كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

المضارع إئا للحال والإيمان لغويّ بمعنى التصديق القلبي، ولا ينافيه تكذيب اللسان أو مستقبل والمراد الإيمان العرفي باللسان، والجنان قيل والمفسدون على الأوّل المعاندون، وعلى الثاني المصرون، وقيل بل المراد بهم على الأوّل المعاندون والمصرون، وعلى الثاني المصرون فقط فتأمّل قال الزجاج كيف في موضع نصب خبر كان وقد يتصرّف فيها فتوضمع موضعالمص در وهو كيفية ويخلع عنها معنى الاستفهام بالكلية وهي هنا تحتمل ذلك، وكذا فول البخارقي كيف كان بدء الوحي، وفي تفصيل، وكلام في الدر المصون فان أردته فراجعه. قوله: (وإن أصرّوا على تكذيبك الخ) أوّله به لأنّ أصل التكذيب حاصل فلا يصح فيه الاستقبال الذي هو مقتضى الشرط وأيضا جوابه، وهو قل لي عملي ولكم عملكم الذي هو عبارة عن التبري والتخلية إنما يناسب الإصرار على التكذيب، واليأس من إجابتهم، ولذا لم يحملوه على المضيّ، وأنّ المعنى إن كانوا قد كذبوا. قوله: (فقد أعذرت الخ) أي بالغت في العذر كما يقال أعذر من أنذر، وقوله حقا كان أو باطلاً أي كل منهما ولذا لم يثنه، وقوله لا تؤاخذون أي تعاقبون ووقع في نسخة تؤخذون والأصح الأولى، وقوله ولما فيه متعلق بقيل قدم عليه وأشار بقوله قيل إلى ضعفه فإنّ مدلول الآية اختصاص كل واحد بأفعاله وثمراتها من الثواب، والعقاب ولم ترفعه آية السيف بل هو باق، وقوله ولما فيه من إيهام الإعراض فيه تسمح، وتقديره قيل إنّ المراد به مجاز الإعراض والتخلية، وهو منسوخ فلا وجه لما قيل إن كان الكلام نظراً إلى معناه الإيهامي فإن كان المعنى الإيهامي يقبل النسخ تئم، والا فالنسخ ليس على معناه العرفيّ. قوله تعالى: ( {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ} الخ (من مبتدأ خبره مقدم عليه، وأعاد ضمير الجمع لمن مراعاة لمعناها، وقد
يراعى لفظها كقوله: {وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ} [سورة يونس، الآية: 43] وقد يجمع بينهما مع تقديم كل منهما، وفيه تفصيل في النحو قد قدمنا طرفاً منه، والمعنى أنّ من المكذبين من يصغي إلى القرآن أو إلى كلامك، وتصل الألفاظ لآذانهم ولكن لا يقبلونها كالأصمّ لا يسمع شيثا سيما إذا لم يعقل فإنه وان وصل لصماخه لا يسمع لعدم تعقله المعنى المراد منه إذ المقصود من الاستماع فهم المعاني، وان كانوا كالصمّ الذين لا يعقلون مع كونهم عقلاء لأن عقولهم مؤفة أي أصابتها آفة ومرض بمعارضة الوهم للعقل، ومتابعة الألف والتقليد فيتعذر عليهم فهم معاني القرآن والأحكام الدقيقة، وإدراك الحكم الأنيقة فلا يتوهم أنّ صدر الآية أثبت لهم الاستماع وعجزها نفاه عنهم والمقدمة الاستدراكية مطوية مفهومة من المقام وبها يتم الانتظام وهي تنبيه على أن الغرض من استماع الحق قبوله، وقوله كالأصم إشارة إلى أنه تمثيل في معرض! الاستدلال على ذلك الاستدراك لأنّ انتفاء الاستماع كناية عن انتفاء القبول، وتقديم المسند إليه في قوله أفأنت تسمع الصمّ عند السكاكيئ للتقوية، وجعله العلامة للتخصيص فتقديم الفاعل المعنوفي، وايلاؤه همزة الإنكار دلالة على أنه ع! ز قصد إسماعهم، وهو منتف عنه أي أنت لا تقدر عليه بل الله هو القادر وسرد الألفاظ سوقها متتابعة من سرد الدرع، ونسجه والناعق الصائح الزاجر كالراعي. قوله: (حقيقة استماع الكلام الخ) قيل بل هو حقيقة السماع ألا ترى أنه تعالى أثبت لهم الاستماع ونفي السماع وفيه نظر والمعاني الدقيقة ما اشتمل عليه القرآن، وقوله أفأنت تهدي العمي تقدر الخ حمله على نفي القدرة لأنه الثابت لله تعالى والمراد بالهداية الموصلة لا مطلق الدلالة لأنه ثابت له صلى الله عليه وسلم وقوله، وان انضمّ الخ حمل النفي في قوله لا يبصرون على نفي البصيرة لمناسبة المقام وليكون تأسيساً. قوله: (فإنّ المقصود من الأبصار هو الاعتبار والاستبصار) جواب سؤال مقدر، وهو أنه أثبت لهم النظر والأبصار باعتبار الواقع ونفاه ثانياً لعدم الغرض! منه الذي جعله كالعدم لا يقال الأصل في كلمة لو الوصلية أن يكون الحكم على تقدير تحقق مدخولها ثابتاً كما أنه ثابت على تقدير عدمه إلا أنه على تقدير عدمه
أولى، والأمر هنا بالعكس لأنا نقول اتصال الوصل بالإثبات جار على المعروف فإن تقديره تسمعهم ولو كانوا لا يعقلون يقتضي إسماعهم مع العقل بطريق الأولى والاستفهام إثبات بحسب الظاهر فإن نظر إلى الإنكار وأنه نفي بحسب المعنى اعتبر أته داخل على المجموع بعد ارتباطه هكذا ينبغي تحقيق هذا

الصفحة 31