كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

معنيان زمان تخفى فيه الشمس. قليلاً أو كثيراً كما يقال دخل الليل، والآن ليل، وما بين غروب الشمس إلى طلوعها أو قربها من الطلوع، وعليه من هنا تبعيضية أو بيانية فاحفظه. قوله: (مما يحتج به الوعيدية) باعتبار ظأهره أي جعل الذين كسبوا السيئات خالدين في النار، والوعيدية هم القائلون بخلؤد أصحاب الكبائر، وحاصل دفعه أنّ السيئات شاملة للشرك، والكفر والمعاصي، وقد قامت الأدلة على أنه لا خلود لأصحاب المعاصي فخصصت الآية بمن عداهم لا أنّ اللام في السيئات للاستغراق حتى يكون المراد من عمل جميع ذلك كما توهم، وأيضا هم داخلون في الذين أحسنوا لأنّ المراد به من أحسن بالإيمان فلا يدخل في قسيمه لتنافي حكميهما، وكلام المصنف رحمه الله
صريح في تعميم الحكم لغير المشركين لا تخصيصه بهم كما توهم،! وب! سقط ما قيل إن فيه بحثا إلا أن يقال الصطلى ينصرف إلى الكامدل. قوله: ( {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} الخ) يوم منصوب بفعل مقدر كذكرهم وخوّفهم ونحوه والمراد بالفريقين فريقا الكفار من المشركين وأهل الكتاب، وجوّز بعضهم تخصيصه بالمشركين. قوله: (الزموا مكانكأ حتى تنظروا ما يفعل بكم) هذا يحتمل وجهيق أنّ مكانكم اسم فعل لألزموا، وأن يكون ظرفا متعلقا بفعل حذف فسذ مسده، وكلام المصنف رحمه الله كالصريح فيه، وعلى كل حال فهو كناية عن معنى انتظروا والمراد من أمرهم بالانتظار الوعيد، والتهديد، واعترض على الأوّل بأنه لو كان اسم فعل لألزموا كان متعدياً مثله. وليس بمتعد، ولذا قدره النحاة بأثبت، وأجيب بأنه مسبوق به وهو تفسير معنى لا إعراب، وقيل الزم يكون لازما ومتعديا كما في الصحاح فألزم هنا لازم لا متعد فلا يرد ما ذكر، وقيل إنّ مرادهم إنه ظرف أقيم مقام عامله فهو معرب لا اسم فعل مبنيّ على الفتح كما هو قول أبي عليّ الفارسيّ، وهذا كله تكلف وغفلة لما في شرح التسهيل أنه بمعنى أثبت فيكون لازماً، وذكر الكوفيون أنه يكون متعديا وسمعوا من العرب مكانك زيداً أي انتظره وقال الدماميني رحمه الله في شرح التسهيل لا أدري ما الداعي إلى جعل هذا الظرف اسم فاعل إمّا لازما وامّا متعديا وهلا جعلوه ظرفا على بابه ولم يخرجوه عن أصله أي أثبت مكانك أو انتظر مكانك وإنما يحسن دعوى اسم الفعل حيث لا يمكن الجمع بين ذلك الاسم، وذلك الفعل نحو صه وعليك وإليك، وأمّا إذا أمكن فلا كوراءك وأمامك وفيه بحث. قوله: (تكيد للضمير المنتقل إليه من عامله) أي المنتقل إلى الظرف، وهذا ظاهر في أنه باق على ظرفيته وإن احتمل الثاني أيضاً بأن ايكون بيانا لأصله قبل النقل وجعل أنتم مبتدأ خبره محذوف أي مهانون أو مخزيون خلاف الظاهر مع ما فيه من تفكيك النظم ولأنه يأباه قراءة وشركاءكم بالنصب لأنه يصير مثل كل رجل وضيعته ومثله لا يصح فيه لعدم تقدم- ما يكون عاملا فيه. قوله: (ففرقنا بينهم الخ (زيل بمعنى فرق، وليس المراد التفريق الجسماني لأنه لا يناسب ما بعده، ولذا عطف عليه قوله، وقطعنا الوصل للتفسير، وفيه إشارة إلى أن بين منصوب على الظرفية لا مفعول به كما توهم، والوصل جمع وصلة، وهي الإيصال المعنوي الذي كان بينهم في الدنيا وزيل فرق وميز قيل وزنه فعل وهو يائيّ لقولهم في مفاعلته زايل قال:
لعمري لموت لا عقوبة بعده لذي البث أشفى من هوى لا يزايل
أي لا يفارق وأما زاول فبمعنى حاول، وقيل إنه واوفي ووزنه فيعل كبيطر ولولاه لقيل
زول إذ لا داعي للقلب فيه والقول الأوّل أصح لأن مصدركل التزييل لا الزيولة مع أن فعل أكثر
من فيعلى وبدليل زايل وقد قرئ به. قوله:) مجارّ عن براءة ما عبدوه من عبادتهم) قيل إنّ المراد بالشركاء على هذا الأوثان وهي لا تنطق فلذا جعل مجازاً وفيه إنها جمادات لا تتبرأ أيضأ إلا أن يكون هذا على تقدير أن يخلق الله فيها إدراكا ونطقا وهو لا يناسب قوله بعده وقيل لأنّ الظاهر ترك الواو لا جعله قولاً آخر فالظاهر أنه عامّ لما عبدوه شامل لمن له عقل ونطق وحمله على التبري، وأنه بمعنى ما أمرناكم وما حملناكم على ذلك لأنهم عبدوهم في الواقع فكيف يصح نفيه وجعله الإهواء آمرة مجاز عن معنى داعية له، وتوله فتشافههم بذلك أي تكلمهم، وفي نسخة تشاقهم بالقاف بدل الفاء أي تخاصمهم، وفيه إشارة إلى أنّ الحال

الصفحة 23