كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

قال لسارة: " ليس على الأرض اليوم مؤمن غيري وغيرك " كما في البخاري، ومن معاني الأمة كما في القاموس من هو على الحق مخالف لسائر الأديان، وهذا التفسير مرويّ عن مجاهد والظاهر أنه مجاز بجعله كأنه جميع أهل ذلك العصر لأنّ الكفرة بمنزلة العدم.
قوله: (وقيل هي فعلة الخ) الرحلة بضم الراء، وسكون الحاء المهملتين، وهو الشريف
ونحوه مما يرحل إليه فهو بمعنى مرحول إليه، والنخبة بضم النون، والخاء المعجمة والباء الموحدة المنتخب المختار فهو على هذا بمعنى مأموم أي مقصود أو مؤتم به بمعنى مقتدي به في سيرته والآية ظاهرة في الثاني، وقيل إنها تحتملهما قال في الانتصاف ويقوي هذا الثاني قوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [سورة النحل، الآية: 23 ا] أي كان أمة يؤمه الناس ليقتبسوا منه الخيرات، ويقتفوا بآثاره المباركة حتى أنت على جلالة قدرك قد أوحينا إليك أن اتبع ملته واقف سيرته اهـ. قوله: (مائلاَ عن الباطل) أصل معنى الحنف الميل الحسي، ونقل إلى المعنوفي وهو يتعدى بالى إلى الجانب المرضي المأخوذ وبعن إلى المتروك، وأحدهما مستلزم للآخر، ولذا فسر. في الكشاف بالمائل إلى ملة الإسلام غير الزائل عنها، وما فسره به المصنف رحمه الله تعالى غير مخالف له لأنّ من مال عن الباطل وأعظمه الكفر مال إلى الحق وأعلاه الإسلام، والعقائد الحقة وإنما اختاره المصنف رحمه الله تعالى لئلا يتكرر مع ما قبله فمن قال تفسير الزمخشريّ هو الموافق للغة لم يأت بشيء. قوله: (كما زعموا الخ) تنبيه على أنّ فائدته الرد على هؤلاء وإلا لم يفد ذكره، وقوله للتنبيه الخ إشارة إلى أنه عبر به لأنه يعلم منه غيره بالطريق الأولى فلا حاجة إلى استعارة جمع القلة للكثرة، وهذا الجار والمجرور يتعلق بشاكراً ويجوز تعلقه باجتباه، واجتباه إمّا حال وإمّا خبر آخر لكان والى صراط يجوز تعلقه باجتباه، وهداه على التنازع واجتباه بمعنى اصطفاه، واختاره، وقوله في الدعوة إلى الله تعالى في الكشاف في الدعوة إلى ملة الإسلام قيل، وما فعله المصنف رحمه الله تعالى خال من
الإعادة فتأمله. قوله: (بأن حببه إلى الناس الخ) أي جعله محببا في قلوبهم فهم يتولونه أي يجعلونه والياً أي مقتدى به في هديه، وسيرته فحسنة بمعنى سيرة حسنة، وعلى ما بعده فالمعنى عطية، ونعمة حسنة وقوله لمن أهل الجنة أي المستحقين لها، ولمقاماتها العلية فعلى هذا قوله ألحقني بالصالحين أي احشرني مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الدرجات العلى فلا يقال وصف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالصلاح لا يعد مدحا، ولذا قيل المراد بالصالحين الكاملون في الصلاج كما في قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة البقرة، الآية: 5] . قوله: (وثم إمّا لتعظيمه الخ) يعني أنّ ثم إمّا للتراخي في الرتبة فتكون دالة على التعظيم، وقد صرح صاحب الانتصاف أنها لتعظيم المعطوف فلينظر هل تكون لتعظيم المعطوف عليه أيضا، وتحقيقه كما قال المدقق في الكشف إن فيه تعظيما لا يدرك كنهه إما للإيذان بأنّ أشرف ما أوتي خليل الله صلى الله عليه وسلم أتباعه له لدلالة ثم على تباين هذا المؤتي، وسائر ما أوتي من الرتب والمآثر، وأما تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث إن الخليل عليه الصلاة والسلام مع علو مقامه أجل ما أونيه اتباع نبينا صلى الله عليه وسلم له ثم الأمر باتباع الملة دون اتباع الخليل عليه الصلاة والسلام إشارة إلى استقلاله في الأخذ عمن أخذ عنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهذا من بدائعه رضي الله تعالى عنه، ثم إنّ تخصيص إبراهيم عليه الصلاة والسلام دون غيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام صريح في جلالته بكل وجه، فلا يرد عليه أنه تفوت الدلالة على جلالة المؤتى في الوجه الثاني كما قيل، وقوله أو لتراخي أيامه فهي على حقيقتها، وقدّم الأوّل لأنه أبلغ، وأنسب بالمقام. قوله: (في التوحيد والدعوة الخ) أي لا في الشراثع، والأحكام فإنه لم يؤمر بذلك قيل الدين والملة، والشريعة متحدة بالذات مختلفة بالاعتبار كما بين في محله فكون ما ذكر بعد التوحيد من الملة محل بحث، وجهة أنه ليس داخلاً في مفهومها ما ذكر من إيراد الدلائل، ونحوه على تفسيرهم ولا بأس في تسمية ما يتوقف عليه تبليغ التوحيد توحيداً كما يسمى الكلام علم التوحيد مع ما فيه من الأدلة، ومثله سهل. قوله:) تعظيم السبت أو التخلي فيه للعبادة الما كان استعمال جعل في كلام العرب على وجهين فتارة

الصفحة 379