كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

وقع في نسخة ما اقترحتموه كما في الكشاف، وهو بيان لمتعلق الانتظار، وقيل إنه تهكم بهم لأنه لم يقع، وفيه تأمل، وقوله لما يفعل الله بكم كالقحط الذي دام عليهم، ونصره عليهم، وقتلهم في مواطن كثيرة، وضمير غيره راجع لما+ قوله تعالى: ( {وَإِذَا أَذَقْنَا} الآية الخ (قيل المراد بالناس كفار مكة لما ذكر في سبب نزولها من قحطهم، وطلبهم أن يدعو لهم بالخصب فيؤمنوا، وقيل إنه عاتم لجميع الكفار دون العصاة لأنّ في الاية ما ينافيه، وقوله صحة وسعة تمثيل، ولم يرد به الحصر وفسر مكرهم بالطعن، وقيل هو إضافة ذلك للأصنام والكواكب والحيا بالمد والقصر المطر، والمراد به هنا الخصب، وقوله منكم بيان لأنّ أسرع أفعل تفضيل وذكر للمفضل عليه، وأسرع مأخوذ من سرع الثلاثيّ كما حكاه الفارسيّ، وقيل هو من أسرع المزيد وفيه خلاف فمنهم من منعه مطلقاً، ومنهم من أجازه مطلقاً، وقيل إن كانت همزته للتعدية امتنع والا جاز ومثله بناء التعجب، وقوله قد دبر الخ
تفسير لسرعته والتدبير مجاز عن التقدير أي تقديره لذلك قبل ذلك. قوله: (على سرعتهم المفضل عليها الخ) في الكشاف ما وصفهم بسرعة المكر فكيف صح قوله أسرع مكرا، وأجاب بأنه دل عليه كلمة المفاجأة لأنّ المعنى فاجأوا وقوع المكر منهم وسارعوا إليه، وظاهر كلامه أنّ صحة استعمال أسرع الدال على المشاركة في السرعة متوقف على دلالة الكلام عليه وأنّ وجهه ما ذكر، وكان المصنف رحمه الله لم يصرّح بالصحة إشارة إلى أنه ليس بلازم لكن دلالة الكلام عليه أوضح وأظهر، وهو كذلك وإذا الأولى شرطية، والثانية فجائية رابطة لجواب الشرط والكلام في كونها ظرف زمان أو مكان، وفي العامل فيها وفي الشرطية مبسوط في محله. قوله: (والمكر إخفاء الكيد) الكيد المضرة، والمكر إيصال المضرة، وإطلاقه على الله مجاز، ولا يستعمل إلا مشاكلة، وقد سبق ما فيه، وقوله وهو من الله الخ يعني إطلاقه عليه إمّا استعارة بتشبيه الاستدراج به أو مجاز مرسل أو مشاكلة فإنها لا تنافيه كما في شرح المفتاح. قوله: (تحقيق للاثتقام (كما مرّ من أنه إذا ذكر علم الله أو إثباته بكتابة ونحوها لما فعله العباد فهو عبارة عن المجازاة، وقوله لم يخف الخ. تجهيل لهم في مكرهم، واخفائهم ذلك على من لا يخفى عليه خافية. قوله: (بالياء ليوافق ما قبله) هذه قراءة الحسن ومجاهد ونافع في رواية عنه جريا على ما سبق من قوله منهم ولهم، والباقون بالخطاب مبالغة في الإعلام بمكرهم والتفاتاً لقوله قل الله إذ التقدير قل لهم فناسب الخطاب، وفي قوله إنّ رسلنا التفات أيضا إذ لو جرى على قوله قل الله لقيل إن رسله فلا إشكال فيه كما قيل من حيث إنه لا وجه لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم إنّ رسلنا إذ الضمير لله لا له، وأجيب بتقدير مضاف أي رسل ربنا أو الإضافة لأدنى ملابسة كما قيل، وقد أجاب بأنه حكاية ما قال الله أو على كون المراد أداء المعنى لا بهذه العبارة، وهذا على تقدير أن يكون هذا الكلام داخلا في حيز القول، وليس بمتعين لجواز جعل قول الله ذلك تحقيقاً للقول المأمور به وفي قوله على الحفظة إشارة إلى أنّ المراد برسلنا رسل الملائكة، ولو قال الكتبة كان أظهر فتأمّل. قوله تعالى: ( {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ} الآية (قال الإمام لما قال تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً} [سورة يونس، الآية: 121 الخ وهو كلام كليّ ضرب لهم مثلابهذا ليتضح ويظهر ما هم عليه، وقوله يحملكم على السير، ويمكنكم في الكشاف فإن قلت كيف جعل الكون في الفلك غاية للتسيير في البحريعني وهو مقدم عليه فلا يكون غاية له إذ التسيير في البحر إنما هو بالكون في الفلك قلت لم يجعل الكون في الفلك غاية للتسيير في البحر، ولكن مضمون الجملة الثرطية الواقعة بعد حتى بما في حيزها كأنه قيل
يسيركم حتى إذا وقعت هذه الحادثة وكان كيت وكيت من مجيء الريح العاصف، وتراكم الأمواج، والظن للهلاك، والدعاء بالإنجاء قال أبو حيان رحمه الله: وهو كلام حسن ولما رآه محتاجا للتأويل أوّله بالحمل على السير والتمكين منه المتقدم على الكون في الفلك ليتضح جعله غاية له فهذا هو الداعي لتفسير المصنف رحمه الله بما ذكر، ولم يحتج لما في الكشاف لأنه قيل إنّ التحقيق أنّ الغاية إن فسرت بما ينتهي إليه الشيء بالذات فالغاية ليست إلا الشرط وأن فسرت بما ينتهي إليه الشيء مطلقاً سواء كان بالذات أو بالواسطة كان الغاية مجموع الشرط، والجزاء وقيل المسير

الصفحة 16