كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

أي لرجوعهم إلى الفطرة التي جبل عليها كل أحد من التوحيد، وأنه لا متصرّف إلا الله المركوز في طبائع العالم وصيغة التفاعل للمبالغة، وقوله من شدة الخوف تعليل للتراجع والزوال المذكور وما ذكره المصنف رحمه الله تفسير ابن عباس رضي الله عنهما، رعن الحسن رحمه الله ليس المراد إخلاص الإيمان بل علمهم بأنه لا ينجيهم إلا الله جار مجرى الإيمان الاضطراريّ فتأمّل. قوله: (وهو بدل من ظنوا بدل اشتمال الخ) جعله أبو البقاء رحمه الله جواب ما اشتمل عليه المعنى من معنى الشرط أي لما ظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله،
وجعله المصنف رحمه الله كالزمخشري بدل اشتمال لأنّ دعاءهم من لوازم ظنهم الهلاك فبينهما ملابسة تصحح البدلية، وجعله أبو حيان رحمه الله جواب سؤال مقدر كأنه قيل فماذا كان حالهم إذ ذاك ومخلصين حال وله متعلق به والدين مفعوله، وقيل إنه لم يجعله استئنافا جواب ماذا صنعوا ولا جواب الشرط وجاءتها حال كقوله: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [سورة العنكبوت، الآية: 65] لأنّ البدل أدخل في اتصال الكلام والدلاله على كونه المقصود مع إفادته ما يستفاد من الاستئناف مع ألاستغناء عن تقدير السؤال والاحتياج إيى المجواب يقتضي صرف ما يصلح له إليه لا إلى الحال الفضلة المفتقرة إلى تقدير قد مع أن عطف وظنوا على جاءتها يأبى الحالية والفرح بالريح الطيبة لا يكون حال مجيء العاصف، والمعنى على تحقق المجيء لا على تقديره ليجعل حالاً مقدرة، وفيه نظر لأن تقدير السؤال ليس تقديراً حقيقيا بل أمر اعتباري مع ما فيه من الإيجاز، وليس بأبعد مما تكلف للبدلية وما عذ. مانعاً من الحالية مشترك بينه وبين كوته جواب إذا لأنه يقتضي أنهما في زمان واحد فما كان جوابها فهو الجواب فتدبر. قوله: ( {لَئِنْ أَنجَيْتَنَا} الخ) اللام موطئة لقسم مقدر، ولنكونن جوابه والقسم وجوابه في محل نصب بقول مقدّر عند البصريين، وذلك القول حال أي قائلين لئن أنجيتنا الخ ويجوز أن يجري الدعاء مجرى القول لأنه من أنواعه فتحكي به الجملة، وهو مذهب الكويين، وقوله إجابة لدعائهم مأخوذ من الفاء. قوله: (فاجؤوا الفساد فيها الخ) يعني أنّ إذا فجائية واقعة في جواب لما، والبغي بمعنى الفساد والإتلاف، وهو الذي يتعدى بفي وهو يكون بحق وبغير حق فلذا قيد بقوله بغير الحق، ويكون بمعنى الظلم، ويتعدّى بعلى ولا يتصوّر فيه أن يكون بحق فلو حمل عليه كان بغير الحق للتأكيد، والى الأوّل ذهب المصنف رحمه الله. قوله: (فإن وباله عليكا الخ) يعني أنّ البغي في الواقع على الغير فجعله على أنفسهم لأنّ وباله عائد عليهم فهو إمّا بتقدير مضاف على متعلقة به أو بإطلاق البغي الذي هو سبب للوبال عليه فعلى متعلقة به أو على الاستعارة بتشبيه بغيه على غيره، وايقاعه بإيقاعه على نفسه في ترتب الضرر فيهما كقوله: {وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا} [سورة فصلت، الآية: 46] أو المراد بالأنفس أمثالهم استعارة أو أبناء جنسهم لأنهم كنفس واحدة، وهو استعارة أيضا، وليس المراد تقدير أمثال لأنه مفسر له. قوله: (منفعة الحياة الدنيا لا تبقى الخ) تفسير للمراد من متاع الحياة الدنيا فإنّ المتاع يطلق على ما لا بقاء له كما مر. قوله: (ورفعه على أنه خبر بغيكم الخ) متاع
قرئ بالرفع، والنصب فالرفع إمّا على أنه خبر بغيكم وعلى أنفسكم متعلق به أو على أنفسكم خبر ومتاع خبر ثان أو خبر مبتدأ محذوف أي هو أو ذلك متاع الحياة الدنيا. قوله: (ونصبه حفص على أنه مصدر مؤكد الخ) قراءة النصب خرّجت على أوجه منها أنه منصوب على الظرفية نحو مقدم الحاج أي زمن متاع الحياة الدنيا، ومنها أنه مصدر واقع موقع الحال أي متمتعين، والعامل عليهما الاستقرار الذي في الخبر، ولا يجوز أن يكون منصوبا بالمصدر لأنه لا يجوز الفصل بين المصدر، ومعموله بالخبر وأيضا لا يخبر عن المصدر إلا بعد تمام صلاته ومعمولاته ومنها أنه مصدر مؤكد لفعل مقدر أي يتمتعون متاع الحياة الدنيا أو مفعول به لفعل مقدر أي يبغون متاع الحياة ولا يجوز أن ينتصب بالمصدر لما تقدم، ومنها أنه مفعول لأجله والعامل فيه مقدر أو الاستقرار ويجوز نصبه بالبغي، وجعل عليكم متعلقاً به لا خبراً لما مرّ، والخبر محذوف نحو مذموم أو منهيّ عنه أو ضلال فقوله مصدر مؤكد أي لفعل محذوف، وقوله: (والخبر محذوف) إشارة إلى أنه لا يجوز على هذا جعل على أنفسكم خبرا لأنه لا يجوز الفصل بين المصدر، ومعموله بالخبر، ولا يخبر عنه قبل تقدم متعلقاته كما مرّ

الصفحة 18