كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

بالصفات السابقة أي من هذه قدرته، وفسر الحق بالثابت ربوبيته لأن الحقية والثبوت يعتبران باعتبار الوصف الذي تضمته الموصوف به، والله صفة اسم الإشارة وربكم خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف وقوله لأنه الذي أنشأكم إشارة إلى أنّ الإشارة للمتصف بتلك الصفات فيفيد تعليل مضمون الخبر بها وقوله فأنى تصرفون أي كيف تعدلون عن عبادته وأنتم مقرّون بأنه هو الحق. قوله: (استفهام إنكار الخ الأن ما استفهابية وذا اسم إشارة أو ماذا رجمب، وجعل اسم استفهام كما قرّره النحاة والاستفهام الإنكاري لنفي الوجود أي لا يوجد بعد الحق شيء يتبع إلا الضلال فمن تخطى الحق، وهو عبادة الله وحده لا بد وأن يقع في الضلال وهو عبادة غيره على الانفراد أو الإشراك لأنّ عبادة الله مع الإشراك لا يعتذ بها. قوله تعالى: ( {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} ) الكاف في محل نصب نعتاً لمصدر محذوف، والإشارة قيل للمصدر المفهوم من تصرفون أي مثل صرفهم عن الحق بعد الإقرار به، وقيل إلى الحق إمّا السابق أو المذكور بعده، وقوله كما حقت الربوبية لله إشارة إلى أنّ الإشارة إلى ما تضمنه قوله فماذا بعد الحق إلا الضلال أي مثل تحقق ذلك تحقق حكمه أو الإشارة إلى مصدر تصرفون كما مرّ، وكلمة الله بمعنى حكمه وقضائه، وذكر في الكشاف وجهين* في اسمشبه به، وفسر الكلمة بالعلم، والحكم والعدة العذاب وترك المصنف رحمه الله تفسيره بالعلم فالوجوه ستة، وأنهم لا يؤمنون إمّا بدل إن فسرت الكلمة بالحكم، وهو بدل كل من كل أو اشتمال بناء على أنّ الحكم المعنى
المصدري أو المحكوم به أو تعليل إن فسرت بالعدة بالعذاب، واللام حينثذ مقدرة قيله أي لأنهم لا يؤمنون، وفسر الفسق بالتمرد والخروج عن حد الاستصلاج لأنه المحناسب لكونهم مختوما على قلوبهم محكوما عليهم بعدم الإيمان. قوله: (والمراد بها العدة بالعذاب) أي على التعليل المراد بالكلمة ذلك كقوله: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ} [سورة الزمر، الآية: 9 ا] قيل وفي هذا الوجه شيء وهو أنّ الذين فسقوا مظهر وضع موضع ضمير المخاطبين للإشعار بالعلية، والفسق هنا فسر بالتمرد في الكفر فصار محصل الكلام إن كلمة العذاب حقت عليهم لتمردهم في كفرهم ولأنهم لا يؤمنون وهو تكرار لا طائل تحته، وأجيب بأنه تصريح بما علم ضمنا من الذين فسقوا، ودلالة على شرف الإيمان بأنّ عذاب المتمرّدين في الكفر بسبب انتفاء الإيمان، ومنهم من أجاب بأن الذين فسقوا دلّ على كفرهم فيما مضى، ولا يؤمنون على إصرارهم على الكفر فالتعليل الأوّل للعدة بالعذاب، والثاني تعليل لوعدهم به فلا تكرار، ويؤخذ من كلام المصنف رحمه الله أنّ تمردهم في الكفر عبارة عن خروجهم عن حد الإصلاح الذي أوجب لهم الوعيد، وخروجهم عن حده لأنهم مصزون على الكفر مطبوع على قلوبهم فالتمرّد والخروج عن الحد مأخوذ من نفي الإيمان في المستقبل فتدبر. قوله: (جعل الإعادة كالإبداء في الإلزام بها الخ (دفع لسؤال، وهو إن مثل هذا الاحتجاج إنما يتأتى على من اعترف بأن من خواص الإلهية إبداءه ثم إعادته ليلزم من نفيه عن الشركاء نفي الإلهية عنها وهم غير مقرّين بذلك فاً جاب بأنه أمر مسلم عند العقلاء للأدلة القائمة عليه عقلاً، وسمعاً ومنكره مكابر معاند لا التفات إليه. قوله: (ولذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الخ (أي ولعدم مساعدتهم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالجواب عنهم، وقيل عليه إنه جعله جوابا عن ذلك السؤال، وليس كذلك لأنّ السؤال عن الشركاء وهذا الكلام في الله بل هو استدلال على الهيته تعالى، وأنه الذي يستحق العبادة بأنه المبدئ المعيد بعد الاستدلال على نفي الهبة الشركاء نعم إن حمل التركيب على الحصر كان الجواب والاستدلال صحيحا يعني إن اعتبر إفادته الحصر كما قرّر في الله يبسط الرزق فيصير الله يبدأ، ويعيد لا غيره من الشركاء فينتظم الجواب، وهذا في غاية الظهور لدلالة الفحوى عليه لأنك إذا قلت من يهب الألوف زيد أم عمرو فقيل زبد يهب الألوف أفاد الحصر بلا شبهة، وهذا أمر آخر لا يلزم فيه ملاحظة التقديم والتأخير كما قيل لأن قوله هل من شركائكم من يبدؤ الخلق الخ. ومعناه هل المبدئ المعيد الله أم الشركاء ألا ترى إلى قوله: {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي} [سورة يونس، الآية: 35، الخ فتدبره، وقوله:

الصفحة 25