت به كما استعمله المصنف رحمه الله، وأعلمته بكذا وفي الدرّ المصون أنه إذا تعدى بالباء يضمن معنى الإحاطة، وفي القاموس أنه إذا تعدى بالباء يكون بمعنى الشعور، وفيه نظر. قوله:) بلام التثيد (المراد بلام التاً كيد اللام التي تقع في جواب لو، وليست لام الابتداء لأنها لا تدخل على

الصفحة 13