كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

كون الماضي مجازاً عن المستقبل المتحقق وقوعه كما توهم. قوله: (أمرهم بكل ما أحل الله لهم الخ) أمر وأحل تنازعا قوله الله، وما أحل من قوله حلالاً وهو حال من مالا مما دلت عليه من التبعيضية لتكلف الحال من الحرف بلا مقتض، وخصه لأنه لا يأمر بأكل الحرام، والطيب ما يستلذ، وقد يكون بمعنى الحلال في غير هذا، ومن ابتدائية أو تبعيضية والمقصود بهذا بيان ارتباطه بما قبله بالفاء، وقوله صذاً مفعول لأجله من قوله أمرهم أي صدا لهم عن فعله بعد ذلك أو عن الاستمرار عليه، وقوله وشكر ما أنعم توطئة لما بعده وقوله حل بهم مبنيّ على التفسير الأوّل. قوله: (تطيعون الخ (يعني أن هذه مرتبطة بما قبلها، ومؤكدة له فإعا أن تحمل على الطاعة لتطابق الأمر أو تجري على حقيقتها بناء على زعمهم الكاذب من أن الآلهة مقربة لله وشفعاء عنده فعبادتها عبادة له لأنه المستحق للعبادة وما عداه ذريعة له، وإنما أوّلت بهذا لأنهم لم يكونوا يخصون الله بالعبادة. قوله تعالى: ( {إِنَّمَا حَرَّمَ} الخ (مرّ تفسيره وقوله فمن اضطر أي دعته ضرورة المخمصة إلى تناول شيء من ذلك غير باغ على مضطر آخر ولا عاد متعد قدر الضرورة وسد الرمق فالته لا يؤاخذه بذلك، وقوله ليعلم مجهول علم أو معلوم أعلم، وقوله ما عداها حل لهم بكسر الحاء بمعنى حلال، وهذا بناء على أن الأصل الإباحة، والحرمة متوقفة على الدليل، وقوله ثم أكد الخ توطئة لما بعده وإنما كان تأكيداً لأنّ الحصر يفيد أنّ المحرتم والمحلل ما حرّمه الله، وأحله فغيره كذب منهي فالتصريح بالنهي عن الكذب يؤكده ولا ينافيه العطف كما مرّ مرارأ، وقوله كما قالوا الخ مر تفسيره في الأنعام. قوله: (ومقتضى سياق الكلام) وهو النهي عن التحليل، والتحريم بعد تعديد المحرمات والحصر، وليس هذا من السكوت في موضع البيان حتى يكون بيانا لأنه نفي لما عدا ما ذكر. قوله: (1 لا ما ضم) بصيغة المعلوم أي ضمه إليها دلي! آخر من السنة، وهو استثناء من مقدر متفرّع على ما قبله أي فتنحصر المحزمات فيما ذكر إلا ما ضمه الدليل وسكت عن الخيل للاختلاف في حرمتها كما فصل في الفقه، والحمر بضمتين جمع
حمار، والأهلية هي الحمر المركوبة لا الوحشية فإن قلت كيف يضم إليها ما ذكر مع الحصر المنافي له قلت هو لا ينافيه لأنه حصر إضافيّ بالنسبة إلى ما حرموه ولأنّ المذكورات لم تحرم في الماضي فتأمّل. قوله: (وانتصاب الكذب الخ) هذا توجيه لقراءة الجمهور بكسر الذال ونصب الباء، وقد وجهت بوجوه منها هذا، وهو أنه مفعول به، وقوله هذا حلال الخ بدل منه بدل كل، وقيل إنه مفعول مطلق فلا يكون هذا بدلاً منه لأنه مقول القول، وفيه نظر لأنه يجوز أن يكون بدل اشتمال، وهذا من إبدال الجملة من المفرد قال ابن الحاجب رحمه الله تعالى، وهذا بناء على أنّ القول هل هو متعد أو لا، وما على هذا موصولة والعائد محذوف، والمعنى لا تقولوا هذا حلالط، وهذا حرام لما تصفه ألسنتكم بالحل، والحرمة فقدم الكذب عليه وأبدل منه، واللام صلة للقول كما يقال لا تقل للنبيذ أنه حلال أي في شأنه وحقه فهي للاختصاص، وسيأتي لها تفسير آخر، وفيه إشارة إلى أنه مجرد قول باللسان لا حكم مصمم عليه. قوله: (أو متعلق بتصف (أي بيان وتفسير له على إرادة القول أي تقديره بعده ليكون قوله هذا حلال وهذا حرام مقولاً ومعمولاً له والجملة مبينة ومفسرة لقوله تصف الخ لتصديرها بالفاء التفصيلية كما في قوله: {فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} [سررة البقرة، الآية: 54] كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى ويحتمل أنه بيان لحاصل المعنى بلا تقدير وقيل إنه بتضمين القول أي قائلين ذلك واللام بحالها وقوله فتقولوا جواب النهي ولا تعقيد فيه كما في بيت الفرزدق كما توهم إذ لا تقديم ولا تأخير فيه وقوله لما تصفه إشارة إلى أنّ ما موصولة عائدها محذوف. قوله: (أو مفعول لا تقربوا) أي قوله هذا حلال وهذا حرام مقول القول، والكذب مفعول به لتصف فهو معطوف على قوله، وهذا حلال وهذا حرام بدل منه، وهي معطوفة على الاسمية قبلها لا حالط حتى يتوجه ما قيل إنه عطف على قوله أو متعلق لكنه مع ما عطف عليه كان تفصيلا متعلقا بقوله، وانتصماب الكذب بلا تقولوا وهذا ليس كذلك فالوجه عطفه على جملة، وانتصاب الكذب بلا تقولوا الخ بتقدير مبتدأ أي، وهو مفعول لا تقولوا ولا يتكلف توجيهه مع أنه ظاهر، وتردّد المعرب في جواز كون الكذب تنازع فيه تقولوا وتصف، واللام على هذا للتعليل، وبيان أنه فول لم ينشأ عن حجة ودليل كما أشار

الصفحة 376