كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

خلافه من إنكارهم له فإذا كانوا شاكين مترددين كانوا تارة لا يرجون اللقاء، وأخرى يرجونه ويعدونهم شفعاء لهم فيه، وأورد عليه أنه مخالف لقوله تعالى: {لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا} [سورة يونس، الآية: 7] على ما فسره المصنف رحمه الله والفرضر لا يستلزم التردّد والشك يعني هذا القول منهم على سبيل الفرض والتقدير أي إن كان بعث كما زعمتم فهؤلاء يشفعون لنا فلا تنافي بين الآيتين والمراد بالشك مطلق التردّد لا ما تساوى طرفاه، ولذا قال فيما سيأتي على توهم أنه الخ. قوله: (وهذا من فرط جهالتهم الخ) أي ما ذكر في قوله ويعبدون من دون الله الخ، وتركهم عبادة الله من قوله من دون الله لأنّ معناه يعبدون غير الله مما لا يضرّ ولا ينفع والموجد بالجيم بمعنى الخالق فإن قلت الشفاعة نفع ولو كانت متوهمة فكيف هذا مع قوله قطعا الخ قلت مراده بقوله يعلم قطعا علمهم في الدنيا بعدم نفعها وضرّها فإنه محقق وانكارهم مكابرة لا يعتذ بها أو المراد علم غيرها بذلك مطلفا فتأمل. قوله: (أتخبرونه) قيل فسره به مع ظهوره لأنه يرد بمعنى الإعلام وهو غير مناسب للمقام، وفوله وفيه تقريع وتهكم هو الواقع في أكثر النسخ يعني المقصود من ذكر أنباء الله بما لا تحقق له، ولم يتعلق به علمه التهكم والهزؤ بهم، والا فلا أنباء، وقوله العالم بجميع المعلومات إشارة إلى ما
يلزم من نفي علمه بذلك وهو عدم تحققه. قوله: (من العائد المحذوف) وهو مفعول يعلم إذ التقدير يعلمه وهذه الحال مؤكده لنفي الشريك المدلول عليه بما قبله، وهو جار على التفسيرين ووجه التأكيد إنه جرى في العرف أن يقال عند تأكيد النفي للشيء ليس هذا في السماء، ولا في الأرض! لاعتقاد العامة أنّ كل ما يوجد إما في السماء، وأما في الأرض كما هو رأي المتكلمين في كل ما سوى الله إذ هو المعبود المنزه عن الحلول، وهذا إذا أريد بالسماء، والأرض جهتا العلو والسفل، وقيل الكلام إلزامي لاعتقاد المخاطبين أن الأمر كذلك، وعلى كلام المصنف رحمه الله تعالى فيه دليل على نفي مدعاهم لأنّ ما فيهما مخلوق مقهور فكيف يكون شريكأ لخالقه، والمعبود السماوي الكواكب، والأرضيّ الأصنام، والهياكل وقوله: (عن إشراكهم (إشارة إلى أن ما مصدرية، وما بعده إشارة إلى أنها موصولة، والعائد محذوف. قوله: (موجودين على الفطرة الخ) أي فطرة الإسلام، والتوحيد التي خلق عليها كل أحد كما في الحديث فالمراد كونهم على جبلة واحدة قبل أن يظهر خلافه، وهو في ابتداء النشأة بقطع النظر عما عرض لهم فالمراد كونهم على جبلة واحدة قبل أن يظهر خلافه، وهو في ابتداء النشأة بقطع النظر عما عرض لهم أو المراد اتفاقهم على الحق في عهد آدم عليه الصلاة والسلام، قبل اختلاف أولاده أو المراد اتفاقهم على التوحيد، والحق في زمن نوج عليه الصلاة والسلام بعد أن لم يبق على الأرض من الكافرين ديار وفي هذه الوجوه الاتفاق في الحق أو المراد اتحادهم في الضلال والباطل في الفترة، وهذا أضعفها لبعده ولأنه باعتبار الأكثر لأن منهم من كان على الحق أو على الضلال معطوف على الحق. قوله: (باتباع الهوى والأباطيل الخ) هذا ناظر إلى كون الاتفاق في الحق، وقوله أو ببعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام الخ ناظر إلى كونه في الضلال. قوله:) بتأخير الحكم بينهم الخ (يعني أن الناس لما اختلفوا،
وافترقوا إلى محق ومبطل، والله قادر على أن يحكم بينهم وينزل عليهم آيات ملجئة إلى اتباع الحق أو أن يهلك المبطل ويظهر المحق لكن الحكمة، والقضاء الأزلي اقتضيا تأخيره إلى يوم الفصل والجزاء. قوله: (أي من الآيات التي اقترحوها الخ) كآية موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام طلبوا ذلك تعنتا وعناداً والا فقد أتى بآيات ظاهرة ومعجزات باهرة تعلو على جميع الآيات، وتفوق سائر المعجزات لا سيما إعجاز القرآن الباقي على وجه الدهر إلى يوم القيامة، وفسر في الكشاف قوله يقولون بقالوا إشارة إلى أنه لحكاية الحال الماضية ولم يتبعه المصنف رحمه الله لعدم تعينه. قوله: (تصرف عن إنزالها (يعني أن الصارف عن الإنزال للآيات المقترحة أمر مغيب، واعترض عليه بأنه أمر متعين، وهو عنادهم فالمراد إنما الغيب دلّه لا أعلم متى ينزل بكم العذاب المستأصل لشأفتكم لعنادكم، وان كنت عالماً بأنه لا بد من نزوله وأجيب بأنا لا نسلم أنّ عنادهم هو الصارف فقد يجاب المعاند، وقوله تعالى وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون إن دذ على بقائهم على العناد، وان جاءت لم يدل على أن العناد هو الصارف. قوله: (لنزول ما اقترحوه (

الصفحة 15