كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

روج القدس فالزيادة لمكان التعريض، وأفاد سلمه الله أنّ قوله نزله روح القدس من ربك بدل أنزله الله فيه زيادة تصوير على جواب الطعن بأحسن وجه فإن الحكمة تقتضي التبديل فهو من الأسلوب الحكيم، وفيه نظر.
قوله: (يعنون جبراً الرومي الخ) جبر بفتح الجيم وسكون الباء الموحدة، والراء المهملة،
وهذه الرواية أنسب بإفراد الذي، والحضرمي بالضاد المعجمة نسبة إلى حضرموت واسمه على
ما ذكره السهيلي في الإعلام عبد القه بن عماد وله من الأولاد العلاء وعمر وعامر والعلاء أسلم وصحب النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم على القول بأنهما " غلامان روميان جبر ويسار " كضد اليمين فالذي للجنس، وقوله كانا يصنعان السيف الأولى السيوف كما في الكشاف وعائش بدون هاء مذكر عائشة اسم الغلام المذكور، وقيل اسمه يعيش، وحويطب بالحاء والطاء المهملتين تصغير حاطب وهو جامع الحطب، وقوله وكان صاحب كتب أي كان له دراسة وعلم بالكتب القديمة كالإنجيل. قوله: (وقيل سلمان الفارسي) ضعفه لما في حواشي الكشاف من أنّ هذه الآية مكية وسلمان أسلم بالمدينة وكونها إخباراً بأمر مغيب لا يناسب السياق ورواية أنه أسلم بمكة، واشتراه أبو بكر رضي الله عنه وأعتقه بها ضعيفة لا يعوّل عليها كاحتمال أن هذه الآية مدنية. قوله: (لغة الرجل الخ) إشارة إلى أنّ اللسان هنا بمعنى التكلم مجازاً لا الجارحة المعروفة، وهو مجاز مشهور وقوله يميلون قولهم عن الاستقامة إليه أي ينسبون إليه التعليم، وفيه إشارة إلى أنّ مفعوله محذوف، وأصل معنى لحد وألحد أمال ومنه لحد القبر لأنه حفرة مائلة عن وسطه ولحد القبر حفره كذلك وألحده جعل له لحداً ولحد بلسانه إلى كذا مال، وقوله من لحد القبر بصيغة الماضي أو المصدر ووجه الأخذ ما مر، ولحده وألحده لغتان فصيحتان مشهورتان وليستا كصذه وأصده لأنّ أصده غير مشهورة الاستعمال فليس فيما مر في سورة إبراهيم من أن قراءة الحسن يصدون من أصده منقولاً من صد صدوداً غير فصيحة لأنّ في صده مندوحة عن تكلف التعدية ما يقتضي أنّ قراءة غير حمزة والكسائي ليست بفصيحة كما توهم، وقولهم لسان أعجمي يعني أنه صفة موصوف مقدر، وقوله غير بين تفسير لأعجمي لمقابلته بقوله مبين، وقوله ذو بيان وفصاحة الفصاحة تؤخذ من ذكر هذا الوصف بعد توصيفه بالعربية فإنه يقتضي أنه قوي البيان لا تعقيد فيه، ولا لكنه فتأمل. قوله: (والجملتان مستانفتان الخ) استئناف نحوي أو بياني فلا محل لهما من الإعراب، وفي البحر أنهما حال من فاعل يقولون أي يقولون هذا، والحال أنّ علمهم بأعجمية هذا البشر، وعربية هذا القرآن كان ينبغي أن يمنعهم عن مثل هذه المقالة كقوله أتشتم فلانا، وقد أحسن إليك، وإنما ذهب الزمخشري إلى الاستئناف لأنّ مجيء الاسمية حالاً بدون واو شاذ عنده، وهو مذهب مرجوح تبع فيه الفراء وقد مر تفصيله. قوله: (وتقريره (أي تقرير النظم أو تقرير إبطال الطعن، وقوله بأدنى تأمل من قوله مبين، وتلقفه بالفاء
أي أخذ.، وتناوله منه، وما اسم يكون ومنه خبرها أي مأخوذاً منه وقيل اسم يكون ضمير القرآن وما خبر له وضمير منه للبشر وقوله هب أنه أي قدر ذلك الوصف وأفرضه، وهذا التركيب كما في الحديث: " هب أن أبانا كان حمارا) وقد بيناه في شرح الدرة وحاصلهما مغ تعلمه منه مع سنده، ثم تسليمه باعتبار المعنى إذ لفظه مغاير للفظ ذلك البشر بديهة فيكفي دليلاً له ما أتى به من اللفظ المعجز، وقوله في بعض أوقات مروره استبعاد لتعلم مثل هذا الأمر الجليل في وقت قليل بلفظ يسير عجمي لا سيما مع احتمال أنّ السامع والمتكلم لا يعرفان معنى ذلك فهذا مما يكذبه العقل السليم وقوله معجز باعتبار المعنى لاشتماله على المغيبات. قوله: (لا يصدقون أنها من عند الله) فسره به بقرينة قوله إنما أنت مفتر، وقوله إلى الحق الظاهر أنه تقدير للمتعلق إمّا عامّا شاملا لما هو منج لهم، ولغيره فإنّ من الحق ما لا ينجيهم كالإقرار ببعفالرسل والشرائع القديمة السابقة أو خاصاً كالإيمان بمحمد! يهشي! ونحوه أو الجنة فالتغاير بين التفاسير المأثورة ظاهر فليست أو للتخيير في التفسير لأنّ الحق هو الصراط المستقيم الذي من سلكه نجا كما قيل، ومعنى لا يهديهم أن سبب عدم إيمانهم هو أنه تعالى لا يهديهم لختمه على قلوبهم أو عدم هدايتهم مجازا لعدم إيمانهم بأنّ تلك الآيات من عنده تعالى، وقيل الحق ما هو حق عند الله وهو الإيمان، والنجاة هي النجاة عن العقاب، وفيه تنبيه على أنّ الهداية كما تضاف إلى نفس الحق تضاف إلى طريقه

الصفحة 369