كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

دعوى افترائه مع أنّ العلة ليس ذلك بل هو مع بيان الشرائع والعقائد ومنها إثبات نبوّته وهو الداعي لنزوله أو هو مصدر فعل مقدر أي يصدق، وقرئ برفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف وهي قراءة عيسى بن عمرو ا+لثقفيّ ومعنى لا ريب مر تحقيقه في سورة البقرة.
قوله: (وهو خبر ثالث داخل في حكم الاستدراك الخ) أي لكان المقدرة بعد لكن أو المبتدأ المقدّر والأوّل تصديق والثاني تفصيل وهذا هو الثالث وفصل لأنه جملة مؤكدة لما قبلها
واكتفى ببيان الوجه الأوّل عن الثاني، وقوله ويجوز أن يكون حالاً لم يذكره الزمخشريّ وان كان في كلامه إشارة إليه على ما قيل ومعنى كونه لا ريب فيه أنه لا ينبغي لعاقل أن يرتاب فيه لوضوح برهانه كما مز تحقيقه في البقرة فلا ينافي قوله: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ} [سورة البقرة، الآية: 23] وقوله فإنه مفعول في المعنى بيان لوجه مجيء الحال من المضاف على ما عرف في النحو وأن يكون استئنافا نحويا لا محل له من الإعراب أو بيانيا جواباً للسؤال عن حال الكتاب والأوّل أظهر. قوله: (خبر آخر تقديره كائناً الخ) أي خبر لكان المقدرة أو المبتدأ كما مرّ وإذا كان متعلقا بالتصديق أو التفصيل وفي الكشاف بتصديق وتفصيل فجملة لا ريب فيه معترضة لئلا يفصل الأجنبيّ بين الفعل ومتعلقه، وكذا إذا تعلق بالمعلل، ولذا قيل لو أخره عنه لكان أولى، وكذا على الحالية، والمعلل أنزله الله أي أنزله الله من رب العالمين أي من عنده فأقيم الظاهر مقام الضمير وقوله أو من الضمير في فيه أي المجرور لا المستتر وقوله ومساق الآية يعني قوله، وما كان هذا القرآن الخ والمنع من الظن من قوله، وما يتبع أكثرهم وما يجب اتباعه القرآن والشريعة المذكور في هذه الآية، والبرهان عليه كونه من عند الله ثابتا ما فيه بتصديق الكتب السالفة. قوله: (بل أيقولون افتراه محمد صلى الله عليه وسلم ومعنى الهمزة فيه الإنكار) يعني أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة عند سيبويه رحمه الله والجمهور وبل انتقالية والهمزة للإنكار وجوز الزمخشريّ أن تكون للتقرير لإلزام الحجة قال والمعنيان متقاربان، والمعنى على الإنكار ما كان ينبغي ذلك وضمير افترى للنبيّ صلى الله عليه وسلم لأنه معلوم من السياق، وقيل إنها متصلة ومعاد لها مقدّر أي أتقرون به أم تقولون افتراه وقيل أم استفهامية بمعنى الهمزة، وقيل عاطفه بمعنى الواو والصحيح الأوّل. قوله: (في البلاكة وحسن النظم) أي الانتظام وارتباط بعضه ببعض، وقوة المعنى جزالته وما فيه من الحكم ونحو ذلك وقوله على وجه الافتراء لأنهم اذعوا افتراءه فقال لهم إن كان افتراء فافتروا مثله، وليس المراد الاحتراز عن الإتيان به من جهة الوحي فإنه لا يتحدّى به وليس في الوسع، وقوله: فإنكم مثلي تعليل للتحدي والطلب وفي العربية أي ذلك الجنس وأهل اللسان والتمرّن الاعتياد والعبارة بمعنى التعبير ويجوز أن يريد بالنظم الشعر وبالعبارة النثر أي لكم تمرّن في أنواعه مما لم يصدر مني ولم أتمرّن عليه مثلكم. قوله:) ومع ذلك فاستعينوا بمن أمكنكم الخ) ذلك إشارة إلى المذكور أي مع كونكم مثلي فيما ذكر والفاء
في قوله فاستعينوا إشارة إلى أن دعوتهم لأجله وأنّ دعوتهم كناية أو مجاز عن الاستعانة بهم وفاء فأتوا جواب شرط مقدر دل عليه إن كنتم صادقين أي إن كان الأمر كما زعمتم، وقوله من دون الله يصح تعلقه بادعوا فمن ابتدائية وبقوله من استطعتم فهي بيانية كما أشار إليه في الكشاف، والثاني أولى لأنّ إطلاق ما استطعتم بحيث يعم الخالق والمخلوق ليس على ما ينبغي وقول المصنف رحمه الله سوى الله ظاهر، وجعله استثناء منقطعا تكلف لا داعي له. قوله: (بل سارعوا إلى التكذيب الخ) المسارعة إلى التكذيب مأخوذة من قوله لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله فإن التصديق والتكذيب بالشيء ينبغي أن يكون بعد العلم به والإحاطة بكنهه ومعرفة مآله ومرجعه والا كان مسارعة إليه في غير أوانه، ولذا رأيت بخط بعض الفضلاء المتأخرين إن بل هذه ينبغي أن تسمى فصيحة لأنّ المعنى فما أجابوا أو ما قدروا بل كذبوا، وقرئ بسورة مثله بالإضافة فيكون كقوله فأتوا بسورة من مثله على الاحتماليق. قوله: (بالقرآن أوّلى ما سمعوه الخ) بدل من قوله بما لم يحيطوا الخ أي المراد بما لم يحيطوا بعلمه القرآن قبل أن يتدبروه ويقفوا على شأنه وإعجازه، وقوله أو بما جهلوه عطف عليه أي المراد به ما كذبوه من القرآن المذكور فيه البعث ونحوه مما يخالف

الصفحة 29