كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

وهو من ملته على زعمهم كما صرح به الإمام. قوله: (بالمجازاة على الاختلاف الخ (قد مر أن الاختلاف هنا على وجهين، وأنّ الاختلاف السابق غير الاختلاف الذي هنا، وان كان الظاهر جعلهما على نسق واحد فتدبر فالمجاز بإثابة من لم يختلف، وعقاب غيره، وبين كلامه وكلام الزمخشري هنا مخالفة لما عرفت. قوله: (ادع من بعثت إليهم (، وفي نسخة إليه رعاية للفظ من وفيه إشارة إلى أنّ المفعول محذوف للدلالة على التعميم لعموم بعثته فلا يناسب المقام تنزيله منزلة اللازم كما لا يناسب قوله وجادلهم، وكون الإسلام سبيل الله ظاهر لأنه الطريق المستقيم. قوله: (بالمقالة المحكمة) أي الحجة القطعية المزيحة للشبهة، وقريب منه أن الحكمة هي الكلام الصواب الواقع من النفس أجمل موقع، وقوله وهو الدليل ذكر فيه ضمير
المقالة رعاية للخبر أو لعدم اعتبار تأنيث المصدر لتأويله بمصدر مذكر أو بأن والفعل، والمزيح بالزاي المعجمة بمعنى المزيل والخطابات بفتح الخاء المعجمة جمع خطابة بفتحها على ما صرح به في القاموس، وغيره ويجوز فيه الكسر والخطابة هي إيراد الكلام في الدعاء إلى الاغراض، ونصر ما يقصده في المحافل العامّة، وهي كالخطبة، والمقنعة من الإقناع، وهو إيراد ما يقنع به المخاطب، وان لم يكن ملزماً كالمقدمات الإقناعية، ولذا خص الأوّل بالخواص، والثاني بالعوام كما في الأثر خاطبوا الناس على قدر عقولهم، وقوله وجادل معانديهم قدر فيه المضاف لأنّ الجدار إنما يحتاج إليه المعاند، وقوله التي هي أشهر فهي لشهرتها تكون مسلمة عندهم لا يمكن إنكارها بخلاف المقدمات المموهة الباطلة فإنّ الجدل بها ديدن المبطلين. قوله: (وتبيين شغبهم (الشغب بفتح الغين المعجمة، وتسكن، وهو الأكثر ولا عبرة بمن أنكر الفتح كالحريري في الدرة، وغيره وهو تهييج الشر والمراد به هنا الشرّ، والفساد. قوله: ( {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ} الآية) هو ضمير فصل للتقوية أو للتخصيص، والثاني هو الظاهر من كلام المصنف رحمه الله تعالى وان احتمل غيره، وقوله وهو أعلم عطف على جملة أن أو على خبرها وايثار الفعلية في الضلال، والاسمية في مقابلته إشارة إلى أنهم غيروا الفطرة بإحداث الضلال، ومقابلوهم استمرّوا عليها، وتقديم أهل الضلال لأنّ الكلام فيهم. قوله:) أي إنما عليك البلاغ الخ) قيل إنه يعني فلا تلح عليهم إن أبوا بعد الإبلاغ مرة أو مرتين مثلا {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ} فمن كان فيه خير كفته النصيحة اليسيرة ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل كما في الكشاف لا أنّ المعنى فلا تعرض! فما عليك باس من إيمانهم فاندفع كما قيل إنّ دلالة الآية على الثاني، وهو المجازاة مسلمة وأفا إنّ حصول الضلالة، والهداية ليس إليه فالآية لا تدل عليه نفياً، واثباتاً لأنه إنما نشأ من تفسيره بما ذكر اهـ، ولا يخفى أنّ ما فسره به هذا القائل أحسن مما في الكشاف فإنّ قوله وجادلهم ناطق بخلافه، وأمّا ما أورده عليه فغيروا رد لأنه إذا انحصر علم الهداية والضلال فيه تعالى علم أنه لا يكون لغيره علمها فكيف يكون له حصولها وهو في غاية الظهور فلا يصح عدم دلالة الآية على ما ذكر، وقوله لا إليك معناه فلا يفوّض إليك فحذف المنفي لدلالة متعلقه بقرينة السياق عليه، وقوله وهو المجازي لهم يعلم من علم الله به كما مر مراراً فلا تغفل ولذا أدرج فيه قوله، والمجازاة بالجرّ عطفاً على المضاف إليه أو بالرفع عطفاً على المضاف. قوله: ( {بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ) } المفاعلة ليست هنا للمشاركة والعقاب في العرف مطلق العذاب، ولو ابتداء، وفي أصل اللغة المجازاة على عذاب سابق لأنها ما يقع عقب مثله فإن اعتبر الثاني فهو مشاكلة، وسماها الزمخشري مزاوجة، وهي خلاف ما اصطلح عليه في البديع، وان اعتبر الأوّل فلا ماكلة فيه، ولذا لم يذكرها المصنف رحمه
الله تعالى فمن قال لا وجه للمشاكلة لم يصب. قوله: (لما أمره بالدعوة وبين له طرقها الخ (قال الإمام هذا هو الوجه الصحيح الذي يجب حمل الآية عليه ليرتبط بما قبله، وأما الوجه الآتي فبعيد جداً لما فيه من عدم الارتباط المنزه عنه كلام رب العزة، وعلى هذا تكون هذه الآية مكية كما قاله ابن النحاس، وعلى الثاني تكون مدنية كما صرح به المصنف رحمه الله تعالى في قوله في أوّل السورة إنها مكية إلا ثلاث آيات في آخرها فهي مدنية (أقول) كون هذه الآية مدنية كما صرح به المصنف، وكون سبب نزولها قصة حمزة رضي الله عنه مصرح به في كتب الحديث، والتفسير ومروي عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم كما في تخريج أحاديث الكشاف للحافظ ابن حجر، وقال القرطبي: أطبق

الصفحة 381