كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

الماضي، وأفا دخولها في المعطوف على الجواب دونه، وان كان خلاف الظاهر فهو جائز لنكتة، وهي هنا إن إعلامهم به على غير لسانه أشد انتفاء وأقوى قيل، ولا هذه مذكرة ومؤكدة للنفي زائدة لأن لا تقع في جواب لو لأنه يقال لو قام زيد ما قام عمرو دون لا قام، فيه نظر لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع وقوله، والمعنى أي على هذه القراءة.
قوله: (على لغة من يقلب الألف المبدلة الخ) هذه قراءة الحسن وابن عباس رضي الله تعالى عنهما بهمزة ساكنة فقيل إنها مبدلة من ألف منقلبة عن ياء وهي لغة عقيل كما حكاه قطرب فيقولون في أعطاك أعطأك، وقيل لغة بلحرث، وقيل الهمزة أبدلت من الياء ابتداء كما يقال في البيت لبأت وهذا على كونها غير أصلية وقد قرئ بالألف أيضا. قوله: (أو من الدرء الخ) فالهمزة أصلية من الدرء، وهو الدفع والمنع، ويقال أدرأته أي جعلته دارئا ودافعا والمعنى ما ذكره المصنف رحمه الله وقرئ أنذرتكم من الإنذار. قوله: (مقدار عمر (عمر يشبه بظرف
الزمان فينتصب انتصابه أي مدة، وقيل هو على حذف مضاف أي مقدار عمر، واليه ذهب المصنف رحمه الله تعالى وهو بضم الميم وقرأ الأعمش بسكونها للتخفيف وقوله مقدار عمر بالتنوين فأربعين منصوب بدل أو عطف بيان لمقدار ويجوز إضافته، والأربعون سن به تمام الرجولية والعقل، ولذا أكثر جمعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يكون بعدها وكذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم، وقوله من قبل القرآن إشارة إلى أنّ الضضير عائد عليه على معنى النزول وقيل على وقت النزول، وقبل التلاوة وقوله لا أتلوه ولا أعلمه بيان للقبلية المذكورة. قوله: (فإنه إشارة إلى أن القرآن الخ) تعليل للتقرير قيل عليه إنّ كلامه لا يخلو من تشويش ولو جعل قوله فإنّ من عاس تعليلاً لقوله ثم قرر الخ بدل قوله فإنه إشارة الخ وأتى بمعنى قوله القرآن معجز آخراً بأن يق! ول علم أنه معلم من الله وأنّ ما قرأ عليهم معجز خارق للعادة انتظم غاية الانتظام، وقوله بين ظهرانيهم بفتح النون أي بينهم، وفي وسطهم، والقريض الشعر من القرض، وهو القطع،: والبذ بالمعجمة الغلبة والمنطيق بكسر الميم البليغ والأحاديث جمع حديث على خلاف القياس أو جمع أحدوثة، وأعرب بمعنى أظهر، وبين والأقاصيص القصص، وقوله على ما هي عليه أي على النهج التي وقعت عليه مطابقا للواقع وقوله معلم به من التعليم أو الإعلام. قوله: (أفلا تستعملون عقولكم الخ) العقل قوّة للنفس، ونور روحانيّ به تدرك العلوم، وعقل يكون بمعنى علم وأدرك، والمصنف رحمه الله جعله مأخوذاً من العقل المذكور والمراد به استعماله لأنه مما يعلم بالعقل، ويدرك بالفكر. قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى} قد مرّ مرارا أنّ نفي الأظلمية كناية عن نفي المساوي أيضاً، وقوله تفاد تفاعل من الفداء جعل مجازا عن المحاماة، والاحتراز والاتقاء والاجتناب قال الشاعر:
تفادي الأسود القلب منه تفاديا
وقوله مما أضافوه إليه كناية أي مما نسبوه إليه من كونه افتراء منه لأنه المقصود من قولهم: {ائْتِ بِقُرْآنٍ} الخ كما مرّ. وقول: أو تظليم الخ أي نسبتهم إلى الظلم، والحبهم به عليهم فعلى الأوّل القصد إلى نفي ما ذكروه بأنه لا أحد أظلم ممن أسند إلى الله مالم يقله وكذب بآياته، وعلى الثاني يتضمن ذلك مع زيادة لأنّ نسبته إلى الافتراء تكذيب بايات الله
والأوّل أنسب بالمقام وعلى الثاني تعلقه به لأنهم إنما سألوه صلى الله عليه وسلم تبديله لما فيه من ذمّ آلهتهم الذين افتروا في جعلها آلهة، وقيل إنه توطئة لما بعده. قوله: (فكفر بها) يعني أنّ المراد الكفر بكونها من عند الله لا تكذيب ما تضمنته، وقوله: (لأنه جماد الخ) المقصود من هذا الوصف نفي المعبودية عن الأوثان إمّا لأنها جمادات لا تقدر على النفع، والضرّ ومن شأن المعبود القدرة على ذلك وأمّا لأنهم إن عبدوها لا تنفعهم، وان تركوا عبادتها لا تضرّهم ومن شأن المعبود أن يثيب عابده، ويعاقب من لم يعبده، والفرق بينهما إطلاق النفع، والضرّ في الأوّل وتقييده بالعبادة وتركها في الثاني كذا في شرح الكشاف، وكلام المصنف رحمه الله صريح في الأوّل وأو للتنويع. قوله: (وكأنهم كانوا شاكين الخ) أي شاكين في البعث كما أشار إليه بقوله إن يكن بعث لأنّ المتبادر من الشفاعة عند الله أنه في الآخرة، وهو مستلزم للبعث، وقوله لا يرجون لقاءنا يقتضي

الصفحة 14